لم يعلم الشاب المتدرب سامي الساعي قبل عشرين عامًا، أن بدايته المهنية في تخصص الصحافة والإعلام، ستودي به في سجون السلطة وهو في ريعان شبابه، ليقضي وقتها 3 أشهر، تبعها 4 أشهر أخرى أسيراً في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وكان هذان الاعتقالان، أولى تجارب الساعي ليعلم صعوبة توجهه في العمل الصحفي الذي بدأ عمله مع انطلاق شرارة انتفاضة الأقصى، متنقلاً بين عدد من وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية.
وفي اعتقال حديث، تعرَّض الصَّحفي الساعي (41 عاماً) إلى اختطاف من مكان عمله وسط مدينة طولكرم، الثلاثاء الماضي، على يد عناصر من جهاز الأمن الوقائي، لتعلم عائلته بالحدث من شهود عيان وأصدقائه، وتبلغ رسمياً بعد أيام.
ومددت محكمة صلح طولكرم شمالي الضفة الغربية المحتلة، الخميس، اعتقال الساعي لمدة 15 يوماً، بعد طلب النيابة العامة ذلك، وفق تهم موجهة إلى الساعي على خلفية قانون الجرائم الإلكترونية.
وأوضحت أماني الجندب، زوجة الصحفي الساعي، أنَّ زوجها تعرض لاعتقال متكرر واستدعاءات متتالية لم تتوقف طوال أكثر من 20 عاماً، مؤكدة أن كل التهم التي يتعرض لها زوجها غير صحيحة ويخرج بريئاً منها.
وأشارت الجندب لصحيفة "فلسطين" إلى أن عناصر الأمن الوقائي اختطفت زوجها من مكان عمله، الذي يعمل به إلى جانب عمله الصحفي، في مهنة بيع العصائر والمرطبات.
وذكرت أن أكثر ما يعانيه زوجها، تكرار اعتقاله عدا عن المعاملة القاسية التي يتلقاها داخل سجون السلطة.
وأشارت إلى أنَّ سامي خلال اعتقاله الحالي، اتهمته السلطة بـ"إثارة النعرات"، ليكتشفوا بعد التحقيق معه في جهاز الأمن الوقائي بمدينة طولكرم، عدم صحة تلك التهم؛ ورغم ذلك أمرت النيابة العامة بتوقيفه 15 يوماً.
وقالت: إنه يعاني من وضع نفسي غير صحي، بفعل اختطافه، ونقله من سجن الأمن الوقائي إلى جهاز الشرطة، مؤكدة أنها زارته الجمعة وأوصلت له ملابسه الخاصة.
وتستعيد الزوجة بذاكرتها لسنوات الاعتقال لزوجها التي تمت خلال أعوام 2011، 2015، 2016،2017، 2019 عدا عن الاستدعاءات المتكرِّرة عدة مرات على خلفية حرية الرأي والتعبير.
وتعرض الساعي وهو أب لخمسة أطفال للاعتقال في سجون الاحتلال في الثامن عشر من مارس 2016م، لمدة 9 أشهر إدارياً، على خلفية كتاباته على فيسبوك المؤيدة للانتفاضة، فيما اعتقله بعدها جهاز المخابرات العامة بعد شهرين من الإفراج عنه حينها على نفس التهم.
وطالبت زوجة الساعي المؤسسات الحقوقية بحماية زوجها والعمل على الإفراج عنه من سجون السلطة، مؤكدة على ضرورة احترام الآخرين في ظل تعدد الأحزاب في المجتمع الفلسطيني.
من جهتها، طالبت لجنة دعم الصحفيين رئيس الوزراء ووزير الداخلية محمد اشتية، بالتدخل شخصياً من أجل الإفراج عن الزميل الصحفي الساعي.
وأكدت لجنة دعم الصحفيين، في بيان، أمس، أنها تخشى على حياة الصحفي "الساعي" الذي سبق وأن تعرض لتعذيب شديد أثناء اعتقاله لدى أجهزة أمن السلطة في شباط 2017م.
وبينت أن الساعي أنكر التهم التي وجهت له من قبل أمن السلطة، وجميعها تتعلق بمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، كما أنكر أي علاقة له بالصفحات التي نشرتها.
ودعت لجنة دعم الصحفيين المؤسسات والهيئات النقابية والحقوقية العمل على تعديل قانون الجرائم الإلكترونية، الذي تستغل أجهزة أمن السلطة بعض مواده خاصة المادة 39 لملاحقة الصحفيين والنشطاء، والتي تمس الحريات الإعلامية وحرية التعبير.
وأكدت اللجنة أن الاعتقال على خلفية الرأي والتعبير يتناقض مع التصريحات التي أطلقها رئيس الحكومة محمد اشتية، وجدد خلالها احترامه لكل السياسات والتشريعات التي ستعمل على حماية المواطنين والصحفيين.