فلسطين أون لاين

تقرير صاروخ القسام.. فكرة نمت قبل 20 عامًا وتطورت لتضرب عمق المحتل

...
غزة/ أدهم الشريف:

شكَّل اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، فرصة جديدة لفصائل المقاومة الفلسطينية ومن بينها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، لتطوير قدراتها في مواجهة انتهاكات جيش الاحتلال الذي يستخدم إمكانات عسكرية متطورة في قمع المواطنين بالأراضي المحتلة، فتولدت في حينه فكرة صنع صواريخ لدى مجموعة قيادية في القسام.

وبحلول العام التالي للانتفاضة، وبعد سقوط مئات الشهداء، استطاعت القسام صنع أول صواريخها، فاتحة بذلك الطريق لصنع المزيد من الصواريخ، مُسخِّرةً في ذات الوقت كل الإمكانات لتطوير قدراتها منذ ذلك الحين.

وأطلق الجناح العسكري لحماس على أول صاروخ صنعه اسم "قسام 1"، وتمتع بمواصفات وقدرات محدودة، لكن رغم ذلك استطاع التأثير وإلحاق الضرر بمستوطنات الاحتلال ومواقعه العسكرية.

وانطلق صاروخ "قسام 1" لأول مرة من غزة صوب مستوطنة "سديروت" في الأراضي المحتلة منذ نكبة الـ 48، بتاريخ 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2001.

وترجع القسام الفضل في تصنيع صاروخ القسام الأول للشهيدين القائدين نضال فرحات وتيتو مسعود، وذلك بعد جهد وتصميم وعناء ومشقة طويلة قبل أن يطلع القائد مؤسس كتائب القسام الشهيد صلاح شحادة، على هذا الإنجاز.

وتشير القسام إلى أن الشهيد المهندس عدنان الغول ساهم في تصنيع أول صواريخ القسام وتطويرها، وأطلقت عليه هذا الاسم تيمنًا بالشيخ الشهيد عز الدين القسام وتخليدًا لمسيرته الجهادية.

مرحلة جديدة

وتبين القسام أن أول صواريخها كان بطول لا يتجاوز 70 سنتمترًا، ومداه 3 كيلومترات، وقد أضاف للمقاومة تكتيكًا جديدًا يضاف إلى جانب العمليات الاستشهادية واقتحام المستوطنات وإطلاق النار، وتزامن مع مرحلة شهدت تطورًا في الصراع إلى مستويات جديدة.

وعنونت كتائب القسام بيانًا آنذاك بـ "قصف صاروخي بصواريخ قسام (1) لما يسمى مدينة سديروت الصهيونية"، وذلك "ردًّا على جرائم الإرهابيين الصهاينة بحق أهلنا في الضفة الغربية".

وقالت القسام في بيانها الصادر يوم إطلاق الصاروخ: "نعلن مسؤوليتنا عن قصف ما يسمى مستوطنة "سدروت" شمال قطاع غزة بعدة صواريخ من طراز (قسام 1)، وذلك في تمام الساعة 02:10 من مساء اليوم الجمعة، 26 أكتوبر 2001".

وأضافت: "تأتي عمليتنا هذه في إطار الرد على جرائم الصهاينة بحق شعبنا الفلسطيني، التي كان آخرها في بلدة بيت ريما"، التابعة لمحافظة رام الله والبيرة، متعهدة بأن "تجعل حياة الصهاينة جحيمًا لا يطاق".

ودعت أبناء الشعب الفلسطيني إلى "الانحياز دومًا إلى خيار الجهاد والمقاومة وعدم اليأس، ونعدكم أن نكون المخلصين دومًا حتى نحرر كامل تراب فلسطين".

وبعد إطلاق أول صواريخ القسام، تعاقبت سنوات طويلة شهدت الكثير من عمليات المقاومة التي نفذتها القسام وغيرها من الفصائل العسكرية في حينه، واستطاعت تطوير قدراتها الصاروخية التي لم تُصِب (تل أبيب) العاصمة الاقتصادية لـ(إسرائيل) فحسب، بل طالت ما بعدها وألحقت بها أضرارًا كبيرة.

تطور القدرات

ويؤكد الباحث الفلسطيني المختص في الشؤون العسكرية رامي أبو زبيدة، أنه منذ اندلاع انتفاضة الأقصى، وفصائل المقاومة وفي مقدمتها القسام، تبذل جهودًا كبيرة لتطوير قدراتها العسكرية من خلال أشخاص متخصصين.

وأضاف أبو زبيدة لصحيفة "فلسطين"، أن فكرة القسام نتج عنها في حينه صواريخ ذات مدى وأثر محدود، لكن بعد اندحار الاحتلال من غزة عام 2005 بفعل المقاومة وعملياتها، تمكنت الأجنحة العسكرية وخاصة القسام من بناء نواة مؤسسة عسكرية شاملة، بدأ في إثرها تطوير القدرات الصاروخية للكتائب.

وبين أن نتيجة هذا التطور تجلى خلال معركة الفرقان نهاية 2008 مطلع 2009، حيث وصل مدى صواريخ القسام إلى 40 كيلو مترًا، ودكت بها مدنًا داخل الأراضي المحتلة.

وتطورت قدرات القسام لاحقًا، بحسب أبو زبيدة، إلى أن أصبحت قادرة على ضرب (تل أبيب) لأول مرة خلال معركة حجارة السجيل عام 2012، ما بعد (تل أبيب) خلال معركة العصف المأكول صيف 2014، حيث امتدت المعركة حينها لـ 51 يومًا، استطاعت المقاومة خلالها قصف المدن المحتلة بآلاف الصواريخ.

وأشار أبو زبيدة إلى أن المقاومة خلال معركة سيف القدس في مايو/ أيار الماضي، أطلقت صاروخ "عياش"، تيمنًا بالشهيد المهندس يحيى عياش، ووصل إلى منطقة "ديمونا" التي يقع فيها أحد أهم مفاعلات (إسرائيل) النووية.

وعدَّ أن ذلك نتيجة مراكمة القسام لجهودها وخبراتها وتجاربها في تطوير الصواريخ، وهذا ليس وليد اللحظة وإنما نتيجة خبرات وتطوير القدرات ومعرفة نقاط ضعف "العدو" الإسرائيلي، وخاصرته الضعيفة التي تتمثل بالجبهة الداخلية.

عوامل التطوير

وذكر أن الإمكانات التي كانت تصل إلى المقاومة من خارج قطاع غزة ساهمت في تطوير الصواريخ وقدرات القسام العسكرية، وهي ما زالت في تطور مستمر، وتستخلص الدروس والعبر من كل معركة تخوضها ضد جيش الاحتلال.

ودلل على ذلك "بالفارق الكبير في القدرات الصاروخية للقسام والمقاومة بين معركة حجارة السجيل وسيف القدس، إذ انها بين معركة وأخرى تراكم المقاومة خبراتها لإلحاق أكبر ضغط على جبهة الاحتلال الداخلية".

ونبَّه إلى أن مدى وقوة صواريخ القسام أثر في الاحتلال وخاصة خلال معركة سيف القدس، وألحقت به أضرارًا كبيرة، وكانت قادرة على شل الحياة في (إسرائيل)، ووقف عجلة الاقتصاد، وتدخل المستوطنين في الملاجئ.

وأكد أن صواريخ القسام أصبحت ذات أثر وقدرة كبيرة على الإصابة وإحداث الدمار، وهذا نتيجة معرفة المقاومة بنقاط ضعف الاحتلال وجبهته الداخلية، وبسبب قدرتها على تصنيع صواريخ تتجاوز "القبة الحديدية" المضادة لصواريخ المقاومة، واستطاعت تجاوزها.

وشدد على أن صواريخ المقاومة تمثل عامل ردع ضد جرائم الاحتلال بحق أبناء شعبنا.