"المرأة الفلسطينية سجلت نماذج قوة لانتزاع الحرية والحق من الاحتلال، وقيادة حماس تضع الحركة النسائية في المقدمة"، بهذا تلخص عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس جميلة الشنطي، المكانة التي تحظى بها مشاركة المرأة في الواجبات الدينية والوطنية والسياسية والاجتماعية وغيرها، جنبا إلى جنب مع الرجل.
حاورت صحيفة "فلسطين" القيادية في حماس، في الذكرى الـ34 لانطلاقة الحركة، للإجابة عن تساؤلات أولها: كيف تنظر حماس إلى الحركة النسائية؟ وعن ذلك تقول: أولت الحركة اهتمامًا كبيرًا للعمل النسائي في مختلف المجالات السياسية والتربوية والدعوية والأمنية وغيرها، في امتداد لعمل المرأة الفلسطينية نضاليًا والذي انطلق مبكرًا إبان الاحتلال البريطاني لفلسطين، فأثبتت حضورها وحظيت بدور وافر في التعبئة والحشد لفكر حماس.
الشنطي، أول امرأة انتخبت العام الجاري لعضوية المكتب السياسي، تذكر أن "وجود جسم نسائي خاص كان بناء على اللائحة الداخلية للحركة، وتعد حماس الوحيدة التي تنفرد في ذلك، وتقيم في العالم على أنها تجربة فريدة لها في التعامل مع العمل النسائي بهيكلية خاصة به، وهناك جسم تنسيقي مع الإخوة ومجلس شورى عام يجمعهم ليمثل الطرفين فيه".
وتقول الشنطي: تسجيل المرأة الفلسطينية نماذج قوة لانتزاع الحرية والحق من الاحتلال، دفع الأخير للتفكير ألف مرة قبل أن يرتكب في حقها أي جريمة، "فشكلت قوة ردع للعدو وقوة حماية للشباب والمجاهدين، فنفسيتها نفسية أمنية سياسية عسكرية".
وتؤكد الفكرَ الدعوي الذي تحمله الحركة، قائلة: "أخذت على عاتقها الدعوة إلى الله، وجعلتها الأهداف والتطورات السياسية على أرض الواقع تمر بمراحل أسهمت في تطوير الفكر الحركي".
وتوضح أن من ذلك مرحلة المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي مع بداية انتفاضة الحجارة عام 1987، فانطلقت الحركة النسائية من رحم الانتفاضة تحمل فلسفة جماعة الإخوان، "وبالتالي كانت التربية والإعداد في المساجد والمشاركة الاجتماعية بما يصب في الدور الريادي لهدف حماس بإنشاء جيل يحمل فكر التحرير".
وتشير الشنطي إلى أن المرأة شاركت منذ تأسيس حماس في جوانب متعددة، "فلم تكن بعيدة عن القرار السياسي، فقد كانت المرأة إلى جانب الشيخ أحمد ياسين، منذ اللحظة الأولى لتأسيس الحركة، كان يجتمع مع الرجال والنساء ويخبرهم بالتطورات والآلية المنهجية للحركة ويسمعهم ويزورهم في المساجد".
وتقول: أُعدت الحركة النسائية لتكون إلى جانب الرجال في الجهاد والمقاومة والتربية، فهذه الأمور بأجمعها لا يمكن أن تسير بطريق واحد، بل بالتوازي بين الرجل والمرأة، وذلك إيمانًا بأن المرأة إذا لم تُعَدَّ فستكون ضعيفة في مسار الحركة، لذا منذ البداية كانت حاضرة في القطاع، وكذلك الضفة والشتات بالزيارات والمشاركة بالأفراح وتشييع جثامين الشهداء، والاحتفالات.
وتبين الشنطي أن اتجاه الناس نحو الصحوة الإسلامية ووجود بذور التحرر أوجدت استجابة لهذا الدور، "وبهذه التربية والانتشار بين الناس استطاعت النساء في حماس مع الرجال أن يشكلوا أرضية واسعة لهم في كل بقعة وميدان، انطلقوا إلى المدارس والجامعات عبر الكتلة الإسلامية لتربية الجيل، فكان ذلك بمثابة العصر الذهبي، ليتوجهوا إلى الانتخابات والعمل النقابي، فهو عمل سياسي بامتياز بداخل الأعمال والوظائف التي يوجد فيها الفرد".
وتشير إلى أن خوض المرأة مضمار العمل النقابي ومشاركتها في الانتخابات عام 2006، "أضاف إلى شخصيتها إضافات كبيرة صقلت بداخلها التجربة التربوية التي تلقتها.
وعن دور المرأة في الجانب المقاوم، تقول "المرأة الفلسطينية أمينة بامتياز، فمنذ الانتفاضة الأولى كانت تجلس على باب بيتها تراقب الغريب الذي دخل حارتها أو مخيمها، وتوفر للشباب الحماية والدعم، وأول من تتصدى لجنود الاحتلال في حال أقبل على اعتقالهم، ويظن البعض أن المرأة قوة خارقة لكن الحق هو الذي يصنع من الإنسان قوة ويدفعه لإخراجها".
وتلفت إلى "محاولات العدو لاختراق المجتمع الفلسطيني بضرب المرأة وابتزازها، ولكنه لم يستطع أن يخترق نسيجنا النسوي، والصبر الذي أبدته المرأة هو جزء من المقاومة، وهي على درجة عالية من الجهاد والوعي".
"في الميدان"
وتعاملت الحركة النسائية كداعيات مع المجتمع -والحديث لا يزال للشنطي- "ولكن إذا حمي الوطيس ننقلب لنكون في الميدان، نشارك الناس في المناسبات الاجتماعية، وندعو النساء في المساجد، فدورنا أن نقدم الكلمة الطيبة والنصيحة".
وتؤكد الشنطي "أن العمل النسائي السياسي لم يتأخر ولكن البروز الإعلامي تأخر، ولم يظهرن في عضوية المكتب السياسي كونه كان ملاحقا من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي حاولت القيادة تجنيبهن الأذى، ولكن فعليًا كنَ موجودات في صناعة القرار دون إعلان انتخابهن ووجودهن، مردفة: "نحن موجودات منذ عهد الياسين الذي كان يناقش معنا كل تطورات الحركة، وبشكل موازي في المكتب السياسي، فعملنا في أقصى درجات البعد السياسي والعسكري والأمني".
وتبين أن المرأة تشارك في كل المجالس لتصبح هناك منظومة متكاملة في حماس.
وتذكر الشنطي أن "الدور النسائي لحماس في الضفة ليس على المستوى القوي القائم في القطاع كونهن يعشن بين نارين ملاحقة الاحتلال والسلطة لهن، في حال رصد لهن نشاط فإنهن تعتقلن وتحاسبن وتطاردن من الجهتين، ولكنهن نشيطات إعلاميًا وجماهيريًا وهي المعركة الناعمة مع العدو والسلطة".