فلسطين أون لاين

تقرير "معادلة سيف القدس".. هكذا أفقدت (إسرائيل) القدرة على "تحقيق الردع"

...
معركة سيف القدس - مايو 2021
غزة/ أدهم الشريف:

رأى كتاب ومحللون سياسيون وأمنيون، أنّ معركة سيف القدس فرضت معادلة جديدة بموجبها فقدت (إسرائيل) القدرة على "ردع" الجبهات المعادية لها.

ويثبت ذلك الهجمات الصاروخية التي بدأتها فصائل المقاومة بغزة وتلاها رشقات صاروخية أيضًا من جنوب لبنان تجاه البلدات والمدن الفلسطينية المحتلة منذ نكبة 1948، بحسب المحللين.

وتنسجم الحالة التصاعدية الراهنة تمامًا مع إرهاصات معركة سيف القدس التي خاضتها فصائل المقاومة بغزة في مايو/ أيار 2021 وامتدت 11 يومًا ضد جرائم (إسرائيل) في القدس والمسجد الأقصى، ورافقها اندلاع هبة الكرامة في الداخل الفلسطيني.

وقال الخبير في الشؤون الأمنية محمد لافي: إنه ليس من المعتاد عدم مبادرة الاحتلال الإسرائيلي في العدوان عسكريًّا تطبيقًا لنظرية الأمن القومي لديه، والقائمة على التعامل مسبقًا مع أي مصدر يمكن أن يُشكّل تهديدًا للكيان وإحباطه وتحييده.

وبيّن لافي لصحيفة "فلسطين"، أنّ ذلك كان واضحًا من خلال سلسلة هجمات سيبرانية وعسكرية ضد أهداف تكنولوجية وشخصيات إيرانية، وكذلك طالت قيادات عسكرية فلسطينية داخل الأراضي الفلسطينية وغيرها.

لكن منذ معركة سيف القدس، التي بدأتها كتائب القسام بضرب (تل أبيب) برشقات صاروخية ردًّا على جرائم الاحتلال بحق المسجد الأقصى ومدينة القدس وأهلها وخاصة في حي الشيخ جراح المهدد بالتهجير، تبدّلت هذه المعادلة، وحالت دون إبقاء جيش الاحتلال هو المبادر دومًا، وفق لافي.

وأضاف: (إسرائيل) أصبحت الآن تنفذ ردود فعل على الهجمات المضادة لها، وهي لا تناسب الفعل نفسه خاصة الذي صدر من الأراضي اللبنانية، وتضمن تفجير عبوة في مدينة مجدو، وقصف شمالي فلسطين المحتلة برشقات صاروخية، إضافة إلى حراك المقاومة في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس.

وتابع: ردود الفعل الإسرائيلية لم تناسب نظرية الأمن القومي للكيان، ووفق الحسابات الأمنية والعسكرية، فإنّ (إسرائيل) خسرت هذه الجولة التي لم تنتهِ بعد.

وعدَّ أنّ رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ضعيف ولم يعد كما كان، في حين تواجه الساحة السياسية الإسرائيلية العديد من الإشكاليات، لكنه رجّح في نفس الوقت إمكانية لجوء جيش الاحتلال إلى اغتيال شخصيات مطلوبة من المقاومة الفلسطينية أو اللبنانية لإرضاء الرأي العام الإسرائيلي.

وأشار إلى أنّ تهديدات نتنياهو ووزير "الأمن القومي" في حكومة الاحتلال إيتمار بن غفير، غطّت الفضاء الإعلامي الإسرائيلي، في محاولة منهما لدغدغة مشاعر ومواقف مجتمع المستوطنين، وكان صوتهم أعلى من فعلهم، مقابل هدوء وحكمة الموقف الفلسطيني في التعامل مع هذه التهديدات.

اقرأ أيضاً: أبو معمر: في "سيف القدس" تمركز القرار الوطني الفلسطيني حيث كانت قوته العسكرية

ونبَّه إلى أنّ ردّ المقاومة على جرائم الاحتلال في القدس والأقصى، يثبت بما لا يدع مجالًا للشك، أن المقاومة تعي ما تفعل، وهي تملك الأدوات والقدرات للرد.

ارتباك إسرائيلي

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي خالد صادق: إنّ حكومة نتنياهو مرتبكة في تركيبتها الداخلية، لأنها تضم عناصر من غلاة المستوطنين المتطرفين.

وأضاف صادق لـ "فلسطين": إنّ المشكلات السياسية في الكيان انعكست بوضوح على الوضع الأمني المرتبك تزامنًا وتصاعد أعمال المقاومة والعمليات النوعية ضد أهداف الاحتلال.

وعدَّ ذلك دليلًا على أنّ حالة عدم الاستقرار تنعكس سلبيًّا على حكومة الاحتلال، ويُتوقّع أن يتبعها تداعيات كبيرة في المرحلة المقبلة على تكوين حكومة نتنياهو، مع تصاعد الأصوات التي تُحمّلها المسؤولية عن تصاعد الأوضاع.

وتابع: إنّ "التطورات الحالية تشابه ما سبق معركة سيف القدس من حالة تحريض إسرائيلي مستمرة لاستهداف المواطنين في الأراضي المحتلة، وكذلك المرابطين في الأقصى، وتصعيد العدوان بحقهم، في مشهدٍ يعيد إلى الأذهان الأحداث التي سبقت معركة سيف القدس".

وعدَّ تصاعد الأوضاع في الأراضي المحتلة نتيجة استمرار انتهاكات الاحتلال في القدس والأقصى، يجعلنا قريبين من نسخة جديدة لمعركة سيف القدس، والتي تحدثت عنها فصائل المقاومة بشكل واضح.

وأضاف: إنّ المقاومة لن تخوض أيّ معركة إلا لأنها تعرف جهوزيتها، في المقابل فإنّ (إسرائيل) تخشى تكرار معركة سيف القدس بسبب تداعياتها الخطيرة، ولأنها مكّنت المقاومة من فرض معادلات جديدة.

وعي إسرائيلي

من جهته، عدَّ الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات، أنّ معركة سيف القدس جاءت لتنبه الوعي الإسرائيلي حول الخطر الوجودي الذي يتهدد هذا الكيان.

وبيّن عبيدات لـ "فلسطين" أنّ إطلاق عشرات الصواريخ من لبنان تجاه شمالي فلسطين، يُعدُّ الحدث الأبرز منذ انتهاء حرب يوليو/ تموز 2006.

وقد تزامن ذلك مع إطلاق صواريخ من غزة ردًّا على جرائم الاحتلال، الأمر الذي عدَّه عبيدات أنه يُجسّد وحدة الساحات في مواجهة الاحتلال، في إشارة واضحة إلى محور المقاومة في المنطقة الرافض لوجود كيان الاحتلال على أرض فلسطين.

وأرجع قرار حكومة الاحتلال أن يكون الردّ محدودًا على صواريخ لبنان وغزة، لأنّ اللجوء إلى حرب أو عملية عسكرية ممكن أن يقود إلى مواجهة واسعة، وهذا ما تخشاه حكومة نتنياهو.

ونبَّه على أنّ قوى المقاومة تقدّمت درجات في معركة الدفاع عن المسجد الأقصى، وقد يؤدي تصاعد انتهاكات الاحتلال بحقه إلى حرب إقليمية.

وأضاف أنّ نتنياهو يواجه أزمة سياسية وتحديات داخلية وخارجية، في وقت تعاني فيه المؤسسة العسكرية حالة تفكك داخلي.

وعدَّ أنّ ردود فعل الاحتلال على إطلاق الصواريخ من لبنان تؤشر بقوة إلى تراجع قوة "الردع" لديه، ونحن في مرحلة جديدة عنوانها وحدة الساحات.