فلسطين أون لاين

​لا أدوية إلا القليل من مهدئات الصداع

البصل والثوم والليمون ملاذ الأسرى لمواجهة الشتاء

...
صورة تعبيرية
غزة - أحمد المصري

تتجدد معاناة الأسرى داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، مع بدايات قرع فصل الشتاء لأبوابه، حاملًا معه البرد والصقيع وجمود الأجواء، ليطبع بصورة أو أخرى على أجساد الأسرى أعدادًا من الأمراض والنزلات والتي لا تسعفهم لمواجهتها إلا القليل مما هو بين أيديهم من مأكل أو مشرب أو دواء.

محررون من الضفة الغربية وقطاع غزة، خاضوا لسنوات عديدة تجربة الأسر في سجون الاحتلال، نقلوا لصحيفة "فلسطين" من واقع التجربة العملية ما يجده الأسرى من إمكانيات متواضعةٍ لمواجهةِ أمراض فصل الشتاء، وما يقدمه في ذات الوقت السجان الإسرائيلي لهم من أدوية وعلاج.

الأسير المحرر نافذ حرز، والذي قضى 26 عاما داخل الأسر، قال: إن فصل الشتاء من الفصول التي يَحسبُ لها الأسرى حساباتٍ كثيرة، وذلك لكثرة الأمراض، ووجود عوامل مساعدة لانتشارها بين الجميع.

أمراض شتوية

وأشار حرز إلى أن أكثر ما يشاع من أمراض شتوية ما يتعلق بمرض الانفلونزا، والرشح، ونزلات البرد، والمغص الكلوي، لافتًا إلى أن هذه الأمراض لا تكاد تترك أسيرًا في فصل الشتاء إلا وتصيبه.

ولفت إلى أن اختلاط الأسرى ببعضهم، ومساحة الغرف المحدودة، والأقسام المغلقة التي يتواجدون بها، ومن ثم خروج الأسرى إلى ساحة الاستراحة اليومية وبما تعرف بـ"الفورة"، تعد من العوامل الكبيرة التي تسهم في نشر الأمراض الشتوية في صفوف الأسرى ومن شخص لآخر.

وذكر حرز أن الأسرى المرضى، لا يجدون ما يواجهون به هذه الأمراض، إلا ما يقع بين أيديهم من ثومٍ وبصلٍ وليمون، كطريقة أولى وأخيرة للعلاج، في وقتٍ يدركون من واقع التجربة أن إدارة سجون الاحتلال لن تنعم عليهم في حال تسجيل أسمائهم للعلاج إلا بحبات قليلة من أدوية صداع الرأس "الأكامول".

المحرر رجائي الكركي والذي أمضي 14 شتاءً في سجون الاحتلال، أشار إلى أن "سلاح الأسير" في مواجهة أمراض الشتاء، هو الثوم والبصل وعصر الليمون، إضافة إلى تطهير الأنف من الجراثيم والبكتيريا بطريقة تبخيرة الملح.

ولفت الكركي إلى أن سجون الاحتلال التي يقبع بها الأسرى الفلسطينيون، سيما التي تقع منها في جنوب فلسطين المحتلة، تنتشر فيها الأمراض الشتوية المعروفة بصورة لا يمكن تصورها من أحد، نتيجة شدة البرودة ورطوبة الغرف والأقسام.

وأشار إلى أن أمراضا أخرى تنتشر على أعتاب فصل الشتاء وأيامه، كمرض ألم المفاصل، وآلام المعدة، والتي تحدث نتيجة للبرودة الشديدة في فصل الشتاء، والنقص الكبير في الملابس والأغطية الشتوية داخل السجون.

بصل وليمون

وأضاف الكركي "هناك اعتماد على الثوم والبصل والليمون رغم أن وجودها بكميات قليلة متواضعة جدًا، وفي كثير من الأحيان تفتقد وقت حاجتها في ظل مرض أسير ما"، منبهًا إلى أن "مُمرض السجن" لا يقدم للأسير المريض شيئًا سوى مسكن الصداع "الأكامول".

أما المحرر سعيد بشارات والذي أمضى ثمانية أعوام داخل الأسر، فقال: إن الجو المغلق في السجن، يعمل على إصابة غالب الأسرى بأمراض الانفلونزا والرشح، والتي تكون في معظم الحالات شديدة بصورة لا يتخيلها إنسان.

ولفت بشارات إلى أن تلافي الوقوع في هذه الأمراض من الأمور الصعبة داخل الأسر، وذلك لأن الأسرى لا يفارقون أنفسهم، فيما أن العلاجات التي ينصح بها من قبل إدارة السجن وفقا لما مر به من تجربة لا يخرج عن الإكثار من تناول الماء والسوائل والتدفئة بالملابس، مع إعطاء أدوية تقليدية.

وأضاف: "إدارة السجن لا تقدم شيئا, كل ما تقدمه هو حبة صفراء اللون دائرية الشكل بحجم حبة العدس يسمونها فيتامين سي وهي تُقدم اذا ما شكى الأسير من الانفلونزا، ولكنها في النهاية لا تفعل شيئا خاصة في جو مغلق مثل السجن".

وذكر أن الأسرى يلجؤون غالبا إلى العلاجات الطبيعية مثل الليمون بكثرة، لمجابهة أمراض الشتاء، في وقت أن وسائل العلاج الموجودة بين أيديهم محدودة جدا، ولا تسمن أو تغني عن شفاء.

وتشير مؤسسات حقوقية مختلفة إلى أن مستوى العناية الصحية بالأسرى الفلسطينيين "سيئ"، وبات موضوع علاج الأسرى موضوعًا تخضعه إدارات سجون الاحتلال للمساومة والابتزاز والضغط على المعتقلين، إضافة إلى أن عيادات سجون ومعتقلات الاحتلال، تفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات الصحية، والمعدات والأدوية الطبية اللازمة، والأطباء الأخصائيين لمعاينة ومعالجة الحالات المرضية المختلفة التي تجري على مدار فصول السنة.