فلسطين أون لاين

مع فشل عملية "كاسر الأمواج"

تقرير تكثيف الاقتحامات والاعتقالات.. خطوة وقائية لوأد أي انتفاضة جديدة

...
صورة أرشيفية
رام الله-غزة/ نور الدين صالح:

يكثف جيش الاحتلال الإسرائيلي حملات الاعتقالات والمداهمات في مدن الضفة الغربية المحتلة في محاولة منه لكسر هيبة المقاومة التي تصاعدت وتيرتها في الآونة الأخيرة من جهة، واستعادة قوة الردع عقب فشل عملية "كاسر الأمواج" التي أعلن عنها قبل عدة أشهر لملاحقة المقاومين قبل تنفيذ عملياتهم الفدائية.

وربط مراقبون محاولات جيش الاحتلال لـ"فرد العضلات" في الضفة الغربية عبر تكثيف الاعتقالات والمداهمات بقرب الانتخابات الإسرائيلية المقررة في مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، إذ يسعى لتوفير حالة من الهدوء وإيصال رسالة طمأنة للمجتمع الإسرائيلي.

وكان جيش الاحتلال قد أطلق في مارس/ آذار الماضي "عملية عسكرية" في الضفة الغربية أسماها "كاسر الأمواج"، ومنذ ذلك الحين يقتحم جنوده المدن والقرى والمخيمات ليلا لتنفيذ حملات اعتقال واسعة.

وقال رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي في تصريح الأسبوع الماضي: إن 1500 فلسطيني اعتقلوا حتى الآن منذ انطلاق "العملية العسكرية".

عملية مهزومة

ويرى الكاتب والمحلل السياسي عدنان الصباح أن عملية "كاسر الأمواج" مهزومة وفاشلة، لكن لا بديل للاحتلال عن تصعيد العنف وإراقة دماء الفلسطينيين، واصفا إياها بـ"مطاردة الوهم".

وقال الصباح في حديث لصحيفة "فلسطين" إن العملية التي أطلقها الاحتلال لم تنتهِ، والمعركة كلها بين الاحتلال والشعب الفلسطيني متواصلة لأنها "معركة وجود وهوية".

ونوه إلى أن المقاومة بكل أشكالها، خاصة المسلحة، تتصاعد بشكل كبير نتيجة زيادة وتيرة الاعتقالات والمداهمات الإسرائيلية، والاستمرار في الاستيلاء على الأراضي وارتكاب الجرائم بحق المواطنين.

وبحسب قوله، فإن الشعب الفلسطيني يذهب للمقاومة المسلحة في ظل فشل المراهنات السياسية التي تنتهجها قيادة السلطة مع الاحتلال، واستمرار التنسيق الأمني بين الطرفين، مشددا على ضرورة وحدة المقاومة الميدانية لمواجهة كل سياسات المحتل.

وأوضح أن الاحتلال لديه هدف واضح، يتمسك به ويحاول الاستفادة من أي فرصة مناسبة لتحقيقه، وهو تهويد الأرض والاستيلاء عليها واقتلاع الفلسطينيين منها، لافتا إلى أن الظروف الآن مواتية لممارسة فاشيته.

وبين أن الاحتلال يستغل صمت قيادة السلطة والصراعات الداخلية، والانكفاء العربي والتواطؤ وتهافت بعض الدول لتطبيع علاقاتها معه للانقضاض على الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أن هذا الأمر يحقق له جوا إيجابيا مع قرب الانتخابات الإسرائيلية.

وهذا ما ذهب له المختص في الشأن الإسرائيلي جلال رمانة، إذ يرى أن رفع الاحتلال وتيرة الاعتداءات ضد الفلسطينيين في الآونة الأخيرة له علاقة بمحاولاته تهيئة الأجواء للمجتمع الإسرائيلي مع قرب انتخاباتهم.

وأوضح رمانة في حديث لـ"فلسطين" أن الاحتلال يريد إيصال رسالة للمجتمع الإسرائيلي أنه قادر على حفظ الهدوء وأن حكومته الحالية قادرة على الاستمرار بإدارة الحكم لمدة أربع سنوات حال فوزها بالانتخابات، لافتا إلى أن هذه الممارسات قد تؤثر على قرار الناخب الإسرائيلي.

ونبه إلى أن جبهة الضفة الغربية تُخيف الاحتلال، لذلك يخشى اتساع رقعة المقاومة التي قد تتحول إلى انتفاضة ثالثة، خاصة بعد دخول فلسطينيي الداخل المحتل بقوة على الخط، وتنظيم فعاليات مناهضة لممارساته.

وأضاف أن ما يجري في الضفة الغربية هو تصاعد للمقاومة، وقد تتحول إلى حالة دائمة إذا سمحت الظروف لذلك، وهو ما يخشاه الاحتلال الذي يسعى لوأد أي انتفاضة جديدة برفع وتيرة ممارساته العنصرية.

واستعرض رمانة سيناريوهين للمرحلة القادمة، الأول؛ بقاء الأوضاع كما هي "التصعيد المتقطع"، والثاني؛ خروج جماعات مسلحة في مدن أخرى كما في نابلس وجنين، واندلاع مواجهات أكبر وهو ما تخشاه (إسرائيل).

خطوة وقائية

من ناحيته، يرى الخبير في الشأن العسكري اللواء يوسف الشرقاوي أن تصاعد وتيرة الانتهاكات الإسرائيلية "خطوة وقائية" أمام تزايد عمليات المقاومة المسلحة.

وذكر الشرقاوي لـ"فلسطين" أن الاشتباكات التي تدور بين المقاومين والاحتلال في بعض مدن الضفة الغربية خلال الاقتحامات، لها أثر مزعج عليه وحكومته، لذلك يندفع جيشها لرفع وتيرة الاعتقالات والمداهمات وهدم المنازل.

وبيّن أن الاحتلال يعد الضفة الغربية منطقة استراتيجية له، لذلك يكثف انتهاكاته فيها، خاصة في ظل عدم وجود أي دور للسلطة وأجهزة أمنها في حماية شعبها.

وأوضح أن السلطة غارقة في التنسيق الأمني مع الاحتلال وتسعى لنيل رضاه، في حين أنها لا تحظى برضى الجمهور الفلسطيني.

يذكر أن معطيات جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" تظهر ازديادا ملحوظا في عدد العمليات الفلسطينية على جنود الاحتلال والمستوطنين في الضفة الغربية، ومنذ بداية العام الجاري حتى آخر أغسطس/ آب الماضي، نفذ فلسطينيون 1526 عملية مقابل 4386 عملية في 2021.

وتنوعت العمليات الفلسطينية بين إطلاق نار وزجاجات حارقة وعبوات أنبوبية ورشق حجارة وإضرام نيران وعمليات دعس وطعن أدت في مجملها إلى مقتل 19 إسرائيليا وإصابة 62 آخرين.