شهد انتصار المقاومة في معركة سيف القدس تحقيق سلسلة من الفوائد الأساسية التي كانت من الأهمية بمكان أن تقوي مكانة وحضور المقاومة وهيبتها أمام الاحتلال الصهيوني، وكان لتراكم القوة في غزة دور في تعزيز هذا الانتصار بأبعاد جديدة وهو ما اعترف به قادة الاحتلال على لسان اللواء الصهيوني عاموس جلعاد بأن غزة (المقاومة) فرضت علينا قواعد لعب جديدة لم نكن نقبلها من قبل، مثل ما حصل في عملية حارس الأسوار (سيف القدس)، فتراكم القوة لدى المقاومة عسكرياً وإعلامياً وسياسياً حازت به نجاحاً باهراً في هزيمة الاحتلال وكشف زيف الرواية الصهيونية وأباطيل الإعلام المزيف للحقائق وشكل انتصاراً لمظلومية هذا الشعب الذي يقاوم الاحتلال الصهيوني النازي والإرهابي الذي يتلاعب بالقانون الدولي وينحرف عن حقوق الإنسان ويسيطر على وسائل إعلام دولية كبرى لتغطية جرائمه الوحشية في اختلال صارخ واعوجاج واضح عن الأعراف والقيم الإنسانية.
لقد فرضت المقاومة هيبتها على الأرض، وهذا لا يعد فقط إنجازًا مهماً فحسب بل يمكننا وصفه بالإنجاز الجوهري في الصراع مع الاحتلال وهو ما انعكس على تصريحات الإعلام الصهيوني في موقع والا الصهيوني أن هذا العام شهد انخفاضا كبيرا في ثقة الصهاينة في جيش الاحتلال، وأنها الأدنى منذ 2008. انتقلت المقاومة نقلة نوعية في ردع الاحتلال الصهيوني بعد معركة سيف القدس التي كسرت هيبة المنظومة الأمنية والعسكرية داخل المجتمع الصهيوني وحققت انتصارا في معركة الوعي وحضوراً لافتاً للرواية الفلسطينية في العالم وجعلها مترسخة للغاية في الأذهان.
وفي خضم ذلك كله فإن التحدي الأكبر مع الاحتلال الآن هو استمراره في تجاهل الواقع الإنساني الصعب الذي يعيشه المواطنون في قطاع غزة، وعليه إدراك الخيارات الحقيقية التي تواجه شعبنا في ظل استمرار هذه السياسة، ما يجعل المنطقة أمام خيارين إما التصعيد وإما الهدوء وتلبية مطالب شعبنا ومقاومته. لقد ذهب الاعتقاد في أعقاب استمرار تنكر ومراوغة قادة الاحتلال بإنهاء الحصار الظالم المفروض على غزة إلى أن الحرب باتت الوسيلة المتاحة حالياً لتحقيق الهدف العادل باستعادة الحقوق التي استولى عليها الاحتلال دون وجه حق.
لا يزال هناك هدوء حذر على حدود غزة وصراع يشتعل، هذا هو الواقع حالياً والذي يمكن أن يتغير سريعاً ويحدث تأثير كبير في المنطقة بعد تهرب الاحتلال من رفع الحصار الظالم على غزة، الذي سيُحدث تأثيرا هائلا في الجميع وهذا يعني أن خطر اشتعال حرب رغم ما بها من تحديات شديدة، إلا أنها لا تزال حاضرة ولا تزال رسائل المناورات العسكرية التي أجرتها المقاومة حاضرة أيضا، ولذلك فإن انتصار المقاومة في سيف القدس وفوزها في معركة الوعي والرواية مع تراكم القوة سيجعل المقاومة مركز الثقل ومحور النصر في أي معركة عسكرية قادمة، وإن هذا النصر سيأتي بالعمل الجماعي الذي برز من خلال غرفة العمليات المشتركة التي نجحت في صقل أشكال الوحدة والتضامن والتعاون بين الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية وذلك تجسيداً لنداء الدفاع عن شعبنا المظلوم في مواجهة آلة القتل والإرهاب الصهيونية.
وفي جوهر الصراع تقف قضية الأسرى في سجون الاحتلال لتكون درة تاج الثوابت لدى المقاومة وتحظى بحضور والتزام قويين وحازمين من المقاومة من أجل إنجاز صفقة لتحرير الأسرى في إطار عملية تلبي شروط المقاومة فلا يوجد لدى شعبنا أدنى شك أن المقاومة تعمل بكامل قدرتها ضمن منظومة واعية بتفكير تكتيكي واستراتيجي لإنجاز صفقة وفاء أحرار جديدة يستعيد من خلالها أسرانا حريتهم وبعهد الصادقين واجتهاد المخلصين وثبات المجاهدين ستكتمل المهمة المقدسة بتحرير أسرانا من سجون الإرهاب الصهيوني.