يواصل الاحتلال الإسرائيلي تسليط سيف الاعتقال الإداري على الأسرى الفلسطينيين دون تهمة ولا محاكمة، بل تصاعدت هذه السياسة خلال العام الماضي لتطال مئات الأسرى وتسرق منهم ومن عائلاتهم لحظات الفرح واللقاء.
وعلى مدار السنوات شكل الاعتقال الإداري سياسة ممنهجة لدى الاحتلال ليكون الجهة الوحيدة في العالم التي تستخدمه دون مبرر ولا قانون ولا حتى ملف قانوني يعرض على المحامين للمعتقلين الذين في غالبية الأوقات لا يعلمون سبب اعتقالهم طيلة هذه الأشهر والسنوات.
أرقام صادمة
أما الفئة المستهدفة من هذا الاعتقال فهم الأسرى المحررون خاصة الفاعلين منهم والمؤثرين على الساحة الفلسطينية؛ فأي مواطن يرى الاحتلال فيه تأثيرا مباشرا على الوضع السياسي أو "الأمني" كما يسميه؛ يتم اعتقاله دون أي مقدمات وزجه على الفور في الاعتقال الإداري.
مكتب إعلام الأسرى أوضح أن عدد المعتقلين الإداريين يفوق 500 أسير؛ وأن الاحتلال أصدر ما يقارب ١٥٩٥ أمر اعتقال إداري خلال عام 2021 معظمها بحق أسرى سابقين كانوا قد اعتقلوا ضمن هذا العنوان المجحف.
وأكد أن 200 أمر اعتقال إداري صدرت خلال شهر أيار/ مايو الماضي ليكون بذلك صاحب أعلى نسبة اعتقالات إدارية بين الأشهر جميعها.
ولفت المكتب إلى أن العام الماضي كان ثورةً في رفض الاعتقالات الإدارية؛ حيث خاض قرابة 60 أسيرا إضرابا عن الطعام بشكل فردي رفضا لهذا الظلم الواقع عليهم، حيث انتصروا جميعا على السجان وحققوا إلغاء الاعتقال الإداري المفروض عليهم؛ وما زال منهم الأسير هشام أبو هواش من دورا جنوب الخليل يواصل إضرابه المفتوح منذ 141 يوما في انتظار انتصاره على سجانه رغم تدهور وضعه الصحي بشكل كبير.
وخلال أيام إضرابه وبعد وصوله لحالة صحية حرجة؛ قامت محكمة الاحتلال بإصدار قرار بتجميد اعتقاله الإداري؛ وهي الخدعة التي تستخدمها أمام الرأي العام العالمي في محاولة منها لإجبار الأسير على إنهاء إضرابه بحجة أنه لم يعد معتقلا؛ رغم أنه وبعد تجميد اعتقاله يبقى تحت حراسة أمن المستشفى ويمنع من التحرك خارجها، ولكن الأسرى يعلمون جيدا ماهية هذه السياسة فيقررون مواصلة إضرابهم رغم التجميد مطالبين بإلغائه نهائيا.
وأوضح أنه لا يقتصر دور محاكم الاحتلال على ممارسة هذا الخداع؛ بل تقوم بمنع المحامي من الاطلاع على ملف اعتقال الأسير بحجة أنه ملف سري لا يسمح لأحد برؤيته سوى مخابرات الاحتلال؛ وبالتالي باتت محاكمات صورية تعقد للأسرى الإداريين، وهو ما دفعهم منذ بداية العام إلى اتخاذ قرار جماعي بمقاطعة المحاكم ورفض حضورها كونها لا تحمل لهم إلا مزيدا من الظلم.
ويحاول الاحتلال خلال الهبّات الثورية المختلفة رفع رصيده من المعتقلين الإداريين بهدف محاولة ترويض الشارع وردعه؛ حيث امتدت هذه السياسة لتشمل أهالي الأراضي المحتلة عام 1948بعد هبة الكرامة التي خاضوها في أيار/ مايو الماضي؛ وكذلك شملت الاعتقالات الإدارية شبانا من القدس المحتلة بعد دفاعهم عن المسجد الأقصى المبارك وحي الشيخ جراح في الشهر ذاته.
وعلى ضوء ذلك تستمر أشكال التصدي للاعتقالات الإدارية بين إضراب فردي أو جماعي عن الطعام أو مقاطعة المحاكم العسكرية أو الامتناع عن الدواء والعلاج أو حتى خطوات من بقية الأسرى لنصرتهم خاصة في ظل عدم وجود ملف قانوني واحد يدينهم.