فلسطين أون لاين

تقرير المقدسي عبيد يذوق مرارة الهدم مرتيْن خلال عدة أشهر

...
القدس المحتلة/ غزة – فاطمة الزهراء العويني:

 

لم يُفِق بعد المواطن المقدسي ثائر عبيد من صدمة هدم الاحتلال الإسرائيلي منزله على ما فيه من أثاث فجأة ودون سابق إنذار، حتى باغتته سلطات الاحتلال بقرارٍ آخر بهدم بيته الجديد الذي ما زال قيد الإنشاء، وكعادة أي مقدسي فإنه صال وجال في أروقة محاكم الاحتلال، دون جدوى.

فلم يمضِ سوى ثلاثة أشهر على قيام جيش الاحتلال الإسرائيلي بغتةً بهدم منزله المكون من طابقين في مدينة أريحا، دون سابق إنذار.

يقول: "كنتُ ذاهبًا لعلاج ابنتي في أحد مشافي القدس (مسقط رأسه) واصطحبتُ عائلتي لبيت أهلي، وفي نهاية اليوم عدتُ فوجدتُ بيتي أثراً بعد عين".

ويسترجع بأسى تلك اللحظات بالقول: "لقد أُصبنا بصدمة نفسية شديدة، فالبيت الذي آوانا لمدة عشر سنوات، لم يعد موجوداً، وعندما راجعتُ سلطات الاحتلال ادعوا بأنهم جاؤوا لمنزلي عدة مرات لتبليغي بضرورة الهدم، ولم يجدوني في المنزل، فاضطروا إلى تنفيذ الهدم!".

لم يجد عبيد مأوى بعد أن هدم الاحتلال "بيت العمر" فوجد نفسه مضطراً للعودة للسكن في غرفة في بيت عائلته في القدس المحتلة، "لم يكن من السهل التأقلم من بيتِ كبير لكل ابن من أولادي الثلاثة غرفة، للعيش نحن الخمسة في غرفة واحدة".

فتبادرت لذهن "عبيد" فكرة البناء في قطعة أرض ورثها عن والده في القدس، "شرعتُ في البناء والتأسيس لطابق واحد، وما إنْ وصلت إلى مرحلة "التقطيع" باغتتني بلدية الاحتلال بأمر هدم إداري".

يضيف:" ثلاثة أشهر من اللف والدوران في محاكم الاحتلال دون فائدة (..) كل مقدسي يدرك هنا أنه لا يمكنه الحصول على ترخيص بناء مهما فعل وقدم من أوراق، لكنني حاولتُ حتى الرمق الأخير أنْ أناضل حتى لا أهدم المنزل".

فلا يمنح الاحتلال تراخيص للمقدسيين –وفق عبيد- فسيذهب المقدسي بأوراقه إليهم لكن دون جدوى، "كل ما سيفعلونه أنهم سيوقعون بحقك مخالفة قدرها 300 ألف شيكل، وما إن تسددها يعيدوا فرض نفس المخالفة عليك وهكذا".

وما يُشعِر عبيد بالأسى أنه وغيره من المقدسيين ممنوعون من البناء في العيساوية بينما المستوطنون ينشئون مراكز جماهيرية ومدارس ضخمة على مرأى عين المقدسيين دون أنْ يطالهم أي أوامر هدم أو إخلاء.

ويتابع: "نحن أصحاب الأرض ممنوعون من البناء، في حين أن الأغراب يبنون ويتوسعون في أرضنا، ولا أحد يتعرض لهم".

ثم عادت بلدية الاحتلال لتبليغه بأنه إذا لم يهدم المنزل خلال أربع وعشرين ساعة فإنهم سيهدمونه له، ويتكفل بتكاليف الهدم الباهظة، "لم يكن أمامي من خيار سوى الهدم الذاتي، ورغم مرارة هدم منزل أهلي أربع مرات خلال الثلاث سنوات الأخيرة، وهدم منزلي في أريحا، فإن الهدم بيدك مرارته لا يعادلها مرارة".

وعندما لمحت ابنتاه سعاد ووداد الدموع في عينيه في صباح يوم الهدم، أصرتا على الذهاب معه للمكان، خشية أن يصيبه شيء، تقول سعاد "11 عاماً": "حرمونا من غرفنا وألعابنا وحتى ثيابنا، نعيش حالياً في غرفة واحدة، وعندما أراد والدي تعويضنا وبناء منزل جديد لاحقونا وجعلونا نهدمه بأنفسنا".

لم يستطع "ثائر" اصطحاب ابنه محمد لمكان الهدم، فهو لم يُفِق بعد من صدمة هدم البيت في أريحا وما زالت حالته النفسية سيئة، "العيش في القدس جعله الاحتلال بالنسبة لنا استنزافًا معنويًا وماديًا، لكننا لن نترك أرضنا مهما حدث".

وكانت بلدية الاحتلال في القدس أجبرت المقدسي ثائر عبيد على هدم منزله قيد الإنشاء في قرية العيساوية بالقدس المحتلة الاثنين الماضي.