أحدثت صواريخ المقاومة عبر غرفة "العمليات المشتركة" رعبًا إسرائيليًا وإرباكًا في المستويين السياسي والأمني عقب وصولها لـ"تل أبيب" ومدينة القدس المحتلة".
وأحدث صاروخ أطلقته المقاومة صوب منطقة "روحوفوت" جنوب "تل أبيب" دمارًا هائلًا مخلفًا قتيلًا إسرائيليًا وعدة إصابات، غيَّر كما يعتقد مراقبون مجريات معركة "ثأر الأحرار" وأربك حسابات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.
ورأى المراقبون في أحاديثهم المنفصلة لصحيفة "فلسطين" أن صواريخ المقاومة تمثل ورقة تهديد ورعب بيد المقاومة يمكنها كسر معادلات يحاول الاحتلال فرضها، كما يزيد من الضغوطات والانتقادات على سياسة نتنياهو سواءً داخليًا أو تجاه قطاع غزة، وينسف روايته التي حاول الترويج لها بأن "أنظمة القبة الحديدية تستطيع إحباط الصواريخ".
وبحسب وسائل إعلام عبرية فإن الصاروخ الذي سقط في "روحوفوت" من إنتاج فلسطيني ويبلغ مداه 70 كم، ويصل وزن رأسه المتفجر حتى 20 كغم.
ضغط داخلي
وبحسب المراقب للشأن الإسرائيلي أيمن الرفاتي فإن "نتنياهو" كان لديه محاذير بأن لا تمتلك المقاومة أدوات تضغط بها على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وبالتالي مثلت صواريخ المقاومة التي ضربت منطقة الوسط والمركز في دولة الاحتلال ضغطًا واضحًا على جبهته الداخلية.
وأوضح الرفاتي أن الصاروخ الذي سقط على مبنى "روحوفوت" قلب المعادلة "فهذا ما كان يخشاه نتنياهو لأنه يؤثر على شعبيته ويزيد الانتقادات عليه خاصة أن وضعه الانتخابي ليس جيدًا".
واستدل باستطلاعات الرأي التي لا تعطي الائتلاف الحاكم أكثر من 50- 52 مقعدًا من أصل 120 مقعدًا في الكنيست الإسرائيلي.
ويعتقد أن الصاروخ يجعل موقف "نتنياهو" محرجًا أمام المجتمع الإسرائيلي لأنه قبلها بيوم خرج بمؤتمر صحفي مع وزير جيش الاحتلال ورئيس هيئة الأركان، وتفاخر بامتلاكهم قدرات دفاعية من "القبة الحديدية" و"مقلاع داود" لصد الصواريخ، وبالتالي "نسف الصاروخ الدعاية التي كان ينسجها نتنياهو، وكشف زيف روايته".
وأشار إلى أن صواريخ المقاومة وقدرتها التدميرية العالية تعكس أيضًا حالة من التطور الكبير وتشير لوجود طراز جديد من الصواريخ تستطيع تجاوز القبة بشكل سهل، وهذا يؤثر على مساعي الاحتلال لتسويقها وبيعها كمنظومة دفاعية قوية.
اقرأ أيضاً: ما هي رسائل صواريخ المقاومة بعد استهداف "مستوطنات القدس"؟
وأضاف الرفاتي أن هذه الصواريخ جعلت "نتنياهو" يدرك أن استمرار المواجهة لمدة أطول سيجعل المقاومة تمارس ضغوطًا عليه، خاصة أن المقاومة تدخل المعركة بجزءٍ من قوتها، عادًّا في الوقت ذاته امتلاك المقاومة هذا النوع من الصواريخ ورقة تهديد ورعب يمكنها كسر معادلات أو الوقوف أمام معادلة قصف الأبراج أو معادلة "الأحزمة النارية"، ما يعقد مهمة نتنياهو.
تطور نوعي
وعدّ المراقب للشأن الإسرائيلي شادي ياسين، امتلاك المقاومة هذا النوع من الصواريخ تطورًا نوعيًا للمقاومة وجاء استخدامه ردًا على قصف المنازل واستهداف المواطنين الآمنين في بيوتهم، وللضغط على الاحتلال أيضًا لقبول شروط المقاومة للتهدئة.
وأوضح ياسين أن المقاومة اعتادت ألا تكشف أوراقها مرةً واحدة "إذ تبدأ بقعة الزيت بالتوسع لمسافات أبعد لتشكل الضغط على الاحتلال، الذي لا يستطيع البقاء لعدة أيام في الملاجئ" لعدة أسباب أبرزها خسائر الاقتصاد والعلاقات الخارجية.
ورأى أن نتنياهو أضحى في أزمة جديدة، واستدل بذلك بوجود دعوات ومسيرات ضد سياسته الداخلية وسياساته في العدوان على غزة.
وأكد أن استخدام المقاومة لصواريخها لتصل "روحوفوت" ومستوطنات إسرائيلية بمحيط مدينة القدس وجنوب بيت لحم أدخل الاحتلال في حالة صدمة.
وختم ياسين أن "نتنياهو وبخلاف ما يظهره يحاول وقف إطلاق النار بأي شكل، لكنه واقع بين أكثر من مطرقة وسندان، بدءًا بمطرقة المقاومة وسندان المعارضة الداخلية، وكذلك الأحزاب المتشددة التي يحاول إرضاءها بهذه الجولة كالمتطرف إيتمار بن غفير ووزير الجيش غالانت الذي يعارض نتنياهو لكنه يشارك معه في الجولة لتحقيق مكسب شخصي مدركًا أن مستقبل نتنياهو السياسي في نهايته".
تآكل الردع
وعد المراقب للشأن الإسرائيلي محمد أبو علان أن إطلاق صواريخ المقاومة نحو القدس المحتلة و"تل أبيب" أحدث صدمة إسرائيلية.
وأوضح أبو علان أن الاحتلال اعتقد أنه يحقق الردع عبر تصفية قيادات وازنة في المقاومة - لكن الردع تآكل بشكل كبير بعد قصف "تل أبيب" – وكذلك اتباع المقاومة سياسة "التهديد الصامت".
ووافقه الرأي، المراقب للشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد الذي أكد فشل الأهداف الإسرائيلية في العدوان العسكري على غزة.
وعد أبو عواد تصريحات نتنياهو حول الردع والأمن، بمثابة "دعاية إعلامية" في ظل توتر المجتمع الإسرائيلي وضعف الثقة بسياساته.