26 عامًا مرت على "هبة النفق"، التي اندلعت في 25 سبتمبر/أيلول 1996، احتجاجًا على فتح سلطات الاحتلال الإسرائيلي نفقًا أسفل الجدار الغربي للمسجد الأقصى المبارك، ما هدد أساساته ومعالمه التاريخية.
فبعد احتلال ما تبقى من القدس عام 1967، بدأ الاحتلال الإسرائيلي بهدم حارة المغاربة الواقعة جنوب غرب المسجد الأقصى، ثم أخذ بالحفر أسفل الرواق الغربي للمسجد الأقصى حتى أحدث نفقا كبيرا يبلغ طوله ما يقارب 330 مترا.
افتتاح ذلك النفق بأمر من رئيس وزراء الاحتلال آنذاك بنيامين نتنياهو، أثار موجة غضب فلسطينية واسعة، حيث انطلقت مواجهات عنيفة بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال وامتدت من شمال فلسطين إلى جنوبها.
واستمرت الهبة الفلسطينية لـ6 أشهر، ارتقى فيها 63 شهيدًا، وأصيب 1600 آخرون بجروح متفاوتة، حيث واجهت قوات الاحتلال المحتجين والمظاهرات بإطلاق الرصاص الحي بكثافة، كما استُخدمت المروحيات والدبابات بالإضافة لاشتراك المستوطنين في إطلاق النار على المواطنين الغاضبين.
وما زال الأقصى يعاني من الاعتداءات الإسرائيلية والتهويد باستخدام كل الوسائل، بما فيها استمرار الحفريات في محيط المسجد وأسفله.
وتأتي ذكرى "هبة النفق" هذا العام، وما زال المسجد الأقصى يتعرض للاعتداءات الإسرائيلية ومحاولات التهويد والطمس باستخدام كل الوسائل، بما فيها استمرار الحفريات في محيط المسجد وأسفله، ما يشكل خطرًا كبيرًا على وجوده.
نفق جديد
وأكد رئيس مركز القدس الدولي، د. حسن خاطر، أن ذكرى "هبة النفق" جاءت بعد الكشف عن نفق جديد يمتد تحت الجهة الغربية للمسجد الأقصى تجاه قبة الصخرة.
وقال خاطر لصحيفة "فلسطين": إن "هبة النفق كان لها بصمة واضحة في قضية فلسطين، والذكرى تأتي تزامنًا أيضا مع ما تسمى بـ"الأعياد اليهودية"، وهو ما يعني تجدد المواجهات مع الاحتلال، لأن تلك الأعياد مخططة مسبقًا للمس بالمسجد الأقصى".
وأضاف: "في كل عام هناك مشكلة جديدة يفرضها الاحتلال من خلال "الأعياد اليهودية" التي تتكرر مع محاولات للمساس بالمسجد الأقصى".
وأوضح أن بعد 26 عامًا على "هبة النفق" ازدادت المخاطر التي تواجه الأقصى، حيث تواصل سلطات الاحتلال استغلال الآبار الموجودة أسفل المسجد لتهديده.
وبين رئيس مركز القدس الدولي، أن الأقصى يواجه حاليًا مخاطر عالية من قبل المستوطنين أكثر من التي كانت خلال "هبة النفق"، حيث يريد الاحتلال السيطرة والهيمنة على المسجد، وتحويله إلى كنيس يهودي.
وأشار إلى أن المنظمات الاستيطانية تعمل لاقتحام المسجد الأقصى، واستخدام الرموز التوراتية كـ"النفخ بالبوق"، و"ذبح القرابين" في الأيام القادمة.
ودعا خاطر، إلى شد الرحال والرباط داخل المسجد الأقصى لمواجهة جميع المخططات الإسرائيلية، خاصة أن الوجود الفلسطيني يخيف المتطرفين ويمنعهم من الذهاب إلى مخططاتهم.
وشدد على ضرورة أن تكون هناك مواقف رسمية على المستويات الفلسطينية، والأردنية، والعربية، لمواجهة مخططات الجمعيات الاستيطانية وسلطات الاحتلال، بحق المسجد الأقصى.
من جهته، أكد المختص في شؤون مدينة القدس المحتلة، فخري أبو دياب، أن ذكرى "هبة النفق" تأتي هذا العام في ظل مخاطر كبيرة تحيط بالمسجد الأقصى ومدينة القدس المحتلة.
وقال أبو دياب لصحيفة "فلسطين": إن "صمود وانتباه أهل القدس وفلسطين أدى إلى إفشال مخططات الاحتلال لتغيير وفرض وقائع تاريخية في المسجد الأقصى، خاصة هبة الأقصى".
وبين أن الاحتلال يحاول من جديد فرض وقائع جديدة بالمسجد الأقصى، من خلال التقسيم الزماني والمكاني، ولكن تلك المخططات ستفشل من خلال الهبات الشعبية الفلسطينية.
وشدد على أن الهبات الشعبية هي التي تحمي المسجد الأقصى وتعمل على تغيير واقع المسجد الأقصى، ووقف انتهاك حرمته.
وأشار أبو دياب إلى أن المسجد الأقصى يتعرض حاليًا لدعوات للاقتحام والقيام بنفخ البوق من قبل المستوطنين والجمعيات الداعمة لهم، وبحراسة وتأييد من قبل شرطة الاحتلال.
ونبه إلى أن الاحتلال قطع بشوط كبير في مخططاته بحق الأقصى بعد "هبة النفق" من خلال افتتاح كنس، وبناء أنفاق جديدة، تمهيدًا للاستيلاء بشكل كامل على المسجد.