فلسطين أون لاين

مُضرب عن الطعام منذ 23 يومًا

تقرير "قسام حمايل".. طالب جامعي تزجُّه السلطة في سجونها "بلا تهم" منذ 114 يومًا

...
المعتقل السياسي الطالب الجامعي قسام حمايل - أرشيف
رام الله- غزة/ نور الدين صالح:

"أنا ما اعملت شيء وكل التهم الموجهة لي كذب، ولازم يتم الإفراج عني لأكمل جامعتي"، كلمات رافقتها مشاعر القهر نقلها المُعتقل السياسي قسام حمايل (23 عامًا) من خلف نافذة زجاجية ضيّقة مُحاطة بـ "الشباك" لوالدته خلال زيارة لم تتعدَّ الـ 20 دقيقة في سجن بيتونيا التابع للسلطة.

علامات الإرهاق واصفرار الوجه ونحول في الجسد، كانت واضحة على ملامح "قسام" الذي زارته والدته هنادي حمايل (44 عامًا) الأسبوع الماضي في سجن بيتونيا "سيّئ الصيت والسمعة" المخصص للجنائيين، وبالكاد تسمع نبرات صوته.

الزيارة التي استمرت 20 دقيقة يوم الثلاثاء الماضي، لم تستطع الوالدة المكلومة الاستماع لما يدور في قلب وعقل ابنها "قسام" الذي يدرس تخصص "علوم الحاسوب" بجامعة بيرزيت برام الله في السنة الرابعة، فهناك ضباط من الأمن الوقائي التابع للسلطة يسيرون في ممر السجن خلفهما لمراقبة أحاديثهما، لكنّ التعب والإعياء كانا كفيلين بإيصال الرسالة.

منذ 23 يومًا حوّلت أجهزة أمن السلطة "قسام" بالتزامن مع خوضه إضرابًا مفتوحًا عن الطعام برفقة 5 معتقلين سياسيين آخرين، إلى سجن بيتونيا، بعدما أمضى 90 يومًا في سجن أريحا المُسمى بـ "مسلخ أريحا" التابع لمخابرات السلطة، حسبما تروي والدته لصحيفة "فلسطين".

وتحكي حمايل التي تنحدر من قرية كفر مالك شرقي مدينة رام الله، بصوت حزين وغصّة في قلبها "قسام خسر 6 كيلو من وزنه نتيجة الإضراب عن الطعام، ويعاني صداعًا متواصلًا وهزلانًا وجفافًا، فضلًا عن وجهه الشاحب ذي اللون الأصفر، بفعل التعذيب والضرب والشبح في مسلخ أريحا".

وتقول بُحرقة "نُقل ابني إلى بيتونيا عند المجرمين الجنائيين، خطوة غير مقبولة، وتزيد العذاب النفسي الذي يعانيه"، مضيفةً: "قسام انسجن سنتين عند الاحتلال، لم يذق مثل هذا العذاب الذي تعرض له في سجون السلطة".

وتتهم أجهزة أمن السلطة "حمايل" بتصنيع متفجرات، وممارسات لها علاقة بنشاطه داخل الجامعة لكونه "عضو مجلس طلبة"، وهو ما نفاه "جملة وتفصيلًا" خلال لقائه مع والدته "هنادي" في الزيارة الأخيرة.

وتوضح أنّ محكمة السلطة التي عُقدت الأربعاء الماضي، أجّلت جلسة محاكمة "قسام" حتى الثالث من نوفمبر القادم، بحجّة إضراب نقابة المحامين، مشيرةً إلى أنّ محاميه قدّم طلبات "إخلاء سبيل" مرات عدة، "لكنّ المحكمة تتجاهله ولا ترد بالقبول أو الرفض".

وتعود بشريط ذاكرتها لتاريخ السادس والعشرين من يونيو الماضي؛ أي اللحظات الأولى لاعتقاله، وتروي "أنّ سيارة تقل قوة من أمن السلطة ترتدي لباسًا مدنيًّا، لاحقت قسام في أثناء خروجه من بوابة الجامعة في آخر امتحان له خلال الفصل الثاني".

وتُكمل: "نزلت القوّة من السيارة وخطفت قسام ووضعته في السيارة وانهالت عليه بالضرب المبرح والتعذيب والشبح، دون أن تُخبرنا عن ذلك"، لافتةً إلى أنهم تلقُّوا خبر اعتقاله بعد ثلاثة أيام. 

وتؤكد أنّ اعتقاله من السلطة انعكس سلبًا على مسيرته التعليمية في الجامعة، علمًا أنه أمضى سنتين في سجون الاحتلال سابقًا.

وتُحمّل حمايل المسؤولية الكاملة لأجهزة أمن السلطة عن حياة ابنها الذي يعاني تدهورًا في حالته الصحية بفعل الإضراب عن الطعام، مطالبةً كل الجهات المعنية بضرورة التدخل للإفراج الفوري عنه.

"حمايل" ليس الطالب الوحيد الذي يقبع خلف زنازين أجهزة أمن السلطة، بل إنها لا تزال تحرم عددًا من طلبة الجامعة من مقاعدهم الدراسية وتُعطّل مسيرتهم التعليمية بمواصلة اعتقالهم سياسيًّا بتهم باطلة، وهم موسى دويكات، وعبادة جودة، وأيمن درويش، وعماد طوباسي.

بدورها، اعتبرت المتحدثة باسم أهالي المعتقلين السياسيين أسماء هريش، أنّ اعتقال السلطة للطلبة يندرج ضمن سياسة "العقاب" نتيجة عملهم النقابي القانوني داخل الجامعات، قائلةً: "السلطة تدّعي أنها تسمح بالنشاطات الطلابية، لكن هي التي تقمعهم وتُغيّبهم عن مقاعد الدراسة".

وأضافت هريش في حديث خاص لصحيفة "فلسطين": "السلطة تعتقل الطلبة بعد خروجهم من سجون الاحتلال استكمالًا لسياسة الباب الدوار، وهذا ظلم لهم ولعائلاتهم".

وشدّدت على أنّ السلطة تُغيّب الطلبة عن المقاعد الدراسية وتحاول إلغاء الحياة الطلابية، "وهذا حق طبيعي لأيّ طالب"، معتبرةً ذلك "اعتقالًا سياسيًّا ويصبُّ في مصلحة الاحتلال بالدرجة الأولى". 

وأشارت إلى أنّ أجهزة السلطة كثّفت اعتقالاتها السياسية بحقّ المواطنين في الضفة خلال الخمسة أشهر الماضية، حيث وصل عدد المعتقلين إلى 400 معتقل في سجون السلطة، وجميعهم تعرضوا للتعذيب.

وبيّنت أنّ السلطة تستخدم الاعتقال السياسي ضد الحركة الطلابية في الجامعات، لكونها تتمتع بنشاطات لها انعكاسات في الشارع الفلسطيني، لافتةً إلى أنّ مجالس الطلبة تُخرّج أبطالًا مناضلين داعمين للوطن والقضية الفلسطينية.

وأكدت أنّ هذه السياسة تنعكس سلبًا على الحياة الجامعية للطلبة المعتقلين وتؤدي لتأخير العملية التعليمية.

وبحسب تقرير لجنة أهالي المعتقلين السياسيين لشهر سبتمبر/ أيلول الماضي، بلغت انتهاكات أجهزة أمن السلطة (9) انتهاكات بحقّ طلبة الجامعات.