فلسطين أون لاين

جثامين الشهداء المحتجزة.. جرح مفتوح في رمضان

...
صورة أرشيفية
الخليل-نابلس-غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

يجدد شهر رمضان المبارك الأحزان في نفوس عائلة طرايرة لكونها فقدت فيه ابنها الشهيد محمد ومن ثم احتجزت سلطات الاحتلال الإسرائيلي جثمانه حتى اليوم، ما جعل شعور الأسى لا يفارق العائلة التي تحلم بأنْ تزف ابنها وتدفنه بالقرب منها لتتمكن من زيارته وقتما شاءت.

والد الشهيد محمد "ناصر طرايرة" عاد بذاكرته لحادثة استشهاد ابنه في 20 يونيو/ حزيران 2016، "وافق ذلك اليوم الخامس والعشرين من شهر رمضان، فكان ابني يعمل في محل حلويات في بلدة دورا ويبيت في الليل بالمكان".

ويقول: "استشهد ابني بعد سحور تلك الليلة، رغم أنني هاتفته وقت السحور وكان بخير ولم يشي صوته بأي شيء غريب، إلا أننا فوجئنا بأخبار على التلفاز تعلن استشهاد محمد طرايرة من بني نعيم دون ذكر اسم والده، فلم نعتقد للحظة أنه ابني".

إلا أن حصار قوات الاحتلال بيت العائلة قطع شكها باليقين، فعلمت أن ابنها استشهد في إثر اقتحامه لمستوطنة "كريات أربع" وقتله لاثنيْن من المستوطنين، "لم يكن يظهر عليه أي نية لتنفيذ أي عمل فدائي لكنه تأثر كثيرًا باستشهاد ابن خاله يوسف وليد طرايرة في مارس من العام نفسه في أثناء تنفيذه لعملية دهس وقبلها استشهاد فتاة من البلدة هي مجد الخضور"، يقول والده.

يتابع: "كان صغيرًا في السن فقد استشهد وهو في لم يتم السابعة عشرة من عمره بعد، لكنه نفذ عملية أشعرتنا بالفخر وأعجزت أمن الاحتلال فقد اقتحم حاجزيْن أمنييْن لهم ووصل لداخل المستوطنة".

الأم بحالة مزرية

وبعد ساعات من العملية اصطحبت قوات الاحتلال ناصر للمستوطنة ليتعرف إلى جثمان ابنه، "وجدت المكان وقد تحول لثكنة عسكرية ويحاصرون جثمانه بـ"الجيبات" والمشاة" والطيارات ولم يسلموني إياه".

وفي إثر متابعة قانونية مع مركز مختص أخبرتهم سلطات الاحتلال في يوليو/ تموز من العام 2017م أنه تم نقل جثمان محمد لـ"مقابر الأرقام" وأنه لن يتم الإفراج عنه بادعاء أن "يده ملطخة بالدماء"، "نعلق آمالنا على صفقة تبادل أسرى تعيد لنا جثمان ابننا".

وفي الوقت ذاته فإن العائلة لم تتوقف عن طرق كل السبل القانونية للإفراج عن جثمان ابنها، "رغم إيماننا بأنه مدفون في أرض فلسطينية إلا أننا نريد أن يطمئن قلبنا وندفنه على الطريقة الإسلامية".

وأكثر ما يؤرق ناصر، الحالة الصعبة التي عليها والدة محمد منذ استشهاده، فهي لا تكف عن ذكره والحديث عن أملها في احتضان جثمانه، وأن يكون له قبر قريب منها يمكنها زيارته، وسؤال أشقائه عنه خاصة شقيقته الصغرى ميسم "10 أعوام" التي خصها محمد بالذكر في وصيته بالقول "ديرولي بالكو على ميسم".

ولم يكن الحال بأحسن عند عائلة الشهيد محمد يونس من مدينة نابلس بل أكثر سوءًا، إذ إن قوات الاحتلال لم تسمح لها برؤية جثمانه والتأكد من استشهاده، يقول والده نضال: "حتى الآن نحن نتعامل على أن ابننا حي يُزرق فلم يطلعنا الاحتلال على ما يؤكد لنا استشهاده".

ويقول: "كل الروايات التي وصلتنا إسرائيلية وعبر وسائل إعلام ومتناقضة أيضًا فلا شيء فيها يؤكد بأنه قد استشهد فعلًا، ادعوا بأنه قد نفذ عملية دهس لجندي إسرائيلي على حاجز "جبارة" جنوب طولكرم".

ويشير في الوقت ذاته إلى أن هناك فيديو صوره الموجودون على الحاجز أثار شكوكهم حول مصير ابنهم، إذ ظهر جنود الاحتلال وهم يفتشون السيارة "التي ادعوا وجود محمد فيها"، ولكنها كانت فارغة، كم أن إحدى قنوات الاحتلال أوردت خبر استشهاده ولكنها وضعته شقيقه الأكبر يونس على الخبر، فيما أوردت قناة تلفاز أخرى أنه مصاب".

تناقض يؤرق العائلة

هذا التناقض في الروايات الإسرائيلية وغياب أي رواية فلسطينية بخصوص الأمر، إذ لم تتصل وزارة الصحة بالضفة بذويه حتى اللحظة، في حين لم يسمح الاحتلال لأهله بمعاينة جثمانه جعل العائلة في حالة قلق حتى اللحظة بخصوص مصيره.

يصف والده ما حدث بابنه بأنه غاية في الصعوبة، "سجنت أحد عشر عامًا لدى الاحتلال ورغم صعوبة الاعتقال إلا أن ما حدث مع ابني شيء لا يمكن احتماله، فلا أعرف حتى اللحظة إنْ كان حيًّا أو ميتًا خاصة أنه كان أقرب أولادي إليَّ، كان صديقًا وليس مجرد ابن".

ولم يكن وضع والدته أم يونس بأحسن حالًا، فهي لا تدري كيف ستستقبل رمضان وابنها مجهول المصير، تقول: "كان يولي اهتمامًا للأخبار السياسية والعمليات الفدائية في القدس وغيرها، لكنني لم أتخيل يومًا أنه قد يقدم على أي فعل مقاوم".

وتضيف: "نزل الخبر عليّ وعلى أشقائه كالصاعقة، فهو صغير السن، ولم يكن له أي عمل مقاوم من قبل، وهو حديث عهد بقيادة السيارات، فكيف ذهب للحاجز وكيف اخترقه؟ وهل استشهد أم زال على قيد الحياة؟! كلها أسئلة تحرمني طعم الراحة".

وكانت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال -فلسطين، قد ذكرت في فبراير/ شباط الماضي أن عدد الأطفال الشهداء الذين تحتجزهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي في ثلاجات الموتى بلغ 9 أطفال، بدعوى تنفيذهم عمليات طعن أو دهس، أقدمهم منذ عام 2016.