فلسطين أون لاين

فازت بجائزة إنجاز العرب

تقرير "سترة التحفيز الحسي".. ابتكار طلابي لمساعدة أطفال التوحد

...
غزة/ مريم الشوبكي:

حاجة شديدة الإلحاح دفعت ست طالبات لمساعدة أخ زميلتهن الذي يعاني من طيف توحد بعد أن ساءت حالته خلال الحجر المنزلي بعد تفشي جائحة كورونا التي تضرب العالم منذ عامين، وتوقف المركز العلاجي الذي كان يتردد عليه.

هذه الحاجة دفعت طالبات ثانوية بنات كفل حارس شمال شرقي سلفيت إلى تصميم "سترة التحفيز الحسي"، والتي تساعد اختصاصيي الطب النفسي والاجتماعي وذوي "أطفال طيف التوحد" على التعامل مع الحالات المرضية ومساعدتها على الاسترخاء وعدم تطور حالتهم الصحية.

وأسست الطالبات الشركة الطلابية (Autism-less world company)، وقادهم الاختراع إلى جائزة أفضل مسؤولية مجتمعية عن فئة المدارس على مستوى الوطن العربي، في مسابقة "إنجاز العرب" بمشاركة 13 دولة عربية.

وتأتي المسابقة ضمن برنامج "الشركة الطلابية" مع مدارس من مختلف محافظات الوطن، والذي تنفذه مؤسسة "إنجاز فلسطين" ويندرج تحت محور ريادة الأعمال، ويستمر عامًا أكاديميًا كاملًا، يعمل خلاله الطلبة من مختلف المدارس والجامعات على تأسيس شركات حقيقية برأس مال محدود.

ويتعين على الشباب رائدي الأعمال تطبيق برنامج "الشركة" والمعد خصيصى لتمكين الطلاب من تأسيس وتسويق، وتصفية شركة حقيقية، وذلك من خلال منظومة أدوات ومواد تدريبية يطبقها الطلاب بإرشاد مجموعة مختارة من رجال الأعمال ومتطوعي القطاع الخاص. 

والطالبات المشاركات في هذا الاختراع هن: رغد مطاوع، وشهد بوزية، وراما صالح، وآثار عبد الحكيم، ورؤى صالح، وعروب بوزية، وجميعهن يدرسن الثانوية العامة في الفرع العلمي.

من وحي المعاناة

وتوضح الطالبة مطاوع، أنها وزميلاتها استوحين فكرة المشروع من حاجة شقيق زميلتهم الذي يعاني من اضطراب طيف التوحد، ووجد خلال فترة الحجر الصحي صعوبة في الوصول إلى المراكز المختصة، "لذا شعر فريق العمل أن هذه الفكرة هي حاجة مجتمع ولها نفع على فئة تحتاج إلى الدعم والمساندة".

وتشير مطاوع لصحيفة "فلسطين" إلى "سترة التحفيز الذاتي" تعمل كبديل عن مراكز تأهيل مرضى التوحد، "استطعنا تصميم وتنفيذ السترة بعد عام من البحث، والقراءة، وتلقي الدورات، واستشارة اختصاصيّ التوحد".

ومضى إلى القول: "بدأنا بإجراء الأبحاث العلمية حول الاضطراب، وتواصلنا مع مراكز التوحد إلكترونيًّا لمعرفة الحاجة الأساسية لهذه الفئة وكيف يمكن إنشاء شركة تخدم احتياجاتهم حتى تبلورت الفكرة كاملة لدينا".

وتبين أن الشركة التي أسسنها ويقدنها بأنفسهن، تضم مساهمين وداعمين من المجتمع المحلي وأقارب قدموا الدعم المادي من أجل تنفيذ الفكرة وجعلها منتجا ملموسا قابلا للتسويق في السوق المحلي.

وتعتمد السترة على غرف حسية لا تتوافر إلا في مراكز تأهيل مرضى التوحد، إذ تلفت مطاوع إلى قيامهن بتضمين هذه الغرف في السترة، "ويمكن استبدالها حسب حالة الطفل إما بملمس خشن أو ناعم بما يتوافق مع احتياجات الطفل، وهي باللون الكحلي وهو اللون المعتمد لبسه من قبل الأخصائيين في المراكز، وبذلك يكون الطفل معتادا على اللون".

وتذكر أن السترة يمكن للأطفال ارتدائها داخل وخارج البيت وفي مراكز التأهيل كذلك، مشيرة إلى تميزها بخفة الوزن، وسهولة التعامل معها من قبل الاختصاصيين، والأمهات أيضًا.

وتنبه مطاوع إلى احتواء السترة على جهاز اهتزاز يعين الطفل على الاسترخاء أثناء الجلسة العلاجية، فيما يتضمن كتفي السترة جهازًا على حبيبات من الفلين يحافظ على توازن الطفل.

بحث وتغذية راجعة

وفي هذا السياق تقول مديرة مدرسة كفل حارس، نعمة شقور: "خلال زيارة الطالبات المتكررة لمراكز التوحد وجدوا أن الأخصائيين أنفسهم لديهم مشكلة في تهدئة الأطفال خلال الجرعة الحسية، ويصبح من الصعب التحكم بهم أو القدرة على إعطائهم جلسة علاجية".

ومضت إلى القول، أنه تم تجربة السترة في أحد المراكز وحصلت الطالبات على تغذية راجعة ساعدتهن في بعض التعديلات، حيث تم تركيب أجهزة تعطي الشعور بالراحة للطفل خلال الجلسة العلاجية، كما أجرينا التعديلات على نوع القماش ليتناسب مع كل الفصول، ويتوافق مع مواصفات الجودة والسلامة العامة.

ومن أجل التمكن من إدارة الشركة، توضح شقور أن الطالبات خضعن لدورات في التسويق، وإدارة المشاريع، ودورات في الخياطة حيث يقمن بحياكة السترة بأنفسهن، ودورات في الإلكترونيات من أجل التمكن من تصميم القطع الإلكترونية داخلها.

وتشير إلى أن الشركة سجلت باسم المدرسة مبدئيا، حيث سيتم تسجيل براءة اختراع الجهاز بعد دخولهن الجامعة، وتطوير المشروع، وابتكار مشاريع أخرى لتسويقها في الشركة.

وتذكر أن ثمن السترة 210 شواقل، وتم بيع تسعة منها داخل فلسطين، بعد إخضاعها لتجربة في أحد مراكز تأهيل أطفال طيف التوحد، وثبات نجاعتها.

وتؤكد شقور أن فوز طالبات كفل حارس يعطي الطالبات حافزًا للمضي نحو تطوير المشروع، والتفكير في مشاريع أخرى توجد حلول لمشاكل الناس، ورفع اسم فلسطين عاليا في جميع المحافل العربية والعالمية.