قائمة الموقع

نبات السفوح الجبلية وملك الخضار يشتله "دراوشة" منزليًّا

2021-12-24T10:50:00+02:00
نبات العكوب الفلسطيني مطبوخا

 

تجربة فريدة نفذها الخبير الزراعي الفلسطيني عيسى دراوشة بزراعة نبات "العكوب البري"، ضمن مشاريعه المتعددة للزراعة المنزلية التي يكرس جانبًا كبيرًا من وقته لتعلمها وتعليمها للآخرين، لكن زراعة العكوب تكتنفها صعوبات تميزه من أي نبات آخر.

و"العكوب" نبات بري ينتشر في جبال شمال فلسطين المحتلة والضفة الغربية، وهو طبق مفضل على مائدة الفلسطينيين في فصل الشتاء.

حب دراوشة لنبات العكوب جعله يضيفه لقائمة مزروعاته المنزلية رغم عدم سهولة الأمر، "فالحصول على بذور العكوب بحد ذاته أمرٌ ليس بالهين، إذ يتطلب الذهاب إلى السهول لالتقاطها لكونها غير متوافرة في المشاتل الزراعية".

والعكوب نبات شوكي معمّر يعود استخدامه إلى أكثر من 2000 سنة، وله العديد من الأسماء مثل العقوب، والعاقوب، والخرشوف، والخرشف، وعكوب الجبل أو السلبين، وسمي العكوب بهذا الاسم لأنه أول نبات يعقب المطر.

بيئة مشابهة

والعكوب – وفقًا لإفادة دراوشة- يحتاج لصبر ثلاث سنوات للبدء في حصد ثماره، يقول: "كانت البداية عندما أهدى صديقٌ لي بعض بذور العكوب، اخترتُ الجيد منها، قمتُ بإنباتها وتجهيز الأصص (جمع أصيص) مدة يوم كامل بأكياس صغيرة وعلبة للإنبات، ثم زرعتها في تلك الأصص".

بعد ذلك أَضاف دراوشة للتربة "الكمبوست" (سماد عضوي حيواني أو نباتي) الذي يصنعه منزليًّا (من عدة مواد، منها قشور الموز وماء الأرز والشمندر)، وفي أيام الشتاء التي تكون فيها الشمس معتدلة الحرارة يعرض النبتة للشمس، ويتركها تُسقى بماء المطر.

أما في الصيف فتحتاج نبتة "العكوب" للسقاية بالماء، "لمساعدة النبات على النمو الخضري بخلق بيئة مشابهة لبيئته الطبيعية، فيستمد النيتروجين والفسفور والبوتاسيوم اللازمة لنموه من السماد".

ومع سهولة زراعة أغلب الخضراوات منزليًّا حيث تبدأ المزروعات في إطلاق الثمار خلال شهرين من زراعتها على أبعد تقدير؛ إن العكوب –وفقًا لتجربة دراوشة- يحتاج للكثير من الوقت والعناية حتى تحصد ثماره.

ويوضح أن الشمس الحارقة تتسبب في جفاف جذور "العكوب"، ولا بد من تسميده مع حلول فصل الشتاء من كل عام.

ويذكر أن كثيرًا من أصدقائه الذين يقاسمونه هواية الزراعية المنزلية نجحوا في زراعة العكوب منزليًّا، خاصة من زرعوه في ساحات منازلهم، فلديهم مجموعة في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" يتبادلون عبرها خبراتهم في الزراعة المنزلية.

واهتمام دراوشة البالغ بمعرفة مصدر المحاصيل التي يتناولها والأسمدة التي أضيفت لها جعله يهتم كثيرًا بالزراعة العضوية والمحاصيل الصحية، يقول: "ارتأيتُ أنه من الممكن أن يزرع كلٌّ منا حتى لو يمتلك أرضًا محاصيل يباشرها بنفسه ويتحقق من سلامتها، عبر الزراعة في الأصص أو على أسطح المنازل أو شرفاتها".

ويشير إلى أن أي شخص يمكنه الزراعة المنزلية، حتى لو لم يتمكن ماديًّا من شراء أصص خاصة، فيمكنه إعادة تدوير أي أوانٍ بلاستيكية والزراعة فيها.

هكذا يبدو

وتبعًا لحديث الخبير الزراعي؛ يميل لون العكوب إلى ما بين الأخضر والأبيض، وشكله أسطواني نوعًا ما، وورقه أخضر تُغطّيه الأشواك على شكل وبرٍ، جذوره سميكة ينمو منها النّبات في كل موسم، بعد أمطار الخريف وخلال فصل الشتاء إلى أواخر الربيع إذ ينتج النبات ورودًا جديدة، يبلغ ارتفاعه بين 30 و90 سم.

يمتاز ورقه الأخضر بمركزه الذي يظهر بعدة ألوان منها الأحمر، والأصفر، والأرجواني، وتكون أوراقه ناعمة عادة، أما العروق فتأخذ لونًا فضيًّا، زهوره بنفسجية محمرة تأخذ شكل رؤوس كبيرة منفردة تنتهي بأشواك تعطيها شكل النجمة، وهي ثنائيّة الجنس؛ أي تمتلك أعضاء تلقيح مذكّرة ومؤنثة في الوقت نفسه، ويمكن تناولها عند نموّها في فصل الرّبيع، ويصبح أكثر جفافًا تدريجًا خلال فصل الصّيف إذ تصبح أوراقه صفراء ويظهر عليها الشّوك، أما عند انتهاء حياتها فتنفصل النّبتة عن الجذر، وتطير بذورها مع الرّياح لتنمو في محصول السّنوات الآتية، ويباع العكوب في أسواق القدس، وسوريا، والعراق، ولبنان، ويُجمع في البراري.

غذاء ودواء

تقليديًّا استخدم العكوب لعلاج أمراض الكبد، والسّكّري، وآلام الصّدر، والسكتة الدماغية، وأمراض القلب، وآلام المعدة، والبُهاق، والإسهال، والتهاب الشعب الهوائية.

وهو ملين، ومهدئ، ومضاد للالتهابات، ومكافح للطّفيليات، ويساعد على إزالة الماء من المرضى الذين يعانون تضخم الطحال، وأثبتت العديد من الفوائد العلاجيّة لمركبات العكوب؛ فهو -مثلًا- مضاد للجراثيم، ومضاد للأكسدة.

وأشارت الخصائص الدوائية التي لوحظت إلى وجود ارتباط وثيق لهذه التأثيرات بمحاربة الأمراض المعدية، واضطرابات الجهاز الهضميّ، وارتفاع ضغط الدّم، والسرطان.

وله أهميته وقيمته الغذائية، وأسعاره مرتفعة طوال موسمه الذي يزيد على شهر، وحتى يكون جاهزًا للطبخ يمر النبات الشوكي بمرحلة "التعكيب"، وفيها تقلم ثماره وأضلاعه من الشوك المحيط به، وعادة ما يقوم بذلك أناس متخصصون مقابل أجر معين.

والفرع الذي يحمل كمية أكبر من رؤوس (ثمار) العكوب الأكثر مبيعًا والأطيب طعمًا، وليس الأضلاع الخالية، ويطهى بطرق مختلفة، فقد يقلى وحده ويضاف له اللحم أو البيض، ويؤكل بالخبز في هذه الطريقة.

وقد يسلق بالماء مع لحم الضأن أو البقر ليصير مرقًا، ثم يضاف إليه اللبن البلدي الرائب، وبهذه الحالة يعد إلى جانبه الأرز المسلوق.

ويصل سعر الكيلوجرام من "الذهب الأخضر" كما ينعت في داخل الأراضي المحتلة عام 48م؛ إلى قرابة 70 شيقلًا.

يحتوي العكوب على الكثير من الأملاح المعدنية، خاصةً: البوتاسيوم، والحديد، والمغنيسيوم، وفيتامين (أ، ب، ج، ك)، والدهون، والكربوهيدرات، والبروتينات، والدهون المشبعة، والألياف.

وله تنشد أهزوجة شعبية موزونة تتردد على ألسن النساء الفلسطينيات: "ملك الخضار العكوب .. وما أزكى طعمه مع البهار وطعمته بتشق القلوب".





 

اخبار ذات صلة