فلسطين أون لاين

تقرير التعاون الأمني.. "الشيخ" يُجاهر بـ"العَلاقَة المُحرّمة"

...
غزة/ محمد أبو شحمة:

بعدما بدا حسين الشيخ منتشيًا وهو يجرُّ أذيال الهزيمة بإعلان عودة ما أسماه "مسار العلاقة مع (إسرائيل)" كما كان، أواخر العام الماضي، ضاربًا بالإجماع الوطني عرض الحائط؛ استمرت السلطة في التهاوي بوحل التعاون الأمني في 2021، وقبِل رئيسها محمود عباس "الرشوة" من بيني غانتس لمواجهة الإرادة الوطنية.

مهّد إعلان حسين الشيخ، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، أواخر العام الماضي، عودة ما أسماه "مسار العلاقة مع (إسرائيل)" كما كان؛ للمزيد من مظاهر سقوط السلطة في وحل التعاون الأمني خلال 2021، آخرها لقاء رئيسها محمود عباس وزير جيش الاحتلال بيني غانتس في مستوطنة قرب (تل أبيب).

ومع الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق المواطنين، وزيادة تغول واعتداءات المستوطنين؛ اتجهت السلطة إلى تعزيز نهجها الذي يُحرِّمه الإجماع الوطني.

وصدق غانتس في 29 كانون الأول (ديسمبر) على ما أسماها "تسهيلات" للسلطة بعد ساعات من اللقاء، بعد أن اتفقا على "تهدئة الأوضاع الميدانية في الضفة الغربية المحتلة، ومنع تدهور آخر للأوضاع".

وعبر تويتر جاهر الشيخ باللقاء، قائلًا: "إنه تناول العديد من القضايا الأمنية والاقتصادية والإنسانية".

وفي نيسان (أبريل) أجل رئيس السلطة محمود عباس الانتخابات التشريعية التي كانت مقررة في 22 أيار (مايو)، مخالفًا الإرادة الشعبية، ويُتهم عباس على نطاق واسع فلسطينيًّا بإفشال مساعي الوحدة الوطنية مقابل ترسيخ علاقته وعلاقة سلطته بالاحتلال.

وتعول السلطة -وفقًا لحديث مراقبين- في إعادة عودة العلاقات مع الاحتلال على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، بهدف العودة إلى التسوية السياسية والمفاوضات.

ويأتي ذلك في وقت يتواصل فيه ارتقاء الشهداء، وهدم البيوت، واعتقال جيش الاحتلال مئات المواطنين يوميًّا.

ويُعد عباس مهندس اتفاق أوسلو سنة 1993 عراب التعاون الأمني مع الاحتلال، وسبق أن وصفه بأنه "مقدس".

ويطال التعاون الأمني -وفقًا لما ذكر مراقبون- المقاومين في الضفة الغربية، والمُحررين، وينتهك حريات المواطنين.

صفحة قاتمة

ومثل التعاون الأمني تحديًا لستة أسرى انتزعوا حريتهم من سجن جلبوع في أيلول (سبتمبر)، أعاد الاحتلال أسرهم لاحقًا.

وقال غانتس، في آب (أغسطس) إنه اتفق مع عباس، خلال لقائهما الذي عقد بمقر رئاسة السلطة في رام الله، على تعزيز "التعاون الأمني" ​​بين الجانبين.

وسريعًا ذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية أن لقاء غانتس-عباس تناول العديد من القضايا، منها اعتقال منفذ "عملية زعترة" الفدائية جنوب مدينة نابلس، التي أدت إلى مقتل مستوطن وإصابة اثنين آخرين.

وفي تشرين الآخر (نوفمبر) صرح القيادي في حركة الجهاد الإسلامي المحرر خضر عدنان أن اعتقال أمن السلطة المحررين بنابلس يفتح صفحة قاتمة جديدة من التعاون الأمني، والاعتقال السياسي.

وسبقه عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هاني الثوابتة في كانون الأول (يناير) بقوله في لقاء إذاعي: "إن ذكرى اعتقال الأمين العام ورفاقه تمثل يومًا أسودًا في تاريخ النضال الفلسطيني"، مشيرًا إلى أن ما حدث كان نتيجة مسار التعاون الأمني الذي قادته السلطة.

وتداول نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي في آذار (مارس) مقطعًا مصورًا لسيارات أمنية تابعة للسلطة، تؤمن خروج مستوطن إسرائيلي اقتحم مدينة الخليل.

ويؤكد الكاتب المحلل السياسي أحمد المغربي أن العلاقات بين السلطة و(إسرائيل) لم تنقطع، خاصة فيما يخص التعاون الأمني.

ويقول المغربي لصحيفة "فلسطين": "من الممكن أن تتذبذب العلاقات ارتفاعًا وانخفاضًا بين الفينة والأخرى، تبعًا للظروف السياسية والميدانية، لكن السلطة قائمة بفضل الحماية الإسرائيلية لها، ومن المستحيل أن تتخلى عن العلاقات مع الاحتلال".

ويوضح أن السلطة عادت لإعلان عودة العلاقات مع الاحتلال، لأسباب سياسية تتعلق بمحاولتها خطب ود واشنطن، وإعادة العلاقات بينهما بعد فوز بايدن بالرئاسة، وما يترتب على ذلك من دعم سياسي ومالي أمريكي.

ويشير المغربي إلى أسباب اقتصادية وراء التعاون الأمني، أبرزها الحصول على الأموال من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى أسباب أمنية متعلقة باستمرار إحكام السيطرة على مناطق الضفة، وضمان عدم وقوع عمليات عسكرية للمقاومة فيها.

ويرى أن حجم التأييد الشعبي الواسع لفصائل المقاومة الفلسطينية داخليًّا وخارجيًّا -خاصة بعد معركة سيف القدس في أيار (مايو)- سيقلل كثيرًا من تأثير عودة العلاقات بين السلطة و(إسرائيل) في القضية الفلسطينية، لكون السلطة وصلت إلى قمة ضعفها السياسي.

وينبه المغربي إلى أن السلطة ليس لديها خيارات أخرى سوى المفاوضات، وما الضمانات الإسرائيلية لعودة هذه العلاقات إلا أوهام ورهانات لدى السلطة، ثبت فشلها بعد سنوات طويلة من التفاوض مع الاحتلال.

من جانبه يؤكد الباحث المحلل السياسي عبد الله سلامة أن علاقة السلطة مع الاحتلال لم تتوقف لحظة واحدة، وتشهد بذلك تصريحات قادة الأجهزة الأمنية المختلفة، ومِن قبلهم رئيس السلطة في لقاءاته مع رئيس جهاز (شاباك) المتكررة.

ويقول سلامة في حديثه إلى "فلسطين": "الإعلان الأخير الصريح والواضح لعودة علاقات السلطة مع العدو الصهيوني، في هذا التوقيت تحديدًا؛ لا تقل خطورته عن طعنة مميتة في قلب نضال الحركة الكفاحية المستمرة لشعبنا".

ويكمل حديثه: "إن تصريح العودة للتنسيق مع الاحتلال بهذه الصيغة يُجَرِّد الفلسطيني مِن حقِّه في المقاومة لكل أشكال العدوان والاحتلال، وينزع عن مقاومته صفة الحماية والغطاء القانوني بقرارات ما يسمى الشرعية الدولية، ويُعَزّز من مزاعم الرواية الصهيونية الحاضرة في كل الساحات".