فلسطين أون لاين

هل يستمر حياد السلطة تجاه الأزمة الخليجية؟

...
رام الله- الأناضول

يرى محللون سياسيون، أن السلطة الفلسطينية تحاول جاهدة أن تبقى على الحياد تجاه الأزمة الخليجية الحالية، لكنها إن اضطرت لتبني موقف، فسيكون لصالح المحور السعودي، لأسباب عديدة، منها احتضان قطر لخصمها السياسي، حركة حماس.

وأوضح هؤلاء في أحاديث لوكالة "الأناضول"، أن السلطة في رام الله لا تريد "خسارة أي طرف عربي"، وتحاول أن تنأى بنفسها عن الاصطفاف مع أي طرف. ولفتوا إلى وجود العديد من التعقيدات التي تكتنف الموقف الفلسطيني حيال الأزمة الخليجية.

ففيما يتعلق بقطر، يحتفظ رئيس السلطة محمود عباس، وعائلته بعلاقات خاصة مع "الدوحة"، حيث كان يقيم في السابق، لكنها في ذات الوقت، تدعم حركة حماس خصمه السياسي.

أما المحور السعودي، الذي يحرص "عباس" على عدم خسارته، فيضم مصر والإمارات التي تتسم علاقاته بها بالتوتر حاليا، لدعمها للقيادي السابق في حركة "فتح"، محمد دحلان.

وتحتفظ قطر بعلاقات وثيقة مع حركة حماس، حيث تسمح منذ سنوات لقيادتها بالإقامة في "الدوحة".

وبدأت الأزمة الخليجية في 5 يونيو/حزيران الماضي، حين قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر، وفرضت الثلاث الأولى عليها حصاراً برياً وجوياً، لاتهامها بـ"دعم الإرهاب"، وهو ما نفته الأخيرة.

وشدّدت الدوحة على أنها تواجه حملة "افتراءات" و"أكاذيب" تهدف إلى فرض "الوصاية" على قرارها الوطني.

وكان عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" محمد اشتية، قد قال في تصريحات سابقة لوكالة "الأناضول"، إن السلطة الفلسطينية تعتمد مبدأ "الحياد" بشأن الأزمة الخليجية. وقال اشتية: "حريصون على عدم التدخل بالشأن الداخلي للدول العربية، ونتمنى حل الخلاف قريبا".

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي، إن موقف السلطة الفلسطينية المُعلن من الأزمة الخليجية والمتمثل بعدم التدخل، "لن يطول"، مضيفًا: "ستجد السلطة نفسها مجبرة على اتخاذ موقف، ولن يكون في صف قطر".

وتابع: "رئيس السلطة منذ توليه منصبه أكد في العديد من المناسبات على ضرورة عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول العربية، مستشهدا بالآثار السلبية التي لحقت بمنظمة التحرير والشعب الفلسطيني إثر الانحياز مع العراق ضد الكويت 1990".

لكنّ المشهد الفلسطيني الخليجي مُعقد، ومحمود عباس تربطه وعائلته علاقات خاصة بقطر التي عاش وترعرع فيها، ويسعى جاهدا لعدم خسارة أي طرف خليجي، بحسب عرابي.

وقال: "حتى اليوم السلطة الفلسطينية نجحت في عدم التدخل والانحياز، وتدعو للحوار".

في المقابل يرى "عرابي" أن الموقف الداخلي لحركة فتح التي يتزعمها "عباس" منحاز لمحور السعودية، مرجعا ذلك لدعم "قطر" لحركة "حماس" خصمها السياسي.

ولفت إلى وجود توتر بين فلسطين وقطر، بسبب الدعم القطري لحركة حماس.

وأضاف:" لاحقا ستجد السلطة نفسها مجبرة على اتخاذ موقف من الأزمة، لا استبعد أن يكون منحازا للسعودية".

وفي ذات السياق، يتوقّع أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، بلال الشوبكي أن تصطف السلطة برام الله في نهاية المطاف مع المحور السعودي ضد قطر.

وقال: "السلطة الأكثر حرجا عربيا بالشأن الخليجي، تسعى جاهدة أن تبقى في الحياد".

وأرجع الشوبكي الموقف الفلسطيني، إلى وجود مصر والإمارات، داخل المحور السعودي.

وقال:" السلطة لديها رغبة بأن تبقى على علاقات ودية مع السعودية، لكنها حذرة من العلاقة مع النظام المصري المدعوم من دولة الإمارات العربية الداعمة للقيادي السابق في حركة فتح محمد دحلان".

ومنذ سنوات، يسود خلاف حاد بين عباس ودحلان، الذي فُصل من حركة "فتح" في يونيو/حزيران 2011.

ويقيم دحلان في دولة الإمارات، وتربطه علاقات قوية بالشيخ محمد بن زايد، ولي عهد إمارة أبو ظبي، والذي يعد الحاكم الفعلي للدولة. كما تدعم القاهرة، دحلان، وتربطه بها علاقات وثيقة.

وتابع الشوبكي: "في المقابل، السلطة الفلسطينية لا تريد أن تصطف مع قطر الداعم لحركة حماس".

وقال:" في النهاية أعتقد أن السلطة لن تكون مع قطر، إن كان يتوجب عليها حسم موقفها".

وبيّن أستاذ العلوم السياسية، أن السلطة تعمل بكل جهد أن تبقى في الحياد وأن تتخذ مواقف متزنة.

من جانبه، قال جهاد حرب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، إن "دحلان" و"حماس" العاملان الأساسيان في اتخاذ موقف فلسطيني من الأزمة الخليجية.

وأضاف حرب: "عباس يسعى أن يبقى في الحياد، ويجنب القضية الفلسطينية أزمات هي في غنى عنها في ظل وضع سياسي اقليمي معقد".

وتابع:" عباس يأمل بألا يُطلب منه موقف حازم في الأزمة الخليجية، ومن الحكمة عدم اتخاذ أي موقف، والتعويل على حل النزاع بالحوار داخل مجلس التعاون الخليجي".

وقال:" أي موقف يحسب على الفلسطينيين، وعلى الدعم العربي السياسي والأمني والمالي للقضية الفلسطينية".

ويتفق "حرب" مع سابقيه، في أن فلسطين ستقف إلى جانب السعودية في حال أجبرت على اتخاذ موقف.

وأرجع "حرب" ذلك إلى التوتر (المكتوم) بين فلسطين وقطر التي تدعم حركة حماس.