في ظل تنامي التهديدات الإسرائيلية ضد قطاع غزة ومع استمرار تضييق الحصار وعدم التحرك بملف الإعمار، وتصاعد الهجمة الإسرائيلية في القدس المحتلة، وزيادة هجمات المستوطنين بالضفة الغربية، انطلقت أمس، مناورات الركن الشديد "2" لتوجه المقاومة الفلسطينية من خلالها رسائل لأطراف عديدة.
وأطلقت غرفة العمليات المشتركة التابعة لفصائل المقاومة في غزة، مناورة عسكرية كبرى تحت عنوان "الركن الشديد 2"، تستمر لعدة أيام بهدف رفع الجهوزية القتالية، وتعزيز التنسيق بين الأجنحة العسكرية المختلفة.
وتأتي المناورة بعد مناورات أجرتها كتائب القسام مؤخرًا، في وقت يُجري فيه الاحتلال مناورات مكثفة أجرى خلالها ثلاث مناورات في نوفمبر الماضي، واحدة منها استمرت شهرًا كاملاً، لاختبار جهوزية قواته للانتقال سريعًا إلى حالة حرب في جبهات متعددة، وشملت كل أذرع الجيش، وبعضها امتد أسبوعًا، وكذلك شارك في مناورات جوية مع 7 دول أجنبية بينها الولايات المتحدة.
وتأتي هذه المناورة كذلك في وقت تشهد غزة هذه الأيام حراكًا ملحوظًا من جانب المقاومة، واجتماعات على مستويات عليا، آخرها انعقاد اجتماع بين حركتي المقاومة الإسلامية حماس والجهاد الإسلامي، بمشاركة قيادات عسكرية من الحركتين، خلص إلى رفع مستوى التنسيق بينهما.
رسائل عديدة
وقال الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي أيمن الرفاتي، إن هذه المناورات الفلسطينية تهدف إلى قياس استعدادات فصائل المقاومة لأي مواجهة عسكرية، ومن ثم زيادة ثقة الجمهور الفلسطيني بخيار المقاومة، وتأكيدًا أن هذا الخيار يستطيع الشعب من خلاله تحقيق أهدافه وإنجازاته السياسية والإنسانية.
وأوضح الرفاتي في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن خيار المقاومة بات خيار الشعب الفلسطيني بشكل كامل، وأن الخيارات الأخرى المتعلقة بالمفاوضات والتسوية مع الاحتلال باتت غير مجدية.
ورأى الرفاتي أن المناورات تحمل رسائل للاحتلال أن المقاومة مستعدة لأي مواجهة جديدة، وأن تهديدات المقاومة التي تخرج عند الأحداث والاعتداءات الإسرائيلية والتي كان آخرها ضد الأسيرات هي تهديدات حقيقية وواقعية وقد تقود لذهاب المقاومة لمواجهة عسكرية جديدة مع الاحتلال.
وأشار إلى أن المناورة تثبت للجمهور الإسرائيلي أن جيش الاحتلال يكذب عندما يتحدث عن استهداف قدرات المقاومة والإجهاز عليها خلال العدوان الأخير على غزة، وأن المقاومة بات لديها القدرة على مواجهة عسكرية جديدة، وأن قوتها لم تتأثر من المواجهة الأخيرة، وأنها تستعد لمعركة جديدة سيكون تأثيرها كبيرا على الجبهة الداخلية الإسرائيلية لدولة الاحتلال.
مشاركة الفصائل
تتميز المناورة أنها تتشارك فيها الفصائل الفلسطينية في إطار الغرفة المشتركة وتحاكي الهجوم وليس الدفاع كما حدث بمناورة الركن الشديد "1" التي انطلقت أواخر العام الماضي -بحسب المختص في الشأن الأمني محمد أبو هربيد.
ورأى أبو هربيد في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن المناورات تأتي في توقيت حساس في ظل تنامي التهديدات وسط الحديث عن مؤشرات لاندلاع انتفاضة شعبية في الضفة الغربية وتصاعد العمليات في القدس المحتلة، وحالة الاحتراز الأمني الذي يتخذه الاحتلال بعد الانتهاء من بناء الجدار الأمني على السياج الفاصل مع قطاع غزة، ويحاول اختبار قدرات المقاومة حول مدى إمكانيتها لاختراقه.
وأشار إلى أن المناورات تزيد من التقارب الميداني العملياتي لفصائل المقاومة، وكذلك يأخذ الأداء طابعًا أكثر في النمو، إلا أن المقاومة لا تعلن ماهية وتفاصيل المناورة كاملة إذ يبقى جزء منها مخفيًا.
وبيّن أبو هربيد أن قواعد الاشتباك اختلفت لصالح المقاومة بعد معركة سيف القدس من حيث القدرة الصاروخية التي آلمت الاحتلال، خاصة أن المناورة تحاكي عمليات هجومية فيها مرشحة للانتقال لأرض العدو.
وتساعد المناورات على تنسيق عمل الأجهزة العسكرية ضمن منظومة عمل مشتركة -بحسب أبو هربيد- وهي تأتي لإيصال رسائل للاحتلال على جهوزيتها الكاملة، وأن لديها من الإمكانات ما يستطيع التصدي لأي اعتداء لإشعاره أن هناك قوةً موجودة، ما يرفع من شأن المقاومة لدى أبناء شعبها.