وسط تأمين من الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية بغزة، كان مناصرون لحركة "فتح" برئاسة محمود عباس في "ميدان فلسطين"، وآخرون للتيار الإصلاحي في ساحة "الجندي المجهول" بغزة، يوقدون شعلة الانطلاقة الــ57 لحركتهم، أول من أمس، ما يشير من جديد إلى حجم الحريات الممنوح في غزة للعمل الفصائلي والوطني مقابل التضييق المستمر بالضفة الغربية.
وفي وقت تشاع أجواء حرية الرأي والتعبير في غزة، تنعدم تلك المظاهر بالضفة حتى في أقل حدودها فيتم منع رفع رايات الفصائل خلال مواكب استقبال الأسرى المحررين أو تشييع جنازات الشهداء، كما يُقمع المشاركون في أي تجمهر، أو للاعتراض على سلوك السلطة كما حدث بقمع أمن السلطة موجة الاحتجاجات المطالبة بمحاسبة قتلة الناشط السياسي نزار بنات.
شركاء في المشهد الوطني
وأشاد المتحدث باسم التيار الإصلاحي، عماد محسن بالإجراءات الأمنية التي اتبعتها وزارة الداخلية لتنظيم انطلاقة حركة فتح بغزة.
وقال محسن في حديثه لصحيفة "فلسطين": "في الواقع وبكل موضوعية وجرأة نقول: إن حرية التعبير عن الرأي في غزة أفضل من الضفة وهذه مسألة لا تقبل التأويل والتشكيك".
وقارن بين الحرية في غزة والضفة بأنه في وقت يخرج الناس ليتظاهروا بالضفة نتيجة قمع المعارض أو اغتيال الناشط نزار بنات أو لتصويب أداء حكومي فيتم قمعهم وسحلهم ويقتادون لمراكز الشرطة والتحقيق، تحظى الفعاليات الحزبية بغزة بمتابعة ورعاية وتسهيلات من وزارة الداخلية".
وتابع محسن: "نحن شركاء في المشهد الوطني لمواجهة جبروت الاحتلال وتنكيله بأبناء شعبنا ومواجهة الظروف المعيشية التي يعيشها قطاع غزة نتيجة العقوبات المفروضة".
من جانبه، يقول الكاتب والمحلل السياسي، تيسير محيسن: إن" ما شاهدناه بانطلاقة فتح ومستوى الأريحية المعطاة للحركة بممارسة أنشطتها المختلفة ليس الأول، فخلال السنوات الماضية شاهدنا هذا السلوك والأريحية الواسعة في تنظيم الاحتفال".
وأضاف محيسن لصحيفة "فلسطين" أن حركة المقاومة الإسلامية حماس تؤمن أن الوطن حق للجميع، ومن حق الجميع ممارسة دوره الوطني والتناغم مع الآخر بكل حرية وشفافية بعيدًا عن الحزبية الضيقة، بالتالي تسجل الحركة نقطة ضوء في سياق البعد الوطني، وهو ما لامسه الجميع بأم أعينهم ومن لا يريد رؤية ذلك فلا يزال في حالة استكبار وعمى وطني.
ويرى محيسن وجود فرق شاسع بين قمع كل معارض بالضفة لحد وصل منع رفع راية في استقبال محرر، في وقت تأخذ كل الفصائل بغزة حقها الكامل بالحرية وممارسة السلوك السياسي الحزبي بما فيها "فتح"... الكل مقموع في الضفة من ممارسة هذا الدور السياسي إلا فتح.
هذا الاختلاف يرجع محيسن سببه، للضعف الذي ينتاب السلطة بإدارة الضفة ومحاربة كل من ينتقد سلوكها بالتالي تقف على أرضية هشة فتلاحق حتى أدنى المعارضة السياسية، فيما تقف حماس بغزة على أرضية صلبة مطمئنة لسلوكها وسياساتها ولا يضرها افساح الحريات للجميع.
إشارات إيجابية
من جانبها، قالت المرشحة عن قائمة "القدس موعدنا"، فادية البرغوثي: "ما رأيناه من احتفال انطلاقة حركة فتح في غزة أمر يحمل في ثناياه إشارات إيجابية بحجم الحرية الممنوحة لنشطاء "فتح" وأنصارها في القطاع وهو الأمر الطبيعي حدوثه في هذا الوطن".
وأضافت البرغوثي لصحيفة "فلسطين": "لو نظرنا لما يحدث في الضفة في الفترة الأخيرة فسنجد التضييق على كل رأي مضاد وكل فكر غير مرضي عنه من السلطة وأجهزتها الأمنية، للأسف ما يعانيه أنصار حركة حماس ونشطاؤها وأبناء التنظيمات الأخرى كالجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية وأبناء الكتل الطلابية في الضفة من مطاردات واعتقالات وتهديد يفوق التصور".
وذكرت أن أجهزة السلطة استدعت ما يزيد على ٢٤٠ طالبًا جامعيًّا خلال الفترات السابقة على خلفية نشاطهم النقابي في حرم الجامعات، إذ تم اعتقال عدد منهم لعدة أسابيع وأيام ولا يزال بعضهم قيد الاعتقال.
وأشارت إلى حادثة استشهاد الشاب أمير اللداوي بعد مطاردة سيارته لأنها كانت في موكب استقبال أحد المحررين في مدينة أريحا، قائلة: " أن تُزهق روح الفلسطيني على يد أجهزة أمن من المفترض أن تحميه وتدافع عنه، لمجرد رفعه راية، أمر فاق التصور".
وترى البرغوثي أن سقف الحريات في الضفة قد هُدِم على رأس كل فكر ينادي بالمقاومة والإصلاح ومحاربة الفساد وعلى رأس كل من يقول لا في وجه "المشروع الاستسلامي الهزيل وخطوات التطبيع والتنسيق مع الاحتلال".
وعدّت أن ما حدث في غزة هو خطوة باتجاه تعزيز الوحدة والديمقراطية التي نؤمن بها وينادي بها الجميع، معربة عن أملها بأن ينعكس ذلك إيجابيًّا على ساحة الضفة الغربية.