قائمة الموقع

ثوب الديمقراطية المُرقّع يكشف سبب إصرار "فتح" على خوض انتخابات مجتزأة

2021-12-13T14:21:00+02:00

تُصر حركة "فتح" على خوض الانتخابات المحلية في المناطق المصنفة (ج) وفق اتفاقية أوسلو، رغم أن المؤشرات الأولى كانت تتجه نحو خسارة متوقعة للحركة داخل حدود سلطتها وسطوتها الأمنية ودورها الوظيفي تجاه دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يثير التساؤل عن سبب هذا الإصرار، والمكاسب المتوقعة -ولو شكليًّا- من هذا الإجراء.

ولفهم هذه المعادلة البسيطة يمكن أن نستند إلى بعض الإحصاءات الرسمية بشأن خريطة المرشحين والقوائم التي أعلنتها لجنة الانتخابات، وتشمل (166) مجلسًا قرويًّا ستشهد تنافسًا بين أكثر من قائمة، منها قائمة حركة فتح "تيار محمود عباس" التي شاركت باسم "كتلة البناء والتحرير" في (90) قرية فقط، في حين نبذها (76) مجلسًا قرويًّا، علمًا أن بعض المجالس لا يتعدى عدد الناخبين فيها (50) أو (100) شخص، كما في الخان الأحمر شرقي القدس (56 ناخبًا)، وبلدة "الكفير" في جنين (33 ناخبًا)، وخربة "عبد الله اليونس" في جنين (67 ناخبًا)، وبلدة "إبزيق" في طوباس (55 ناخبًا)، وخربة "يرزة" في طوباس (22 ناخبًا)، ما يشكل تراجعًا أكبر من الذي شهدته فتح في انتخابات عام 2017، التي أجريت على مرحلتين في 461 هيئة محلية، فازت فتح في 125 هيئة منها فقط.

ورغم ذلك تُصر حركة فتح على الانخراط في هذه الانتخابات، بعد تعطيلها الانتخابات التشريعية والرئاسية في أبريل الماضي خشية تكرار خسارتها أمام حركة حماس، لكن الضفة قالت كلمتها وفقأت عين التنسيق الأمني إذ أظهرت النتائج الأولية حصد قائمة مستقلة في انتخابات البلدية بنابلس 9 مقاعد مقابل مقعدين لقائمة حركة فتح، على حين تمكنت قائمة تابعة لليسار من اكتساح الفوز في عصيرة القبلية بـ8 مقاعد مقابل مقعد واحد لفتح، وفازت قائمة الأسير مروان البرغوثي على قائمة حركة فتح بانتخابات المجلس القروي لـ"إرطاس" ببيت لحم، على حين قاطعت بلدة جبع الانتخابات بنسبة تصويت صفر، على خلفية مقتل الطالب مهران خليلية في الجامعة الأمريكية.

وكالعادة انقسمت فتح على نفسها، وتقدمت بأكثر من قائمة في انتخابات المجلس الواحد، وفي بعض المجالس انتهت الخلافات بين أفرادها والمحاصصة إلى عدم المشاركة، أو العربدة عبر إخضاع بعض العائلات بقوة السلاح للتقدم باسمها أو تبني أحد قياداتها ودعمه في الانتخابات، أو تشويش أفراد يتبعون الحركة على انتخابات بعض المجالس حتى تعين بالتزكية.

أسباب وتسويف

وتواجه السلطة ضغوطًا دولية بعد تأجيل عقد الانتخابات التشريعية في مايو الماضي، خاصة من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والدول المانحة، التي طالبت بأن يكون هناك برلمان فلسطيني منتخب، بعد حل المجلس التشريعي السابق (وفق إعلان عباس يوم 23 ديسمبر 2018).

وتتوقع السلطة أنها في حال ارتدت ثوب الديمقراطية (المُرقَّع) ستخفف عن نفسها الضغوط الدولية التي تحد من سقف دعمها المالي والسياسي على المستويين الداخلي والدولي، إذ لم تنظم أي انتخابات تشريعية أو رئاسية في الأراضي الفلسطينية منذ 15 عامًا، لكن أجريت انتخابات بلدية قاطعتها حماس أيضًا، في عام 2017.

وحسب دراسة نشرها مركز رؤية للتنمية السياسية، في 28 سبتمبر الماضي؛ إن حركة فتح تسعى إلى محاولة امتصاص حالة الاحتقان الناتجة عن تراجع الرضا الشعبي عن أداء السلطة الفلسطينية، بسبب مجموعة من الأحداث الأخيرة المتمثلة في قمع الحريات.

وأشارت الدراسة ذاتها إلى تراجع ثقة الشعب بالحكومة وحركة "فتح" بفعل التهرب من مخرجات الحوار الوطني، وإلغاء الانتخابات التشريعية والرئاسية وانتخابات المجلس الوطني، وكذلك قضية مقتل الناشط نزار بنات، الذي عزز من مفهوم “البوليسية والدكتاتورية”، وبذلك إن قرار إجراء الانتخابات المحلية تراه "فتح" محاولة لتغيير الصورة السلبية التي تشكلت في أذهان الناس عنها.

أيضًا عرجت الدراسة على ضعف المجالس البلدية والقروية التي انتخبت عام 2017، وتشكلت بهدف الذهاب ضمن ائتلافات أو تحالفات لمنع فوز حركة حماس من جهة، أو لشدة التجاذبات السياسية التي رافقتها من جهة أخرى، ما أدى إلى ضعف هذه المجالس، وبروز الدور العائلي، الذي ساهم في تشظي المجتمع، وزيادة التنافس على المصالح الخاصة.

وأظهر إلغاء الانتخابات التشريعية حاجة حركة "فتح" إلى إجراء الانتخابات المحلية، إذ إن جولة الترشيح للانتخابات التشريعية كان لها أثر سلبي داخل الحركة، وبذلك إن الانتخابات المحلية تساعد على إعادة توزيع المواقع، وإرضاء العديد من الكوادر ومراكز القوى الفتحاوية.

ويرى المراقبون للشأن الفلسطيني أن "فتح" تنشد الخلاص من أزماتها بالتستر تحت غطاء الديمقراطية الجزئية المرقعة، لكن ما حصل كشف عن خسارة مدوية مع غياب المنافس الأبرز، وهو حركة "حماس".

يذكر أن لجنة الانتخابات المركزية أعلنت في 14 سبتمبر تسلمها قرار مجلس الوزراء، الذي حدد يوم 11 ديسمبر المقبل موعدًا لعقد المرحلة الأولى من الانتخابات المحلية، التي تشمل المجالس القروية والمجالس البلدية المصنفة "ج" في الضفة الغربية وفقًا لاتفاقية أوسلو، بما يشمل مناطق عديدة من محافظة القدس.

بدورها أعلنت حركة حماس الأربعاء (22 سبتمبر) جهوزيتها لإجراء انتخابات شاملة متزامنة وفقًا لجدول زمني محدد تتفق عليه جميع الأطراف الفلسطينية، تشمل انتخابات المجلس الوطني، والتشريعي، والرئاسة، والمجالس المحلية.

ووفقًا لمرسوم رئاسي؛ كان من المقرر أن تجرى الانتخابات على 3 مراحل خلال العام الجاري: تشريعية (برلمانية) يوم 22 أيار (مايو)، ورئاسية يوم 31 تموز (يوليو)، وانتخابات المجلس الوطني يوم 31 آب (أغسطس).

لكن يوم 29 نيسان (أبريل) الماضي أعلن رئيس السلطة محمود عباس تأجيلها إلى حين ضمان سماح الاحتلال الإسرائيلي بمشاركة سكان مدينة القدس المحتلة.

اخبار ذات صلة