أطلقت السلطة في رام الله عبر أذرعها السياسية والأمنية روايات عدة عن جريمة جنين والتي جرت فجر اليوم السبت، غلفتها بجملة من الأكاذيب التقليدية المكشوفة.
وزعم الناطق الرسمي لقوى أمن السلطة العميد أنور رجب، أن الأجهزة الأمنية تمكنت من إحباط ما وصفها بـ الكارثة في مخيم مدينة جنين، وذلك بالسيطرة على مركبة مفخخة أعدها من وصفهم بـ "الخارجون على القانون".
كم وزعم رجب أن المركبة التي تم الوصول إليها كان من المقرر تفجيرها وسط المواطنين وعناصر الأجهزة الأمنية، وأن "هذا الإنجاز" يأتي في سياق العملية الأمنية "حماية وطن"، التي تستهدف فرض الأمن وسيادة القانون.
لا رصيد على الأرض
مزاعمٌ يؤكد مراقبون أن الحقائق تعري صدقها، وأن ليس لها أي رصيد على الأرض، وأن كل ما في الأمر هو إحباط أي عمل مقاوم ينطلق من جنين أو أي مكان في الضفة لمقاومة الاحتلال ومساندة جبهة غزة التي تتعرض لأبشع أنواع الإبادة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وفي إطار عملية السلطة التي تشابه لحد بعيد عمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتنوب عنه في مهامه، قتلت برصاص شبيحتها المقاوم يزيد جعايصة وأصابت عددا من المواطنين من بينهم طفل في حالة خطيرة جدا.
والمقاوم جعايصة، من كتيبة جنين، أحد الأذرع العسكرية التي يعكف الاحتلال وأجهزته الأمنية على سحقها وملاحقتها واغتيال أعضاءها بسبب رفضهم للاحتلال ومقاومتهم له، وكذلك الاستيطان ورفض التهادن.
مداهمة وتفتيش
كما وشنَّت أجهزة الأمن المهاجمة حملة مداهمة وتفتيش في مخيم جنين بهدف ملاحقة مقاومين واغتيالهم، ما أدى لاندلاع اشتباكات عنيفة في المخيم.
واستدعت السلطة تعزيزات من مناطق أخرى ونشرت قناصة في بعض المباني، وأطلقت الرصاص الحي بشكل عشوائي على منازل المواطنين في المخيم جنين.
ورغم تفنيد الحقائق على الأرض إلى مزاعم السلطة، فإن روايات وأخبار إسرائيلية أكملت على ذلك، مشيرة إلى أن السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، يحاولون فرض ما يُسمى السيطرة الأمنية على مناطق في شمالي الضفة الغربية؛ جنين ونابلس وطولكرم بزعم أن المقاومين المسلحين هم من يسيطرون على الأوضاع هناك.
محاصرة بالمدرعات
وقبل أيام من اقتحام أجهزة أمن السلطة لمخيم جنين فجر اليوم، حاصرت مداخل المخيم ونشرت المدرّعات المصفّحة في الطرقات، والقناصة على أسطح المنازل، ما وخز في الأذهان ممارسات جيش الاحتلال في ممارساته وأن هناك شيئا ما يخطط له.
وقبل يومين وتحديدا الأربعاء أقرّت السلطة الفلسطينية بمسؤوليتها عن قتل الشاب ربحي الشلبي (19 عاما) في مدينة جنين خلال اشتباك عناصرها مع المقاومة، الأمر الذي أدانته حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وقد نقلت تقارير عن هيئات فلسطينية تأكيدها مقتل الشاب الشلبي برصاصة في صدره خرجت من مركبة أجهزة أمن السلطة خلال وجوده بالقرب من مخيم جنين.
كذلك أظهرت مقاطع مصورة، تداولتها منصات فلسطينية على شبكات التواصل الاجتماعي، من بدا أنهما الشلبي وأحد أفراد عائلته يتوقفان قرب عربة مدرعة تابعة لقوات أمن السلطة الفلسطينية، قبل أن يصابا بطلق ناري.
وتندلع عادة اشتباكات بين مقاومين وعناصر الأمن الفلسطيني في مدن شمال الضفة، خاصة في جنين وطولكرم، تزامنا مع الاجتياحات المتواصلة لقوات الاحتلال واعتداءات المستوطنين والإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
اعتقالات واغتيالات
وتعتقل أجهزة السلطة في الضفة المحتلة -وفق بيانات حقوقية أكثر من 150 مواطنا فلسطينيا، بينهم مقاومون ومطاردون من قبل الاحتلال وطلبة جامعات وأسرى محررون ودعاة وكتاب وصحفيون، في إطار تحجيم العمل المقاومة والالتزام باتفاقاتها الأمنية مع الاحتلال.
وبحسب خلاصة مراقبين فإن ما جرى في جنين والحكاية الحقيقية هو التزام السلطة بمسار أوسلو واتفاقاته الأمنية، وضربها بعرض الحائط لقيم ومبادئ الشعب الفلسطيني، وقيمه النضالية، وأن روايتها ليست إلا أكذوبة جديدة على طريق العار الذي سارت عليه منذ 1993.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، صعّدت السلطة من قبضتها الأمنية في الضفة، في محاولة لوأد المقاومة وتوفير الحماية لجيش الاحتلال والمستوطنين.
وارتفع عدد الفلسطينيين الذين أعدمتهم أجهزة السلطة الأمنية في الضفة المحتلة إلى 12 مواطنًا ومقاومًا، آخرهم الشهيد الشاب المقاوم جعايصة من مدينة جنين.