عادة ما تكون المنتخبات الوطنية هي عنوان نجاح أو إخفاق الدول أو اتحادات كرة القدم فيها في إدارة ملف اللعبة، وعليه تتعرض هذه المنتخبات لنتائج قاسية تفتح جروحًا عميقة في نفس كل فلسطيني مُحب لوطنه ورياضته بصفة عامة وكرة القدم بصفة خاصة.
ولأن نتائج المنتخبات الوطنية في مشاركاتها الأخيرة كانت هي من فتح الجرح الرياضي الفلسطيني، فلا بُد من تأكيد أن اللجنة التي شُكِّلت للقيام بمهمة واضحة وصريحة، وهي تقييم الحالة الفنية للاتحاد.
ولكن يبدو أن الأمور تذهب في اتجاه أن يكون التقييم للمنتخبات ذاتها وأجهزتها الفنية فقط، دون تقييم لأصل الأزمة التي تُعانيها الرياضة الفلسطينية عامة وكرة القدم على وجه الخصوص.
كما أن عملية النقد التي أعقبت خروج جميع منتخباتنا من البطولات التي شاركت فيها، كانت عملية مهمة وضرورية لتدارك الأمور والمساهمة في سرعة العلاج حتى نصل إلى مرحلة نكون فيها منافسين لا مجرد مُشاركين.
إن الخسارة هي نتيجة من ثلاث نتائج، وهي منطقية وطبيعية، ولكنها ليست محور النقاش، لأنه لا يجوز مناقشة وتحليل ثوابت، فهي ثوابت بغض النظر عن الزمان والمكان، ولكن الأمر وصل إلى حد تعرضنا لخسائر قاسية لا تليق بنا، ولكن قساوتها كانت أمراً طبيعياً لحالة الإهمال والتراخي التي اعتمدها اتحاد كرة القدم في عملية تعيين الأجهزة الفنية.
فالمنتخبات الوطنية ليست حقلاً للتجارب، لأن حقل التجارب هي الأندية التي تُنتج لنا منتخبات قوية بعد تجارب عديدة، تجارب متعلقة باختيار مدربين بمستوى حجم المنتخبات التي هي أكبر وأغلى وأثمن من الأندية، وعليه فإن نوعية مدربي المنتخبات الوطنية مختلفة عن نوعية مدربي الأندية، فمدرب المنتخب يصلح أن يُدرب نادياً، ولكن العكس غير صحيح، أو بالأحرى ليس كل مدرب نادٍ يصلح لتدريب منتخب، فما بالكم عندما يكون مدرب المنتخب لم يسبق له أن درب نادياً.
هنا تكمن المشكلة، ومن ثم عندما يختار اتحاد كرة القدم مدرباً غير مُطابق لشروط ومواصفات مدربي المنتخب، وعندما لا يهتم اتحاد كرة القدم بشروط تدريب الأندية، فإن النتاج ستكون دوريًا ضعيفًا، وعليه فإن عملية اختيار اللاعبين لن تكون عملية مثالية.
العيب ليس في المدرب وليس في اللاعب، المدرب واللاعب ضحية لسياسة اتحاد كرة القدم التي إما أنه يعتمد على تقنين المصاريف في ظل وجود فائض في خزينته وميزانيته، أو أنه لا يريد تقدماً للكرة الفلسطينية، وكلا الاحتمالين يحتاجان لدراسة معمقة وتحليل منطقي للوصول إلى تشخيص سليم للأزمة والحالة الفنية والإدارية لاتحاد كرة القدم.
المدرب ضحية لأنه وافق على تولي مهمة ومنصب هو يعلم أنها أكبر منه ومن كثير من المدربين سواء داخل فلسطين أو خارجها، فالمدرب ليس هو من فرض نفسه بالقوة ليُصبح مديراً فنياً، هو موجود في فلسطين منذ 10 سنوات، وعمل مدرباً لحراس المرمى، ولو كنت مكانه لرفضت تولي المهمة، ولكونه قبل المهمة فهو ضحية للاتحاد ولسوء اختياره أو سوء قبوله.
أما بخصوص اللاعبين، فليس بينهم لاعب أتى بكتاب من الرئيس ليُصبح لاعباً، هم نتاج دوري ضعيف، وأي لاعب يتم اختياره للمنتخب يشعر، بالفخر ولكنه ضحية للاتحاد وسياسة رئيسه.
هناك من حرقه ألم الخسارة، فوصف المنتخب عن دون قصد حقيقي بأنه "منتخب الضفة" أو "منتخب الرجوب"، ولكن الحقيقة أنه منتخب فلسطين بإرادتنا وموافقتنا، فهو عنوان الوطن، والخلل ليس في المنتخب مثلما هو ليس ذنب التلاميذ أن مستواهم ضعيف، بكل تأكيد هناك مدرس ضعيف أوصلهم إلى هذا المستوى من الضعف.
ختاماً.. كل ما سبقَ الهدفُ منه عدم الانتظار إلى مرحلة نرى فيها ضحية جديدة من أجل تبرير سياسة الاتحاد ورئيسه، أو تبرِئته مما اقترفه من أخطاء على مدار 14 عاماً من قيادته للرياضة الفلسطينية.. فقط نريد لجنة تضعنا أمام الحقيقة وتضع لنا تصوراً للعلاج.