يأبي مخيم جنين إلا أن يكون في طليعة المقاومة بالضفة الغربية، ويصر أبطال كتائب القسام على تسجيل تاريخ من البطولة والفداء بعملياتهم النوعية وصمودهم الأسطوري.
منذ تأسيسه عام 1953 كانت فلسطين ولا تزال بوصلة مخيم جنين، الذي احتضن المقاومة وانتشرت في أزقته مجموعات الفهد الأسود والنسر الأحمر، وكتائب القسام التي وثَّقت برصاصها وأحزمتها الناسفة مشاهد عز وفخار.
غضب المخيم
في 31 مارس 2002، نفذت كتائب القسام في جنين عملية بطولية في قلب مدينة حيفا المحتلة أسفرت عن عشرات القتلى والجرحى في صفوف المستوطنين.
في تلك العملية فجَّر الاستشهادي القسامي شادي زكريا الطوباسي من مخيم جنين، حزامًا ناسفًا بالقرب من مطعم "ماتسة" والمركز التجاري "غراند كنيون" في حيفا، ما أدَّى إلى مقتل 20 مستوطنًا وجرح 35 آخرين.
معركة المخيم
وتعتبر معركة مخيم جنين (1-12 نيسان 2002) من أبرز محطَّات الصمود الفلسطيني، ودشَّنت لأول مرة في ذلك الوقت نموذجًا للانتصار على الاحتلال.
ولم يكن اختيار مخيم جنين ليكون ساحة المعركة الأشرس، فقد أدرك المحتل أن كل حجر داخل المخيم يقف استشهاديًّا ينتظر لحظة الانفجار في وجه الاحتلال.
قوبل الاحتلال بمقاومة شرسة، أسفرت عن مقتل 29 جنديًا وضابطًا إسرائيليًا، واستشهاد 58 مواطنًا بينهم 23 مقاومًا.
وبرز خلال اجتياح المخيم أسماء سطرت بدمائها أروع الملاحم والتضحيات وكانوا قدوة في العمل الجهادي والنضالي وتجلَّت الوحدة الوطنية في أبهى صورها، أمثال الشهيد القائد يوسف ريحان (أبو جندل)، والأسير القسامي جمال أبو الهيجاء والشهيد القائد في سرايا القدس محمود طوالبة، والشهيد القسامي نصر جرار والشهيد القائد زياد العامر من قادة شهداء الأقصى.
واستُشهد خلال المعركة 12 قائدًا ومجاهدًا قساميًا من كتيبة القائد نصر جرار الذي أصيب في ذلك الاجتياح.
ومن بين شهداء القسام خلال معركة مخيم جنين المجاهدين نضال محمد سويطات ومحمد محمود طالب ونزار محمد مطاحن، بعد أن استهدفتهم طائرات الاحتلال بثلاثة صواريخ.
كمين الموت
وخلال معركة جنين عام 2002، نصبت مجموعة الشهيد القسامي محمود الحلوة، والتي كانت متمركزة في حارة الحواشين، وتضم كلاً من الشهيد محمود الحلوة ومحمد الفايد وأمجد الفايد وعبد الرحيم فرج ونضال النوباني كميناً محكمًا لعدد من جنود الاحتلال.
وقُتل في ذلك الكمين أكثر من 13 جنديًّا من جيش الاحتلال، في ملحمة بطولية، سطَّرها التاريخ.
الخلية المشتركة
وإلى جانب القادة الشهداء الشيخ نصر جرار وقيس عدوان ونزيه أبو السباع وغيرهم، عمل القائد القسامي عماد فاروق النشرتي، وشارك مع الشهيد مازن فقهاء المسؤولية التنفيذية عن عملية صفد في 4/8/2002 والتي جاءت ردًّا ثانيًا على اغتيال القائد العام لكتائب القسام الشيخ صلاح شحادة.\
وشكل القائد النشرتي مع القائد علاء الصباغ، والأسير عبد الله الوحش وحدة متكاملة شكَّلت مثلث الرعب للاحتلال، ونفذ برفقة القساميين الشهيدين زهير استيتي وإبراهيم الفايد، عملية قتل مستوطن في كمين على مداخل جنين.
استشهد النشرتي في معركة بطولية واشتباك مع قوات الاحتلال في مخيم جنين 26- 11- 2002، ليبقى اسمه ناصعًا في صفحات العز القسامية.
وتضم قائمة الشرف القسامية في مخيم جنين، أسماء كثير من الشهداء الأبطال كالقسامي مهند أبو الهيجا، الذي استشهد عام 2001م، وكامل خالد سيلاوي الذي ارتقى عام 2002، والقسامي اياد تحسين خليل موسى.
قائد معركة جنين
ويعد الأسير القيادي في حركة "حماس" جمال عبد السلام أبو الهيجا المعتقل منذ 21 سنة، أحد أبرز قادة معكرة مخيم جنين.
وتولَّى أبو الهيجا قيادة كتائب القسام في مخيم جنين، وقاد معركة المخيم وقاتل فيها ببسالة إلى أن أصيب خلال تصديه لحصار واجتياح مخيم جنين عام 2002، الأمر الذي أدَّى إلى بتر يده اليسرى.
وفي 26 أغسطس 2002 استطاعت وحدات خاصة تتبع للاحتلال اعتقاله، وحكم عليه بالسجن المؤبَّد 9 مرات بتهمة قيادة كتائب القسام.
أسد المخيم
في مارس 2014م، أعلنت رصاصات القسامي حمزة أبو الهيجا أن كتائب القسام لا تزال حاضرة في الضفة الغربية، وأن الشهادة لن تنهي المقاومة بل ستشكل شعلة لمزيد من العمليات.
ارتقى حمزة نجل القائد الأسير جمال أبو الهيجا، الذي لقب بأسد جنين خلال اشتباك مسلَّح مع قوات الاحتلال التي حاصرت منزله في المخيم، فيما استشهد يزن جبارين ومحمود أبو زينه في أثناء محاولتهم فك الحصار عنه.
أبطال القسام
وعام 2015 أعلنت رصاصات القسامي المجاهد عز الدين بني غرة (23 عامًا)، من مخيم جنين، أن المقاومة باقية وتواصل الرد والتصدّي للاحتلال.
واستمرت عمليات القسام انطلاقًا من مخيم جنين، حيث خاض القائد القسامي براء كمال لحلوح في حزيران عام 2022، اشتباكًا مسلَّحًا مع قوات الاحتلال برفقة المقاومين يوسف صلاح وليث أبو سرار.
وقبل استشهاده شارك القسامي براء في عدَّة عمليات جهادية، منها خوض مواجهات مع قوات الاحتلال، حيث أصيب (6) مرات خلال مسيرته المقاومة.
وبعد اشتباك بطولي وثَّقته المشاهد المصورة، ارتقى الشهيد القسامي معتصم ناصر الصباغ (22 عامًا)، خلال اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال بعد محاصرة منزل في مخيم جنين، برفقة 5 شهداء آخرين بينهم القسامي المجاهد عبد الفتاح خروشة منفذ عملية حوارة البطولية.
على ذات الطريق
وعلى ذات الطريق تواصل كتائب القسام في مخيم جنين مسيرتها، وتخوض معركة مع الاحتلال بكل الإمكانات والوسائل.
وتتقن كتائب القسام في مخيم جنين كمائن الموت لجنود الاحتلال وآلياته.
ويمتشق فرسانها بنادقهم وعبواتهم الناسفة، كالقسامي علي هاني الغول الذي ارتقى خلال تنفيذ كمين محكم لجنود الاحتلال في أثناء محاولتهم الدخول إلى مخيم جنين.