بخطوات متسارعة يسابق الاحتلال الإسرائيلي الزمن لسرقة أراضي الضفة الغربية المحتلة، حتى بدت صورة المخططات الاستيطانية التي يعلنها مؤخرًا كمن يكمل الأذرع الأخيرة لوضع الفلسطينيين في "كانتونات" محاصرة.
آخر الخطط الاستيطانية أصدرها الاحتلال الجمعة الماضية، إذ أقرت وزارة داخليته خطة دعم واسعة النطاق لمستوطنات الضفة الغربية في ارتفاع قياسي عن العام الماضي.
وذكرت القناة السابعة العبرية أن الخطة تشمل دعم المستوطنات بنحو 140 مليون شيقل، وذلك في ارتفاع زاد 70% مقارنة مع ميزانية المستوطنات الإضافية للعام الماضي.
وبحسب المختص في الشأن الاستيطاني سهيل خليلية، فإن خطط توسيع الاستيطان مستمرة، وأن تخصيص الميزانيات موجود دائمًا ويختلف حسب المشاريع التي تُنفَّذ في العام المحدد، لكن تصاعد الاستهداف كان خلال العام الماضي وسيكون في العام الجاري، وسيتركز في الطرق الالتفافية والمناطق الصناعية.
مشروع متكامل
وقال خليلية لصحيفة "فلسطين" إن مشروع الاستيطان بالضفة الغربية متكامل، ولا يقتصر على البناء فقط، من ثم ستكثر أعمال البنية التحتية للشوارع وتمديد الخطوط الكهربائية والمياه، خاصةً حول مدينة القدس المحتلة والمنطقة المسماة "القدس الكبرى"، والتوسع بمناطق الأغوار التي ستشهد طفرة في البناء الاستيطاني، مشيرا إلى أن الاحتلال أصدر عشرات الأوامر خلال عام 2021 فيما يتعلق بتمديد خطوط جديدة بالأغوار.
وفي وقتٍ يصدر الاحتلال ميزانية جديدة للتوسع الاستيطاني، فإن خليلية يرى أن ذلك مؤشرا على توسيع رقعة البنية التحتية كمقدمة له، وهو ما سيتخلله جرائم دهم واستهداف مباشرة للقرى والتجمعات البدوية في الأغوار، عدا عن أن الدعم الكبير الذي تظهره الميزانية يشير لمشاريع ذات أهمية إستراتيجية.
وعزا سبب تركيز الاحتلال على الطرق الالتفافية لكونها تعد بندًا أساسيًّا في مشروع الاستيطان الذي لن يكتمل دون طرق تفصل المستوطنات عن مناطق السلطة.
وبشأن المشاريع الاستيطانية خلال العام المنصرم التي أثرت على الواقع الفلسطيني، بين أن أبرزها كان مخطط توسعة مستوطنة "عطروت" شمال القدس ببناء 9 آلاف وحدة استيطانية، الذي تم تجميده في أكثر من مناسبة بسبب الضغوط السياسية الدولية الرافضة للاستيطان، ومشروع توسعة مستوطنة "جفعات همتوس" على المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم.
إضافة لذلك، يشاهد من يتجول في شوارع الضفة الغربية الأعمال الجارية على قدم وساق في أعمال التطوير الهندسية على شارع "60" الذي يخترق الضفة من شمالها إلى جنوبها، ويعد شريان المستوطنات، في إطار التوسعة الاستيطانية المتعلقة بالطرق، وفق خليلية.
أولوية المشروع الاستيطاني
ويقرأ المختص في الشأن الإسرائيلي عادل شديد الميزانية الجديدة في إطار إعطاء حكومة الاحتلال أولوية للمشروع الاستيطاني في حدود عام 1967، خاصة أن المجتمع الإسرائيلي أصبح متفهمًا لمخططات تطوير وتسمين المستوطنات الصغيرة بالضفة، وكأنَّ الحاجز النفسي القديم ما بين الاستيطان في الداخل المحتل أو بالضفة بوجود ارتدادات سلبية قد زال.
وقال شديد لـ"فلسطين" إن المعارضة الإسرائيلية للبناء الاستيطاني في الضفة خشية حدوث تداخل واحتكاكٍ مع الفلسطينيين لم تعد قائمة، مع وجود تيار ديني متطرف يدير الحياة السياسية.
وحذر أن خطوة ذلك تكمن بنقص مساحات الأراضي الفلسطينية، ما سيؤدي لإحكام الحصار على كل التجمعات الفلسطينية، حتى يجد الفلسطينيون أنفسهم في "كانتونات" معزولة.
وتشير التقديرات إلى وجود نحو 650 ألف مستوطن في مستوطنات الضفة الغربية بما فيها القدس، يتوزعون في 164 مستوطنة، و116 بؤرة استيطانية.
ورغم حجم الهجمة الإسرائيلية الشرسة على الضفة الغربية، فإن شديد يصف موقف السلطة برام الله بـ"الضعيف" الذي لا يستطيع الوقوف في وجه الانتهاكات الإسرائيلية، بل أصبح "الموقف الرسمي لها ليس له قيمة" وفق تعبيره.