35 سنة على وقوع مجزرة صبرا وشاتيلا، ولا تزال الآمال الفلسطينية منعقدة على ملاحقة ومحاسبة الكيان الإسرائيلي.
هذه المجزرة ارتكبها سنة 1982م، وزير جيش الاحتلال آنذاك أرئيل شارون، ورئيس حكومة الاحتلال الأسبق مناحيم بيغن، وسفاحون آخرون من العصابات الصهيونية وحزب الكتائب اللبناني بقيادة إيلي حُبيقة.
ووقعت هذه المجزرة بحق اللاجئين الفلسطينيين في حي صبرا في محافظة جبل لبنان، ومخيم شاتيلا جنوب بيروت، وأدت إلى استشهاد أكثر من 3500 فلسطيني.
ويقول رئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي، محمد فرج الغول، إن جرائم الحرب حسب القانون الدولي لا تسقط بالتقادم، مضيفا أن الدماء الفلسطينية التي سفكها الاحتلال الإسرائيلي ظلما وعدوانا، ستكون حافزا للمقاومة الفلسطينية للانتقام.
ويوضح لصحيفة "فلسطين"، أن السبيل الآخر هو تجهيز ملف كامل وفق المعايير الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين، مؤكدا أن مجزرة صبرا وشاتيلا ستبقى دليلا على أن الاحتلال هو مجرم حرب وأنه هو الإرهابي الحقيقي الذي يجب أن يُحاكم أمام المحاكم الدولية.
لكن الغول يلفت إلى أن المجتمع الدولي "يشكل غطاء للاحتلال الصهيوني"، موضحا في الوقت نفسه أنه سيأتي يوم يتم فيه جلب قادة الاحتلال ومحاسبتهم في المحاكم الدولية ومنها محكمة الجنايات الدولية.
ويبين أن موت عدد من المجرمين الإسرائيليين الذين شاركوا في مجزرة صبرا وشاتيلا "لا يعفي الكيان (الإسرائيلي) ككيان من تحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة".
ويتابع: "هذه الجريمة كبيرة سيحاكم عليها النظام الإرهابي الصهيوني وعلى الجرائم الأخرى التي ارتكبها قبل وبعد صبرا وشاتيلا".
ويتهم الغول السلطة في رام الله "بالتقصير" في ملاحقة قادة الاحتلال الإسرائيلي قضائيا، مشيرا في الوقت نفسه إلى وجود "تواطؤ من بعض الدول كالولايات المتحدة الأمريكية التي تضغط على السلطة لعدم تحريك مثل هذه الملفات".
ويطالب الغول المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية بالعمل بجدية على محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين، "لأن ذلك سيوقف جرائم كثيرة يرتكبها الاحتلال الصهيوني، وإذا تُرك الاحتلال بدون محاسبة فإنه سيرتكب جرائم جديدة".
اتفاقية جنيف الرابعة
ويتفق مدير مركز مسارات في غزة، الحقوقي صلاح عبد العاطي مع الغول بأن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم.
ويقول عبد العاطي لصحيفة "فلسطين"، إنه سبق ورفعت دعوى من خلال مبدأ الولاية القضائية الدولية في بلجيكا على المتهم الرئيس في هذه مجزرة صبرا وشاتيلا وهو شارون، وبدأ القضاء البلجيكي بمتابعة هذه القضية إلى أن مورست بحقه ضغوط متعددة من الولايات المتحدة الأمريكية و(إسرائيل) لإعاقة المحاكمة.
ويوضح عبد العاطي أنه بالإمكان ملاحقة ومحاكمة كل من أجرم بحق الشعب الفلسطيني، باستخدام مبدأ الولاية القضائية الدولية، أو بالطلب بعقد محكمة خاصة في هذا المجال من مجلس الأمن الدولي أو من الأمم المتحدة ومؤسساتها بالجمعية العامة، أو اللجوء لصيغ مختلفة لفضح وعزل ومقاطعة مجرمي الحرب الإسرائيليين.
ويشير عبد العاطي إلى أن دولة فلسطين المراقب غير العضو في الأمم المتحدة، باتت طرفا تعاقديا في أحكام اتفاقية جنيف الرابعة ويمكنها أن تبدأ مسارا بهذا المجال، مردفا: "هذا مسار مهم جدا لضمان منع إفلات قادة الاحتلال من العقاب".
لكنه يصف الجهود الفلسطينية بأنها "قاصرة ومتواضعة"، مفسرا بأنها تعتمد على العمل الشعبي والأهلي ولا تعتمد على العمل الرسمي.
ويوضح أن الأمر لا يقتصر على محاكمة مجرمي الحرب في مجزرة صبرا وشاتيلا، بل إن هناك جرائم حديثة وقعت مثل العدوان على قطاع غزة والاستيطان والجرائم والانتهاكات اليومية بحق الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
ويرى أنه حتى الآن لم يتم اعتماد مسار جدي لمحاكمة قادة الاحتلال، واصفا السياسة الرسمية الفلسطينية في هذا الصدد بأنها "سياسة استجابة للضغوط الأمريكية الإسرائيلية".
ويتمم مدير مركز مسارات، إلى ضرورة وجود سياسة وطنية جامعة وتدخل رسمي من قبل الكل الوطني والقيادات السياسية الفلسطينية المعنية، لتوجيه الإمكانات البشرية والمادية لدعم مسار محاكمة قادة الاحتلال ومحاسبتهم.