فلسطين أون لاين

وادي ياصول.. حي مقدسي يعيش أهله فصولًا من المعاناة

...
غزة/ هدى الدلو:

يعيش خالد شويكي (42 عامًا) في حي وادي ياصول كل يوم فصلًا من فصول القهر والخوف من مصادرة منزله أو هدم بيته الذي يؤويه ويضم ذكريات عائلته، فيترقب أي صوت يسمعه في الحي خوفًا من أن تكون جرافات شرعت في هدم منزل لأهالٍ من سكان الحي.

وتسكن عائلة شويكي في الحي منذ عام 1972، إذ تعد من أولى العائلات التي بنت منزلًا وسكنته، وسبقه في البناء منزل لعائلة بربر.

يقول لصحيفة "فلسطين": "الأرض أرضنا فقد ورثتها من أجدادي، ففيها نسكن ونزرع ونحصد"، لافتًا إلى أن والده شيَّد أول منازل الحي وسكن فيه عام 1972.

ويوضح أن بلدية الاحتلال في القدس بدأت ملاحقتهم منذ عام 1993، بتغريمهم ماليًّا بدعوى البناء غير المرخص وتهديدهم بهدم منازلهم بشكل مستمر، وهو ما حوّل حياة السكان في الحي إلى جحيم، "ما جعل حياتهم تنقلب رأسًا على عقب، وتصبح أشبه بالجحيم".

وتكمن أهمية مكان وادي في وقوعه ضمن نطاق بلدة سلوان المطلة على المسجد الأقصى جنوبًا، وتعد أراضيها من أخصب المناطق الزراعية، لجودة التربة خاصة أنها قريبة من حي عين اللوزة.

وتخطط بلدية الاحتلال لتحويل حي وادي ياصول إلى غابة باسم "غابة السلام"، لكن بعد التمحيص اكتشف محامي عائلات حي وادي ياصول زياد قعوار، أن أراضي الحي تم إخراجها من حدود هذا المشروع الاستيطاني.

وأوضح في حديث صحفي للجزيرة نت" فتقدم هو والسكان -مرة أخرى- بمشروع جديد لتثبيت البناء في الحي، لكن اللجان الإسرائيلية المختصة رفضته أيضًا.

وكان السكان والمحامي قد تلقوا وعودًا بالتصديق على المشروع وتحويل تصنيف الأرض من منطقة خضراء إلى سكنية، لكن في عام 2009 رفضت اللجان المختصة ببلدية الاحتلال المشروع، بادعاء أنه يتعارض مع الخريطة الهيكلية الجديدة لمدينة القدس.

ويرفض شويكي مغادرة منزله، أو تقبل فكرة مغادرة وادي ياصول والبحث عن مكان آخر، "فهذا المكان المميز الذي أسكنه أدرك أن عليَّ دفع ضريبة الدفاع عنه، والرباط فيه، ومهما كانت الضريبة فلن أترك مكاني في سبيل عمل مشاريع استيطانية".

ويوضح أن المميز في هذا الحي أنه منعزل إلى حد ما عن بقية أحياء البلدة، وآمن لأن له مدخلًا واحدًا وكذلك مخرجًا.

وأكثر ما يغيظ شويكي، سماعه للرواية التوراتية التي يتغنى بها الجنود والمستوطنون ومحاولاتهم للتغيير الديموغرافي، "وأن الأرض لسيدنا سليمان الذي كان يعمل في أرض الميعاد وكان يربي غنمه فيها، ويعيش مع زوجاته".

ويتابع: "هذه قصص واهية لا أساس لها من الصحة، فنحن السكان الأصليين لا نتحدث عن شعارات رنانة، فهم ماذا في جعبتهم من إثبات ملكية تلك الأرض؟ فقوة السلاح لا تعطيهم صلاحية الاستيلاء بل ينم عن أنه ضعيف".

ويستكمل شويكي حديثه: "نحن معنا ألعابنا وطفولتنا وتاريخنا، وعظام أجدادنا المدفونة في باطن الأرض".

تحت التهديد

ومن جهته، يتحدث الناشط المقدسي أمير مراغه بأن حي وادي ياصول هو أحد أحياء بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى المبارك، وتُصنّف ضمن المباني الواقعة تحت التهديد الإسرائيلي بالهدم قريبًا، ويسكن فيه 700 مقدسي ضمن 7500 مقدسي، موزعين على 6 أحياء مهددة بالتهجير القسري، إما عبر هدم منازلهم بحجة البناء دون ترخيص، أو بطردهم وإخلائها لصالح الجمعيات الاستيطانية الإسرائيلية.

وفي الأيام الأخيرة، رفضت المحكمة المركزية الإسرائيلية بالقدس الاستئناف المقدم من أهالي "وادي ياصول"، والذي طالب بتجميد قرارات الهدم الصادرة بحق 84 بناية، منها 56 تواجه خطر الهدم الفوري.

ويشير مراغه إلى أن الوادي يعتبر موقع مهم من الناحية التاريخية والجغرافية بسبب وقوعه بالجنوب الغربي للمسجد الأقصى المبارك، وأيضًا أسفل جبل المكبر من مكان تكبير الخليفة الراشد عمر بن الخطاب يوم دخوله للقدس.

ويبين أن الوادي يشكل امتدادًا لأراضي سلوان التي تفصل بين شرقي القدس عن غربيها، ويحاول الاحتلال تنفيذ مشاريع تهويدية فيه وإقامة حديقة تلمودية وهدم كافة البيوت الموجودة وتوسيع ما يسمى بحديقة السلام.