بعد مرور أشهر على معركة سيف القدس التي نجحت خلالها المقاومة في كسر هيبة دولة الاحتلال لا تزال المقاومة تسعى اليوم وبكل قوة إلى تحقيق المزيد من الانتصارات على هذا الاحتلال بطريقة عقلانية وبمعايير ومبادئ تخدم المصالح العليا للشعب الفلسطيني، وما المناورات التي حدثت إلا شكل من أشكال الحرب النفسية التي تهدف إلى ردع الاحتلال وزرع الخوف لدى قيادته وإحباطه وإرباك مخططاتهم لتحقيق الهزيمة النفسية قبل الهزيمة المادية.
إن مناورة الركن الشديد ٢ التي أطلقتها غرفة العمليات المشتركة للمقاومة الوطنية والإسلامية في غزة ومناورة كتائب القسام درع القدس ليست ترفًا عسكريًّا ولا مجالًا منفصلًا عن المعركة بل هي ميدان معركة بامتياز عكسته قدرات وتطورات الإمكانيات التي وصلت إليها فصائل المقاومة والتي تؤكد على مشروعية القتال لإخراج هذا المحتل من أرضنا، وتهدف لإيصال رسالة قوية عن قوة وقدرة المقاومة، وأنها صاحبة رسالة تتمثل في انتزاع حقوق شعبها التي انتهكها الاحتلال وإذا فهم العدو الرسالة فهمًا صحيحًا فعليه أن يستجيب لشروط المقاومة، وإن هروب الاحتلال من متطلبات المرحلة بتجاهل حقوق شعبنا يدفع فصائل المقاومة إلى ميدان المواجهة بالطريقة والشكل التي يرونها مناسبة.
في المدى المنظور وعند اشتعال المعركة القادمة ستشهد جبهة الاحتلال الداخلية مع غزة أو محور المقاومة إخفاقات عسكرية كبيرة ستحصد أرواح المزيد من الإرهابيين الصهاينة، وإن تراكم القوة ورقي قدرات المقاومة وتصاعدها سيفرض هيبة المقاومة بشكل لافت لتكون العامل الحاكم في هذا الصراع وسنشهد اصطفاف جماهيري واسع في الضفة والداخل المحتل ضد الاحتلال.
على الرغم من التقدم في مسار التنسيق الأمني بين أجهزة أمن السلطة والاحتلال إلا أن الضفة الغربية لا تزال نارًا من تحت الركام، وثورة ستشتعل في وجه الاحتلال وأعوانه وإن تعاظم اشتعال جبهة الضفة بات مسألة وقت في المدى القريب يجعل الاحتلال أمام تحدٍ أمني كبير بسبب عمق جبهة الضفة وأنها خاصرة ضعيفة أمام الضربات.
وفي ضوء ذلك تزايد لدى جماهير شعبنا في الضفة الغربية والمخيمات يقين أن التنسيق الأمني الذي قتل نزار بنات وسجن المجاهدين وجهه الحقيقي لقاء التعاون والتكامل بين عباس غانتس والذي شكّل سقوطًا وطنيًا لهذه المنظومة الفاشلة الفاسدة التي تبتعد عن الوطنية في منطق أعوج في ظل تصاعد الاعتقالات واعتداءات الاحتلال ضد المواطنين في مدن وقرى الضفة وأن ما تقوم به منظومة التنسيق الأمني ليس له تفسير سوى أنها وكيل للاحتلال لحماية المستوطنين في لقاءات عبثية تستمر رغم تعرُّض أسرانا وأسيراتنا في السجون وأهلنا في قرية برقة للاعتداءات والجرائم واستمرار اقتحامات الاحتلال ومستوطنيه للمسجد الأقصى.
بنظرة أكثر عمقًا فان الوضع الفلسطيني في الضفة بات على بوابة الثورة ضد الاحتلال وتحقيق أضرار عميقة المدى ضد الاحتلال ووكيله الأمني الذي باتت صورته النهائية لدى شعبنا بأنه لا يمثل قضيتنا الوطنية بل وزيادة على ذلك بات أحرار شعبنا يدركون أن منظومة التنسيق الأمني ما هي إلا وجه آخر لهذا الاحتلال يعملون على تغطية جرائمه، وإن الظروف الآن ملائمة للمقاومة في الضفة لشن عمليات في المدى القصير وإشعال ثورة شعبية ضد الاحتلال تدفّعه ثمنًا باهظًا.
يؤلمنا كثيرًا أن نسمع تصريحات رئيس أركان الجيش الصهيوني كوخافي يقول للمراسل الصهيوني نير دفوري أن أجهزة السلطة في مخيم جنين شنت عملية اعتقالات ضد عناصر المقاومة الفلسطينية خدمت المنظومة الأمنية وذلك في أعقاب إعلان رئيس جهاز الأمن العام الصهيوني الشاباك بأن هنالك احتمالات عالية لتصاعد عمليات المقاومة في الضفة، هذا هو المعنى الحقيقي أن تكون منظومة التنسيق الأمني وكيلًا للاحتلال مقابل فتات الأموال وبعض بطاقات الـvip.
في ختام مقالي أقول إن المقاومة الفلسطينية وفي كل خطوة في دربها الطويل كانت هويتها لا تقبل الهزيمة ورؤيتها وهدفها واضح تعلم الاتجاه الصحيح ومستعدة لمواجهة أعدائها بكل جرأة وبسالة بهمة عالية، وأن التضحيات التي قدمها القادة المؤسسون والمجاهدون الأوائل كانت ستثمر نصرًا على مشروع الاحتلال الذي يخوض ضدنا معركة مستمرة واضحة العداء ضد الإنسان والأرض والعقيدة والمقدسات.