منذ إعلان انطلاقتها قبل 34 عاما، تعهدت حركة المقاومة الإسلامية حماس بأن تبقى قضية الأسرى القابعين خلف قضبان الاحتلال الإسرائيلي، على سلم أولوياتها، وهو ما يؤكده قادتها مرارا وتكرارا، حتى أصبح ذلك استراتيجية ثابتة لديها.
وترجمت حركة حماس أقوال قيادتها منذ تأسيسها في 14 ديسمبر/ كانون الأول 1987، إلى أفعال من خلال عمليات أسر وخطف جنود الاحتلال، ومبادلتهم بأسرى مضى على اعتقالهم سنين طويلة.
"بدنا أولادنا يروحوا غصب عنهم".. كان هذا أشهر تصريح لمؤسس حماس الشيخ أحمد ياسين، الذي مثّل خيار الحركة الاستراتيجي في التعامل مع قضية الأسرى، وسارت عليه الحركة في حياته وبعد استشهاده.
عمليات أسر
ومن أبرز عمليات أسر جنود الاحتلال التي نفذتها كتائب القسام الجناح العسكري لحماس، نجاحها بعد انطلاقتها في تنفيذ أول عملية أسر للرقيب "آفي سبورتس"، في محاولة منها لعقد صفقة تبادل أسرى، إلا أن المجموعة تمكنت من قتله، ولم يفلح الاحتلال في العثور على جثته إلا بعد سنوات.
وجاءت العملية الثانية في 3 مايو/ أيار 1989، عبر أسر الجندي "إيلان سعدون" وقتله على يد أعضاء الخلية (101)، ولم يفلح الاحتلال في كشف مكان إخفاء جثة الجندي، وشن في أعقابها حملة اعتقالات طالت قيادات حماس وعلى رأسهم الشيخ ياسين، وحكم عليه بالسجن المؤبد.
وفي 13 ديسمبر 1992، أسرت "الوحدة الخاصة" في كتائب القسام الجندي الإسرائيلي "نسيم توليدانو" قرب القدس المحتلة، أمهلت حكومة الاحتلال برئاسة إسحق رابين آنذاك 10 ساعات للإفراج عن الشيخ ياسين أو قتل توليدانو، ومع انقضاء المهلة المحددة نفذت المجموعة الآسرة وعدها وقتلت الجندي وألقت جثته بأحد شوارع القدس.
وأسرت مجموعة قسامية الجندي الإسرائيلي "ألون كرفاني" عام 1992، ردا على اغتيال القائد العام لكتائب القسام ياسر النمروطي، ثم قتلته وألقت جثته شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة.
وبعد 4 أشهر من اغتيال قائد كتائب القسام في المنطقة الجنوبية من قطاع غزة جميل وادي، أسرت إحدى مجموعات الكتائب الجنديين "يهودا أروت" و"إيلان ليفي" وقتلتهما، ردا على جريمة الاغتيال.
وفي 11 مارس/ آذار 1993، استدرجت مجموعة قسامية الجندي "يوهوشو فريدبرغ"، ثم قتلته وألقت جثته على طريق القدس- (تل أبيب)، في حين أسرت مجموعة أخرى الجندي العريف "يارون حيمس" من سلاح الإشارة في جيش الاحتلال، وقتلته لاحقا.
وفي 22 سبتمبر/ أيلول 1993، تمكنت الكتائب من أسر الجندي الإسرائيلي "بيجال فاكنين"، من منطقة رعنانا شمال (تل أبيب) وقتلته.
أما في 6 يوليو/ تموز 1994، أسرت الكتائب الجندي "أرييه فرنكتال"، ثم قتلته لاحقا. كما أسرت الجندي "ناحشون فاكسمان" في 11 أكتوبر/ تشرين الأول 1994، وطالبت حكومة الاحتلال حينها بالإفراج عن الشيخ ياسين وأسرى آخرين.
كما أسرت الكتائب المستوطن "ساسون نورائيل" بالضفة الغربية خلال انتفاضة الأقصى، في عملية معقدة أطلقت عليها اسم "أول الغيث"، من قطاع غزة، ثم قتلته بعد وقت قصير.
وفي عملية نوعية أسرت المقاومة الجندي "جلعاد شاليط" في 25 يونيو/ حزيران 2006، من داخل دبابته في موقع إسناد صوفا شرق رفح جنوبي القطاع، وتوجت لاحقا بإنجاز صفقة "وفاء الأحرار"، وتحرير 1027 أسيرًا عام 2011.
أما في 20 يوليو 2014، وخلال معركة "العصف المأكول"، نفذت كتائب القسام عملية عسكرية استدرجت فيها قوة إسرائيلية حاولت التقدم شرق حي التفاح شرق غزة، ونجح الاستدراج ووقعت القوة في حقل الألغام المعد مسبقًا، وأدت العملية إلى مقتل 14 جنديا إسرائيليا من مسافة صفر، وأسر الجندي "شاؤول آرون" من داخل آليته.
كما أسرت كتائب القسام خلال المعركة ذاتها الضابط الإسرائيلي "هدار جولدن" عقب اشتباك مسلح في رفح في الأول من أغسطس/ آب 2014.
وتحتفظ كتائب القسام بإسرائيليين آخرين، إذ عرضت في الأول من إبريل/ نيسان 2016، في مقابلة خاصة مع المتحدث باسم الكتائب "أبو عبيدة" عبر قناة الأقصى الفضائية، صور أربعة إسرائيليين، هم: "شاؤول آرون، هدار جولدن، أباراهام منغستو، هشام بدوي السيد"، رافضة الكشف عن أي تفاصيل تتعلق بهم دون ثمن.
القضية الأهم
ويؤكد المتحدث باسم مكتب إعلام الأسرى أيمن الشراونة أن حركة حماس شكّلت رافعة لأبناء الشعب الفلسطيني وخاصة للأسرى، الذين تعد قضيتهم على سلم أولوياتها، لافتا إلى أنها لا تزال تقدم الغالي والنفيس من أجل حريتهم، إذ نفذت نحو 20 عملية أسر وخطف لجنود الاحتلال منذ انطلاقها في سبيل ذلك.
وشدد الشراونة في حديث لصحيفة "فلسطين" على أن حركة حماس لن تتنازل عن قضية الأسرى، بل تواصل الليل بالنهار للإفراج عنهم، مشيرا إلى أنها استطاعت الإفراج عن أكثر من 1000 أسير في صفقة "وفاء الأحرار"، وقد تشهد الأيام القادمة بشريات كبيرة بشأن الإفراج عن مئات آخرين.
واعتبر قضية الأسرى جامعة لكل مكونات الشعب الفلسطيني، مهنئًا حماس والشعب الفلسطيني بذكرى انطلاقتها الـ34.
وقال مسؤول ملف الأسرى في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عوض السلطان: إن لحركة حماس دورا تقدميا تجاه قضية الأسرى "وهذا ليس غريبا على حركة تحرر وطني أسسها قادة عظام أمثال الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي".
وأضاف السلطان في حديثه لـ"فلسطين" أنه لا يمكن أن تنحرف بوصلة هذه الحركة عن الأسرى، إذ وضعتهم كثابت من الثوابت الوطنية ونفذت مرات عديدة عمليات أسر وخطف جنود إسرائيليين لتحريرهم، مشيرا إلى أنها استطاعت إدخال الفرحة لبيوت آلاف الفلسطينيين عام 2011 في صفقة "وفاء الأحرار"، ولم تكتفِ بذلك بل واصلت الاستعداد والتجهيز ونجحت عام 2014 بأسر جنود، لتعيد الأمل في نفوس الآلاف من الأسرى وذويهم بعملية تبادل جديدة.
وثمن السلطان دور حماس الرائد تجاه قضية الأسرى نحو خدمة المشروع الوطني، كون عنوان القضية الفلسطينية ورأس حربتها هم الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال، مهنئا الحركة بذكرى انطلاقتها.