فلسطين أون لاين

​تحليل: الهبة الشعبية ستأخذ منحى تصاعديًا إن أُسندت سياسيًا

...
شبان فلسطينيون يواجهون قوات الاحتلال في بيت لحم أمس (أ ف ب)
غزة - عبد الرحمن الطهراوي

توقع محللون سياسيون أن تأخذ الموجات الانتفاضية الفلسطينية الغاضبة على إعلان الرئيس الأمريكي مدينة القدس المحتلة عاصمة لـ(إسرائيل)، منحى تصاعديا شعبيا خلال الفترة المقبلة يصل إلى عواصم عربية وإسلامية ودولية عدة.

ومنذ الجمعة تشهد مختلف مدن فلسطين المحتلة، مواجهات شعبية مع قوات الاحتلال، وسط دعوات للتصعيد السياسي ضد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القدس.

وأجمد المحللون على ضرورة تقديم القيادة الفلسطينية قرارات وطنية تحافظ على عنفوان الشارع، كإعلان السلطة بشكل صريح وصول مسيرة التسوية مع الاحتلال إلى نهاية مسدودة، مشيرين في الوقت نفسه إلى ارتباط مستوى التضامن العربي والدولي بحجم التحركات الفلسطينية الداخلية.

المحلل السياسي صلاح حميدة قال إن ردة فعل الشارع الفلسطيني عقب قرار ترامب وخروج الجماهير بشكل عفوي إلى الشوارع ومناطق التماس للتعبير عن غضبهم ورفضهم للإعلان "يؤكد أن الهبة الشعبية ستأخذ منحى تصاعديا يغلب عليه الطابع الشعبي".

وأضاف حميدة لصحيفة "فلسطين": "عندما بادر الشارع الفلسطيني في قطاع غزة ومدن الضفة الغربية وكذلك مخيمات اللجوء بالتحرك والانتفاض في وجه الاحتلال، شهدت بعض العواصم العربية والإسلامية وقفات احتجاجية متسارعة ضد الاحتلال والولايات المتحدة، مع دعوات صريحة لطرد السفراء وإلغاء الاتفاقيات".

وربط حميدة استمرار حالة الانتفاضة الشعبية بإعطاء المبادرة للشارع الفلسطيني مع ضرورة إيجاد قيادة وطنية موحدة تحرك الجمهور، إلى جانب دعمه بقرارات وطنية تؤكد وصول عملية التسوية إلى طريق مسدود مع الاحتلال.

وأكد مستشار رئيس السلطة الفلسطينية، مجدي الخالدي، أن محمود عباس لن يلتقي نائب الرئيس الأميركي مايك بينس الذي سيزور المنطقة في النصف الثاني من كانون الأول/ديسمبر الجاري.

وقال الخالدي لوكالة الأنباء الفرنسية، أمس "لن يكون هناك اجتماع مع نائب الرئيس الأمريكي في فلسطين".

تغذية مستمرة

أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية عبد الستار قاسم، فبين أن جميع التحركات الشعبية بحاجة ماسة إلى تغذية مستمرة تبقي الفلسطينيين في مختلف أماكن تواجدهم بحالة من الاستنفار، والتي ستنعكس بدورها إيجابيا على زيادة وتيرة الاحتجاج العربي والدولي ضد الاحتلال والقرارات الأمريكية.

وأوضح قاسم في حديث لصحيفة "فلسطين"، أن التغذية المطلوبة في هذه المرحلة متعلقة بإلغاء الدور الأمريكي من قبل السلطة وإخراجه من المنطقة، ثم سحب الاعتراف بدولة الاحتلال وإلغاء اتفاقية أوسلو بما يشمل التنسيق الأمني مع الاحتلال.

وأشار إلى أنه حتى اللحظة تبدو خيارات السلطة "غير واضحة ومتأرجحة" بين تصريحات إعلامية وبيانات استنكار دون المبادرة إلى خطوات جريئة تزيد من قوة وحجم الحراك الفلسطيني الشعبي ومن خلفه الفعاليات الاحتجاجية في الدول العربية والأوروبية.

وكان مجموعة من الأكاديميين، أطلقوا مساء أول من أمس مبادرة وطنية تطالب رئيس السلطة بعدم لقاء نائب الرئيس الأمريكي.

وطالبت قوى وفصائل فلسطينية، السلطة بإعلان انتهاء عملية التسوية السياسية مع الاحتلال، وسحب الاعتراف بـ(إسرائيل)، واتفاق أوسلو، ودعم الانتفاضة في الميدان وتدويل القضية والحقوق الوطنية.

منحى تصاعدي

بدوره، بين المحلل السياسي وليد المدلل أن الاحتلال يسعى في الوقت الجاري إلى عدم تصعيد الموقف ميدانيا، وذلك بهدف تمرير قرار الرئيس الأمريكي عالميا.

وذكر المدلل لصحيفة "فلسطين"، أن قادة الاحتلال يأملون بأن يخرجوا للعالم ليقولوا له "لقد اعترفت الولايات المتحدة بالقدس كعاصمة لدولتنا بأجواء ديمقراطية، والآن جاء دوركم"، لذلك يحاول إيجاد حالة من الضبط الجزئي للنفس وعدم التسبب بارتقاء شهداء كثر خاصة في مناطق التماس بالضفة الغربية والقدس المحتلة.

وأوضح أن الاحتلال الإسرائيلي يخشى أن تتحول الاحتجاجات إلى انتفاضة شاملة يصعب السيطرة عليها أو محاربة أدواتها التي غالبا ما ستتركز على العمل الشعبي والهجمات الفردية، مبينا أن الأحداث والفعاليات الاحتجاجية الداخلية والخارجية ترسم منحى تصاعديا ضد قرار ترامب.

وكانت (إسرائيل) احتلت شرقي القدس عام 1967، وأعلنت لاحقا ضمها إلى غربي المدينة، معلنة إياها عاصمة موحدة وأبدية لها، وهو ما يرفض المجتمع الدولي الاعتراف به.

ووفقا لاتفاقية لاهاي لعام 1907 واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، تعتبر إجراءات الاحتلال في مدينة القدس "باطلة، ولا تترتب عليها أية آثار قانونية، لأن الاحتلال لا يخول بنقل السيادة على القدس إلى الدولة المحتلة لأنه مؤقت ومحدود الأجل وفقا لقرارات الأمم المتحدة".