فلسطين أون لاين

​21 عامًا على ذكراها

"هبة النفق".. خيار فلسطيني لحماية المسجد الأقصى

...
غزة - نور الدين صالح

صادف أمس الإثنين، الذكرى الـ 21 لما سميت بهبة النفق الفلسطينية التي انطلقت في باحات المسجد الأقصى المبارك، رفضاً لإجراءات الاحتلال وحفرياته المتواصلة أسفله واستمرت ثلاثة أيام.

ففي صباح يوم 25 من شهر سبتمبر عام 1996، أقدمت (اسرائيل) على فتح باب النفق الغربي، والذي شقته على مدار السنوات الماضية بعد محاولتين فاشلتين عامي 86 و94، ويمتد بطول 450 متراً أسفل المسجد الأقصى والعقارات الإسلامية المحيطة به.

وانطلق آنذاك الشعب الفلسطيني بكل فئاته في مسيرات غاضبة لمواجهة الاحتلال والتصدي لقواته، خاصة بعد تزايد ممارسات حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو الرامية إلى تهويد المسجد الأقصى.

واندلعت مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال، امتدت من شمال فلسطين المحتلة إلى جنوبها، وارتقى خلالها 63 شهيداً، وأصيب 1600 آخرون بجروح متفاوتة.

ويشكّل المسجد الأقصى أساس الصراع بين الفلسطينيين والاحتلال، والقائم منذ عشرات السنوات، والذي أدى إلى اندلاع عدة انتفاضات، وأسفرت عن استشهاد وإصابة الآلاف.

ويؤكد مختصون وباحثون في شؤون الأقصى، في أحاديث منفصلة لصحيفة "فلسطين" أن الهبة وقعت نتيجة تواصل ممارسات الاحتلال ومحاولته تهويد الأقصى، واستمرار الحفريات التي تمهد لهدمه لاحقاً.

وقال الناشط في شؤون القدس د. جمال عمرو، إن الاحتلال سبق هبة النفق بفترة زمنية، وهو ينفذ حفريات همجية تستهدف الأقصى، وإخفاءها، بهدف التغطية على مخاطرها.

وذكر عمرو في حديث لـ"فلسطين"، أن اكتشاف النفق أثبت بالدليل القاطع إجرام الاحتلال بحق الأقصى والرامي إلى تهويده بشكل كامل، مشيراً إلى أن هبة النفق كانت "حدثاً صادماً فاق كل التوقعات".

ويؤكد عمرو، أن النفق موجود وفاعل، ويحظى بتمويل خليجي، وهو مصدر دخل كبير للاحتلال، وفق تعبيره.

تشويه التاريخ

ولا يخفى على أحد حجم ممارسات الاحتلال ومساعيه التي تهدف إلى تقسيم المسجد الأقصى جغرافياً، من خلال زيادة الحفريات أسفل المسجد وبناء ما يسمى بالهيكل، إضافة إلى ذلك محاولاته تشويه التاريخ المتعلق به.

ويوضح د. حسن خاطر مدير مركز القدس الدولي، أن النفق الغربي كبير جداً، ويصل إلى أسفل قبة الصخرة، ويُعتبر من الشقوق الصخرية الموجودة تحت الأقصى حتى يومنا هذا.

وأكد خاطر أن الاحتلال يحاول على مدار السنوات الماضية، إسقاط وتهويد التاريخ المتعلق بالأقصى، وصناعة تاريخ وفق مزاعمه، مشيراً إلى أنه أطلق على النفق آنذاك اسم "حشمونئيم"، ما يعني "مرحلة في التاريخ اليهودي".

وقال إن الخطورة تكمن في محاولات الاحتلال تغيير تاريخ الأقصى وتشويهه، وإيصال رسالة مغايرة للعالم، بالإضافة إلى سيطرته الجغرافية.

وذكر أن هبة النفق شهدت ردة فعل قوية في وجه الاحتلال، وأوصلت رسالة له مفادها "أن المساس بالأقصى لا يمكن أن يمر مرور الكرام".

ونوه إلى أن المسجد الأقصى هو الملهم لكل الانتفاضات ومقاومة الاحتلال، كونه يحظى بمكانة دينية عند الفلسطينيين والعالمين العربي والإسلامي.

آثاره باقية

ورغم مرور أكثر من عشرين عاماً على حادثة هبة النفق، إلا أن معالم انطلاق شراراتها لا تزال حاضرة في المسجد، بل تشكّل عليه خطراً يمتد معه طوال فترة بقائه.

وهذا ما أكده خاطر، أن النفق لا يزال موجودا في مكانه حتى اللحظة، بالإضافة إلى التشققات الصخرية الناجمة عنه، مشيراً إلى أنه تم إغلاق إحدى الآبار المتعلقة بالنفق.

وبيّن أن العمل لا يزال يسير على قدم وساق في النفق أسفل الأقصى، دون وجود أي تفاصيل أكثر عن ذلك، مؤكدًا أن آثاره تهدد الأقصى.

ولفت إلى أن آثار النفق متشعبة وممتدة في أكثر من مكان في الأقصى، وتصل لأطرافه ومحيطه، منوهاً إلى وجود أكثر من 10 حفريات.

وأشار إلى أن الاحتلال يواصل حفرياته وسط تكتيم إعلامي واضح، ويعتبر ذلك " أمراً سريا وعسكريا"، منبهاً إلى أنه يحدث في عدة أوقات انهيارات لا يشعر بها إلا المصلون.

وأكد أن الخطر والتصدعات لا تزال مستمرة في أساسات الأقصى القديمة، بل وتتسع دائرتها يوماً بعد يوم.