دعا نائب الأمين العام للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين جميل مزهر إلى تنفيذ قرارات الإجماعِ الوطنيّ التي جاءتْ عليها مقرّرات المجلسين الوطني والمركزي المتمثّلة بسحبِ الاعترافِ بدولةِ الكيانِ الصهيوني، والتخلّي عن اتفاقِ أوسلو والتزاماتِه، تجسيدًا للإرادةِ الوطنيّةِ والشعبيّة، والقطعِ مع الرهانِ على إمكانيّةِ الوصولِ إلى حلٍّ سياسيٍّ مع الكيانِ الصهيوني يلبّي حقوقَ شعبِنا، أو الرهانِ على الإدارةِ الأمريكيّةِ التي تدعمُ الاحتلالَ بلا حدود.
وشدّد مزهر خلال كلمةٍ له في لقاء الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في القاهرة، على ضرورة "الإعلانُ الفوريُّ عن تشكيلِ القيادةِ الوطنيّةِ الموحّدةِ للمقاومةِ الشاملة، يتفرّعُ منها لجانُ الحمايةِ الشعبيّةِ لحمايّةِ القرى والمخيّماتِ والمدنِ من اعتداءاتِ ميلشياتِ المستوطنين، وتتولّى إدارةَ أشكالِ التصدّي لسياساتِ الاحتلالِ ميدانيًّا".
وأكَّد مزهر على أنّ "منظّمةُ التحريرِ الفلسطينيّةُ الممثّلُ الشرعيُّ والوحيدُ لشعبِنا، لذلك هناك ضرورةٌ لإعادةِ بناءِ مؤسّساتِها على أسسٍ وطنيّةٍ وديمقراطيّةٍ، تتحقّقُ فيها مشاركةُ جميعِ القوى، والشراكةُ الوطنيّةُ التي تحفظُ التعدّديّةَ الديمقراطيّة، وإدارةَ الصّراعِ مع الاحتلالِ وفقَ استراتيجيّةٍ وطنيّةٍ موحّدةٍ لشعبِنا، وإلى أن يتحقّقَ ذلك، ينبغي اعتبارَ صيغةِ الأمناءِ العامين مرجعيّةً سياسيّةً مؤقّتةً إلى حينِ تشكيلِ مجلسٍ وطنيٍّ جديدٍ تشاركُ فيه جميعُ القوى، وممثّلو قطاعاتِ شعبِنا، ومنظّماتُهُ الشّعبيّةُ والنّقابيّة، والبحثُ في الطرقِ والوسائلِ التي لا تَرْهَنُ تفعيلَ المنظمةِ وإعادةَ بناءِ مؤسّساتِها بالفيتو "الإسرائيلي" على إجراءِ الانتخابات".
وأشار مزهر إلى "ضرورةُ تعديلِ وظائفِ الحكومةِ الفلسطينيّة، بحيثُ تقتصرُ على الجوانبِ الخدماتيّةِ وتحريرِها من القيودِ السياسيّة، أو الاشتراطاتِ التي تُعطّلُ تشكيلَ حكومةِ الوحدةِ الوطنيّة. وعلى أن تتولّى الحكومةُ توحيدَ المؤسّسات، وإنهاءَ انقسامِها القائمِ على أساسٍ سياسيٍّ وجغرافيّ".
وشدد على أن مسارَ التسويةِ الذي راهنتْ عليه القيادةُ الرسميّةُ الفلسطينيّةُ قد بات فاشلاً ومغلقًا، وأنّ المفاوضاتِ وانتظارَ الضغطِ الدوليّ على العدوِّ لتحقيقِ الدولةِ المستقلّةِ بعاصمتِها القدس، وتأمينِ حقِّ العودةِ وتقريرِ المصير؛ ما هو إلاّ وَهْمٌ بعدَ أن ثَبُتَ عجزُ المؤسّساتِ الدوليّة، وتواطؤُ الإداراتِ الأميركيّةِ وغيرِها من داعمي الكيانِ الصهيونيّ مع سياساتِه، وبعد أن أعلنَ نتنياهو بصريحِ العبارةِ عن ضرورةِ اجتثاثِ فكرةِ الدولةِ واستبدالِها بما يُسمّى "السلام الاقتصادي"، وهذا يدعونا دونَ تأخيرٍ، إلى إعادةِ بناءِ استراتيجيّتِنا الوطنيّةِ التحرّريّةِ بالانطلاقِ من كونِنا في مرحلةِ تحرّرٍ وطنيٍّ، تتطلّبُ إعادةَ بناءِ مؤسّستِنا الوطنيّةِ بالانطلاقِ من ذلك، وبشراكةٍ كاملة، والتمسّكَ بكاملِ الحقوقِ الوطنيّةِ المشروعة، وإنجازَ الوحدةِ الوطنيّة، وإدارةَ الصراعِ مع الاحتلالِ بالأشكالِ والوسائلِ كافةً، وهذا يستدعي بداهةً تنفيذَ القراراتِ الوطنيّةِ بإنهاءِ كلِّ علاقةٍ مع اتّفاق أوسلو؛ أي إلغاؤه. وما ترتّب عليه من التزاماتٍ أمنيّةٍ وسياسيّةٍ واقتصاديّةٍ، وسحبِ الاعترافِ بالكيانِ الصهيوني.
وجدّد التأكيد على "أنّه لا مناصَ لنا إلا الاتّفاقُ على إنجازِ المصالحةِ واستعادةِ الوحدةِ الوطنيّة، خاصّةً أنّ جولاتِ الحوارِ السابقةِ تناولتْ كلَّ الموضوعاتِ التي يمكنُ أن نبنيَ عليها، ودون تحقيقِ الوحدِة الوطنيّةِ؛ فإنّ مصيرَ شعبِنا وحقوقَهُ ومنجزاتِهِ ومكتسباتِهِ وخيارَهُ التحرّريَّ والديمقراطيَّ سيكونُ في خطرٍ حقيقيّ".
ودعا مزهر المجتمعين إلى ابتداعِ سياساتٍ وسبلٍ لمواجهةِ هذا الخطرِ ودرئِهِ وإفشالِه.
وحث نائب الأمين العام للجبهة الشعبية، على تشكيلُ لجنةٍ مصغرّةٍ تعملُ على وضعِ الآليّاتِ لتنفيذِ مخرجاتِ الاجتماع، وانتظامُ اجتماعاتِ الأمناءِ العامين شهريًّا بصفتِهِ مرجعيّةً مؤقّتة، ويتابعُ تنفيذَ مخرجاتِ الاجتماع، واعتبارُ وثيقةِ الوفاقِ الوطنيّ (الأسرى) برنامجًا توافقيًّا لاستعادةِ الوحدةِ الوطنيّة، وقاعدةً يُبنى عليها لبناءِ استراتيجيّةٍ وطنيّةٍ موحّدةٍ؛ يكون عمادُها المقاومةَ الشاملة، والشراكةَ الكاملة، والوحدةَ الوطنيّةَ القائمةَ على أساسِ التمسّكِ بالحقوقِ والثوابتِ الوطنيّة.
كما أكد ضرورة إغلاقُ ملفِ الاعتقالاتِ السياسيّة، والإفراجُ الفوريُّ عن المعتقلين السياسيّين، وضمانُ حريّةِ الانتماءِ السياسيّ والحرّياتِ العامة، وقفُ التراشقِ والسّجالاتِ الإعلاميّة، وتبنّي خطابٍ وطنيٍّ وحدويّ، وتشكيلُ لجنةٍ للحرّياتِ تتابعُ حالاتِ التعدّي على الحرّياتِ والملكيّةِ العامّةِ والخاصّة، والاعتقالِ السياسيّ وغيرها، والالتزامُ الصارمُ بعقدِ الانتخاباتِ الدوريّةِ البرلمانيّةِ والسّلطاتِ المحليّةِ والنقابيّةِ والمهنيّةِ والأهليّةِ، وتشكيلُ لجانٍ من مستوى مقرّر، مهمّتُها وضعُ آليّاتٍ لمتابعةِ تنفيذِ مخرجاتِ الاجتماعِ وَفْقَ الملفاتِ المتّفقِ عليها.