فلسطين أون لاين

حوار البردويل: حماس شكّلت إضافة نوعية للعمل الوطني ولا تزال ثابتة على موقفها ومبادئها

...
د. صلاح البردويل عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس (أرشيف)
حوار/ يحيى اليعقوبي:

قال عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس د. صلاح البردويل: إن حركة حماس شكّلت إضافة نوعيةً للعمل الوطني الفلسطيني وللفكر والثقافة الفلسطينية، وإن انطلاقتها كانت أوسع من كونها حركة ذات بعد سياسي وديني وثقافي وقيمي وأخلاقي، ووقفت في وجه كل المشاريع التصفوية ورفعت شعارات وطبقتها، وجاءت في لحظة زمنية كادت القضية الفلسطينية أن تقع في براثن الذين ساوموا عليها.

وأضاف البردويل في حوار خاص مع صحيفة "فلسطين" في ذكرى انطلاقة الحركة الرابعة والثلاثين، أن حماس انطلقت في مشوارها السياسي عام 1987 بعد تاريخ من العمل الاجتماعي والدعوي والثقافي والاجتماعي، في لحظة كانت تتعرض القضية للمساومة والمفاوضات السرية بين الأمريكان ومنظمة التحرير، والتي أفضت لاعتراف المنظمة وفق ما سمي بوثيقة "الاستقلال" عام 1988 التي اقتطعت من أرض فلسطين 78% وبنت المنظمة أحلامها على 22%.

واستدرك البردويل، "عندما وقفت حماس ضد ذلك وثار الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال، أرادت اثبات أن الأرض كل الأرض كاملة للشعب الفلسطيني، وأن الدولة الفلسطينية يجب أن تقوم على كامل التراب وعاصمتها القدس كاملة وليس فقط على أرض الضفة والقطاع منقوصة السيادة".

وذكر أن حماس وقفت في وجه مؤتمر مدريد عام 1991 والذي أراد تكريس نتيجة المفاوضات السرية مع الأمريكان بكل قوة وتعرضت لهجمة من الملاحقة والإبعاد والسجن ووقفت في وجه مشروع تصفية القضية في "أوسلو".

وأكد البردويل أن الحركة حافظت على نمطٍ من القيم الأخلاقية التي بدت واضحة في الثقافة والسلوك الوطني الفلسطيني ووحدة النسيج الاجتماعي رغم ما تعرضت له من انقلابات خطيرة، وعلى رأسها الانقلاب على الديمقراطية حينما حصلت الحركة على أغلبية مقاعد المجلس التشريعي عام 2006.

وأشار إلى أن الحركة تلقت ضربات من منظمة التحرير ودول عربية ولم يعترف الاحتلال بنتيجة الانتخابات، لكن حماس "لم تقبل أن يكون المجلس التشريعي والحكم الفلسطيني تحت سقف أوسلو، وواجهت حروبًا شرسة شنها الاحتلال على غزة، وراكمت قوتها وأوقعت بالاحتلال خسائر كبيرة.

كما أكد أن الحركة لا تزال ثابتة على موقفها تحافظ على سلاحها ومبادئها وشعبها وتعمل بكل قوة للملمة الصف الفلسطيني.

العلاقة مع الفصائل

وقال البردويل: إن العلاقة مع معظم الفصائل وصلت إلى حد تطابق المواقف السياسية في رفض الأسلوب الذي تمارسه منظمة التحرير وحركة فتح بالإقصاء والتفرد وعدم الاعتراف بشرعية حماس التي أثبتت أنها ملتزمة بالديمقراطية والانتخابات بل هي التي تدعو إليها.

وأشار إلى أن حماس مدت يدها للمصالحة المجتمعية مع فتح ومستعدة لمواصلة ذلك، رغم تمنع قيادات متنفذة بفتح ترفض الشراكة والمصالحة والمجتمعية وتستعين بالاحتلال من أجل أن تبقى في مقدمة العمل الفلسطيني ولو كان على حساب القضية الفلسطينية.

ورقة المصالحة

فيما يتعلق بالورقة التي قدمتها حماس مؤخرًا للقاهرة، أوضح البردويل أن الورقة جاءت بعدما طلبت القاهرة من الحركة تقديم ورقة تخص المصالحة والمنظمة، وتضم نقطتين أن المصالحة تبدأ بإعادة إصلاح المنظمة كليًا وكذلك إعادة انتخاب مجلس وطني وقيادة فلسطينية وبرنامج نضالي شعبي مشترك لمواجهة الاحتلال وهذا جوهر الورقة، لافتا إلى أن الورقة لاقت استحسانًا من مصر دون أي متابعة أو رد فعل من حركة فتح والسلطة.

وذكر أن حماس تمارس المصالحة على الأرض من خلال العمل الإجرائي مع أبناء فتح ومستعدة يوميا أن تلتقي مع فتح، لكن "القيادات العليا خاصة الرئاسة متناقضة ومشتتة وأجندتها غير مرتبطة بالمصلحة الفلسطينية أكثر من علاقتها مع الدول الغربية والاحتلال".

وأكد أن حركته مستعدة للعمل وفق الثوابت وإصلاح منظمة التحرير والتوافق على برنامج مشترك وبرنامج عمل شعبي نضالي لمواجهة الاحتلال، معتبرًا ذلك الأسلوب الأمثل لإصلاح البيت الفلسطيني.

دعوة الجزائر

وعن مبادرة الرئيس الجزائري لاستضافة بلاده ندوة جامعة للفصائل الفلسطينية قريبًا، رحب البردويل بالدعوة، مؤكدًا أن حماس ستستجيب للدعوة متى وجهت إليها ولن تتأخر عن تلبية دعوة تخرج إليها من الجزائر.

وأردف "الجزائر بلد شقيق محبوب لدينا، نُكنّ له الاحترام على مواقفه تجاه الشعب والقضية الفلسطينية".

وعن المشهد السياسي الفلسطيني، أكد البردويل أن الأزمة تتعلق بالقيادة الفلسطينية التي فشلت في إدارة الصراع العربي الإسرائيلي، وارتمت في أحضان مشاريع غير مجدية ولم تتعظ من الفشل المتتالي منذ مدريد حتى الآن وتصر على التفرد بالقرار الفلسطيني.

وتطرق عضو المكتب السياسي إلى نتائج الانتخابات المحلية بالضفة، وقال: إن نتائجها تكشف عن وعي الشعب الفلسطيني ودقة مشاعره، حيث وجه لكمة كبيرة لمن حاول الاستهتار بحقوقهم في الانتخابات العامة.

وأضاف أن فتح خاضت الانتخابات بكل قوتها، لكن سمعة السلطة السياسية جنت على فتح، وفازت العشائر والقبائل والعائلات وتنظيمات صغيرة عليها، ويجب أن تكون النتائج جرس إنذار للحركة ألا تسير في نهج السلطة والمساومة على الحقوق الفلسطينية.

اجتماع المركزي

بشأن اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير في يناير المقبل، وما صرح به رئيس السلطة محمود عباس أنه "سينتج عنه قرارات مهمة فيما يخص العلاقة مع الاحتلال"، قلل البردويل من الاجتماع، مؤكدًا أنه لم يعد للسلطة أي مصداقية في تغيير العلاقة مع الاحتلال إذ لم تنفذ شيئًا من توصيات المجلس.

وذكر أن اجتماع المجلس المركزي يهدف لتحسين صورة السلطة، لكن "ليس بهذه الطريقة وإنما خلال إصلاح المنظمة بشكل يراعي الثقل الحقيقي للشعب الفلسطيني على مستوى الفصائل والقوى الشعبية، أما إذا كان لسد ثغرات وشواغر فلن يقدم شيئا وستبقى المنظمة هالكة بدون الاعتماد على إرادة الشعب الفلسطيني".

ولدى سؤاله إن كان الاستمرار في الحصار وتسويف ومماطلة الاحتلال بالإعمار قد يفجر الأوضاع من جديد، قال البردويل: إن الاحتلال يظن أنه يستطيع تمرير حالة من البرود بأن لا سلم ولا حرب ولا رفع للحصار، وأن يبقى الأنف فوق الماء حتى لا يحيا الشعب حياة كريمة ولا يعطي إنجازا لحماس.

وحذر من أن "هذه مقدمات فاشلة ستقود لنتائج ستكون وبالاً على الاحتلال".

وأضاف "نعول على الأطراف الوسيطة أن تعيد النظر في ذلك وتحث الاحتلال على تنفيذ التزاماته قبل أن نصل لهذه النتائج".

وفي شأنٍ آخر، أكد البردويل أنه لا يوجد جديد في صفقة التبادل مع الاحتلال، وأن الأخير يتحمل المسؤولية دائمًا، وأن حماس حريصة أن تكون هناك صفقة تبادل مشرفة لإخراج أبناء الشعب الفلسطيني من سجون الاحتلال، منبها، أنه في اليوم الذي سيقدم الاحتلال شيئًا ستدرسه حماس دراسة واسعة تراعي مصلحة أبناء شعبها.