فلسطين أون لاين

تقرير "أرماء".. متنفس ثقافي متنقل للأطفال المقدسيين

...
القدس-غزة/ مريم الشوبكي:

تتنقل مكتبة أرماء بشكلها الجذاب بين شوارع القدس ومدارسها، لحث الأطفال على القراءة والمطالعة. وتضم المكتبة كتبًا متنوعة اختيرت بعناية من أجل تعزيز السلوك الإيجابي للأطفال المقدسيين وتحفيزهم للتفكير الإبداعي، كما يقول القائمون على المشروع.

والمكتبة عبارة عن "كرفان" ثبت على جانبيه أرفف تحمل الكتب ويستطيع الطفل الوصول إليها بيسر، وتفتح أبواب المكتبة إلى أعلى وبذلك تتحول إلى مظلات يحتمي الأطفال تحتها من الشمس. أما المساحة الداخلية في "الكرفان" فتم مواءمتها من أجل تنفيذ أنشطة تحتاج إلى تركيز ولا سيما للأطفال الذين يعانون التوحد. كما تحمل أبوابها جهازًا لعرض أنشطة تفاعلية للأطفال.

جمال (10 أعوام)، وحلا (8 أعوام)، ويزن (5 أعوام)، ثلاثة إخوة يجمعهم حب القراءة التي تزداد متعة حينما يقومون بقراءة الكتب في الفضاء الشاسع عبر مكتبة أرماء المتنقلة، ويتشاركون القصص مع غيرهم من الأطفال.

يقول جمال دويك من القدس: "والدتي هي من ربطتنا بحب الكتب والقراءة فهي كاتبة قصص، ودائمًا تصطحبنا إلى المكتبة من أجل شراء وقراءة قصص الأطفال، ولكن أن نقرأ في مكان مفتوح ففيه متعة أكبر إذ نلتقي بأصدقاء جدد ونزيد من نطاق معارفنا".

ويضيف جمال لـ"فلسطين": "المكتبة المتنقلة تجذب الطفل نحو مطالعة الكتب أكثر، ليس جميع الأطفال يتمكنون من ارتياد المكتبات وشراء الكتب، وهي أيضًا تشجع من لا يقرأ على القراءة".

ويبين أنه يستمتع أيضًا بالفعاليات التي تنفذها المكتبة، والتي تجمع التفكير والترفيه والمرح في آن واحد.

وتبدي المقدسية شيماء عبد ربه إعجابها بفكرة المكتبة المتنقلة، والتي تحفز الأطفال لحب القراءة، والارتباط بالكتب.

وتقول عبد ربه لـ"فلسطين": "تقدم المكتبة أيضا مسرحيات بالدمى المتحركة، والأجمل هو القيام بفعاليات وأنشطة تتطلب وجود الأهل برفقة أبنائهم لتطويد العلاقة بينهم، وربطهم بوطنهم فلسطين من خلال دعوتهم بلبس الزي الفلسطيني". 

مكتبة عصرية

من جهتها تبين نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة أرماء المقدسية وفاء عصفور أن فكرة المكتبة الثابتة بدأت في عام 2014م، ولكن بسبب ضعف التمويل لم ينفذ المشروع في حينه، لذا بحثت المؤسسة عن فكرة مبتكرة لا تحتاج إلى تكاليف عالية.

وتوضح عصفور لـ"فلسطين" أن المكتبة تنفذ أنشطتها بتمويل من جمعية "وقت القراءة" التركية، والتي تعنى بإقامة مشاريع ثقافية ومشاريع حيوية في القدس.

وعن اختيار التصميم العصري للمكتبة، تذكر أن الكرفان مصنوع بطريقة مبتكرة ومميزة ليفتح من كل الجوانب، وجاء موائمًا للأحداث الصحية التي فرضتها جائحة كورونا، والتي أصبح فيها العالم يتجه نحو الأماكن المفتوحة.

وتلفت عصفور إلى أن المكتبة صديقة للبيئة، فكهرباء الكرفان تتولّد من الطاقة الشمسية التي تولدها ألواح تحملها الشاحنة.

وتلفت عصفور إلى أنه تم اختيار الكتب بعناية تناسب الفئات العمرية من جيل رياض الأطفال حتى 12 عاما، ومن عمر 13 عاما فما فوق، كما تُجدَّد الكتب باستمرار.

والمكتبة المتنقلة تحتوي على كتب متنوعة ما بين الروايات، والقصص، والكتب العلمية، والفلك، والأحجيات، وبطاقات تعزيز الذكاء والتفكير.

وعن كيفية تنفيذ الأنشطة، تجيب عصفور: "يتم حجز الأنشطة من خلال رابط صفحة المؤسسة على فيس بوك، من قبل المدارس والمؤسسات، حيث يتم تنفيذ أنشطة مبتكرة غير مباشرة، لا منهجية، ومجتمعية".

وتشير عصفور إلى أن أرماء تهدف إلى تعزيز القراءة، والكتابة، والتركيز، والتفكير، لدى أطفال القدس، وهي وسيلة تجعل الشخص ليسافر بفكره بعيدًا، ويدخل عوالم دون أبواب.

وتؤكد أن المشروع هدفه تخفيف الضغط النفسي عن المقدسيين في ظل التهميش الذي يعيشونه، وقلة المساحات الخضراء، كما يقدم خدماته لمناطق في الضفة الغربية المحتلة بما في ذلك مناطق (ج).

وتعرف المناطق (ج) بأنها تلك الأراضي التي أعطى اتفاق أوسلو بين السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال عام 1993، السيطرة الأمنية والمدنية الإدارية عليها للاحتلال، وهي تشكل قرابة 60% من مساحة الضفة الغربية.

وتتنقل مكتبة أرماء بين أحياء القدس، بحيث يسلم الأطفال والكبار أيضا الكتب ويتسلمونها في يوم محدد، ناهيك بأنظمة خاصة بالقراءة في المحطات أيضًا.

وتلفت عصفور إلى أن المكتبةَ تقدم مسرحيات تربوية بالدمى المتحركة، وأمسيات مجتمعية حكواتية حيث تتم دعوة الأهل مع أطفالهم لسماع الحكايات.

وتطمح "أرماء" إلى إنشاء مكتبة كبرى ثابتة في مدينة القدس في المرحلة القادمة، ففي المدينة هناك مكتبة واحدة فقط تابعة لبلدية الاحتلال الإسرائيلي.