فلسطين أون لاين

تقرير "عاصي" يرسم وجع المغتربين وآهات "الثابتين" على جدران كوبنهاجن

...
غزة/ مريم الشوبكي:

على جدران العاصمة الدانماركية "كوبنهاجن" يرسم سليم عاصي جداريات تضامن مع نصفه الآخر في فلسطين، يتناول الأحداث الجارية ليلفت نظر المارة إليها، فاضحا انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الفلسطينيين.

عاصي اللاجئ الذي ولد في مخيم الجليل في بلعبك شرقي لبنان، والمغترب في الدنمارك منذ ثلاثة عقود، في جدارياته يرسم وجع المغتربين وآهات الثابتين في أرضهم، ويوصل صورة الاحتلال بلا رتوش ولا تزييف للغرب، والذي يحاول قلب الحقائق دائما.

يقول سليم الذي هوى الرسم منذ طفولته، وبات اليوم فنانًا تشكيليًا يشار له بالبنان: "لأهلي دور هام في تنمية موهبتي إذ شجعوني على ممارسة الرسم، وكان الفضل الأكبر لوالدتي التي دعمتني طيلة السنوات رغم ضيق الحال، فقد كانت مدرسة وطنية علمتنا حب الوطن، والعمل من أجله فرحت أرسم عن فلسطين منذ صغري حتى كبرت، سافرت إلى الدنمارك حاملًا معي أدواتي وإيماني بقضيتي".

ويتابع: "فن الخط العربي الجرافيتي أيضا من هواياتي وكثيرا ما استعملت الخط إلى جانب الرسم، وبطبيعة الحال وكأي رسام كنت أرسم بالأكريليك على القماش وأقمت معارض خاصة، وشاركت بمعارض مع فنانين آخرين وقدمت أعمالا فنية خلال فعاليات فلسطينية من مهرجانات ومؤتمرات داخل وخارج الدانمارك".

بدأ عاصي برسم جداريات الجرافيتي منذ عشرة أعوام، عبر استعمال بخاخات الطلاء، ومنذ ثلاثة أعوام بدأ بممارسة فن الكاريكاتير، "وما زلت في طور الاجتهاد في هذا المجال".

ويلفت إلى أن الأدوات والأساليب تغيرت لكن المواضيع لم تتغير، أي أن القضايا الوطنية كانت ولا تزال سيدة الموقف وعلى رأس الأولويات سواء بالرسم أو الخط، أو الجرافيتي، أو الكاريكاتير، "وبرصيد يفوق الثلاثة آلاف عمل فني بين لوحة، وكاريكاتير، ومخطوطات، وجدارية حملت عناوين القضية".

السير مع الحدث

أما عن جداريات الجرافيتي، يذكر عاصي أنه بدأها في أماكن متاحة قانونيا من بلدية كوبنهاجن، حيث يتناول الأحداث الساخنة، فإذا ما كان خبر اليوم عدوانا على غزة أو انتهاكا لحرمات الأقصى، أو قتلا أو هدما ترى الخبر مرسوما على جدارية في ذات اليوم أو في اليوم الثاني، حيث ينقل الخبر مباشرة ويعبر عما يجري ليكون الخبر على شكل جدارية فاضحا انتهاكات العدو، وممارساته الوحشية ولافتا أنظار المارة إليها.

ويشير إلى أن الجداريات لاقت ترحيبا من قبل الدنماركيين المناصرين لقضيتنا وعرفتهم بما يجري، وعلى الجهة المقابلة كانت بعض الجداريات تواجه باحتجاج اليمينيين المتطرفين الموالين للاحتلال الإسرائيلي.

ويضيف عاصي: "وجهت لي اتهامات بمعاداة السامية والتحريض على العنف خصوصا في جداريتي انتهاكات الأقصى، والانتفاضة، اللتين تحدثت عنهما بعض وسائل الإعلام الدانمركية وكانتا محط جدل بين مؤيد ومعارض، ولكن الاتهامات باءت بالفشل وبقي الأمر الأهم أن قضيتنا كانت محور اهتمام بصرف النظر عن المؤيد والمعارض".

"من هنا تأتي ضرورة فضح المحتل، وتعريته أمام الرأي العام من خلال إظهار مأساة شعبنا، وتسليط الضوء على ما يعانيه من حصار، وقتل، وهدم، وتنكيل، واعتقال، وتهجير من خلال الفن الهادف، والملتزم، والذي يعتبر من إحدى أدوات النضال خاصة أن الفن لغة عالمية تفهمه كل شعوب الأرض وليس بحاجة إلى ترجمات".

وفي عام ٢٠١٧ أنجز عاصي مشروع جداريات في مخيمات لبنان، وكان المشروع عبارة عن سلسلة من الجداريات، في كل مخيم جدارية مقدمة باسم فلسطينيي الدنمارك، فكان المشروع جسرا متينا يربط أبناء الشعب الواحد في الشتات الأوروبي مع نصفهم الآخر في المخيمات.

وفي ذلك تأكيد على أن البعد الجغرافي لا يفرقهم ولا ينسيهم أرضهم، وهويتهم، وأن همهم مشترك، وهويتهم وهدفهم واحد، وهو تمسكهم بأرضهم وعلى حتمية دحر المحتل والعودة إلى الديار والمقدسات.