فلسطين أون لاين

اللاجئة رفاعية صالح سعد: هكذا عشتُ يتيمة بلا أم

...

خرجت رفاعية صالح سعد من قرية دير القاسي بفلسطين حين كانت في الثالثة من العمر. لم تكن تدرك ما يحصل حولها، في حين حرمت من أمها عندما كانت في يومها الأربعين، بعدما ماتت من نزيف ألمَّ بها.

ذرفت الحاجة رفاعية صالح سعد المقيمة في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في بيروت، الدموع من عينيها اللتين بالكاد تفتحهما، ما زاد من شحوب وجهها الذي توحي خطوطه بالألم، وقالت: "لا شيء لي في لبنان، البيت والمعيشة بالإيجار، وأمضيت حياتي بقهر وفقر".

وصلت بعد اللجوء مع عمها وجدها إلى بلدة شحيم (جبل لبنان)، وعاشت مع عائلة أبيها لأن أباها تزوج من امرأة أخرى بعد وفاة أمها. 

وتتذكر خلال حديثها لـ"العربي الجديد": "كنت أبكي عندما أسمع الأولاد ينادون أمهاتهم لأنني أريد أمي أيضًا، وكان عمي يخبرني للتخفيف عني أن أمي بفلسطين وستلحق بنا، فأركض فورًا لأخبر الأولاد أن أمي ستأتي".

تتابع: "زارتنا يومًا امرأة من بيروت لم تنجب أولادًا، فطلبت من جدتي أن تأخذني وتربيني، وذهبت معها. وعندما بلغت الثانية عشرة حضر أعمامي إلى منزل المرأة وأعادوني إليهم". 

أنقذتها الخِياطة

وتشير إلى أنها لم تتعلم كبقية الأولاد، إذ كان والدها يعترض على الأمر، ولم يتراجع أمام إصرارها عليه رغم محاولاتها المستمرة لإقناعه. لذا بقيت بلا دراسة، ثم تعلمت الخياطة بعدما تركها زوجها الذي اقترنت به في سن الـ19، كي تعمل وتربي أولادها.

كانت تخيط على الماكينة للناس بمبلغ ليرة لبنانية واحدة في مخيم تل الزعتر. ثم انتقلت بعد سقوط المخيم في الثمانينيات من القرن العشرين إلى بيت عمها (أهل زوجها) الذين لم يتحملوا الأولاد، ما جعلها تقصد منزل خالها في صور الذي تذمر بدوره من الأولاد، فقدمت إلى بيروت وسكنت في منزل في مخيم برج البراجنة كان سقفه من ألواح الصفيح ومهدمًا بفعل قصف الطيران الإسرائيلي للمخيم خلال اجتياح لبنان. 

وتذكر أن صاحب البيت طلب أجرة 250 ليرة، فكان زوجها يرسل لها 50 ليرة، وتدفع الباقي من عمل الخياطة الذي منحها أيضًا القدرة على إنهاء أولادها تعليمهم الثانوي.

تقول: "استشهد أحد أبنائي قنصًا خلال الحرب وتوفي آخر، واليوم أحد أولادي خارج لبنان، ويعيش آخران في مخيم برج البراجنة. وأنا ما زلت أعيش في المنزل المستأجر نفسه، وزوجي معي بعد أن توفيت زوجته، ونعتاش من راتب يتقاضاه من المنظمة".

المصدر / فلسطين أون لاين