قائمة الموقع

​مقيم في المجر منذ عامين .. "جلسات العرب" سرّ بهجته

2017-06-24T09:55:46+03:00

يجد الفلسطيني محمود رزق في جلسات السمر، التي يقضيها مع زملائه العرب المغتربين بـ"المجر" خلال ليالي شهر رمضان بعد تناول طعام الإفطار؛ تعويضًا جزئيًّا عن الطقوس الرمضانية الغائبة المرتبطة بالوطن الأم وأهالي مدينته الساحلية غزة.

ومع التزام العائلات العربية والإسلامية المقيمة في العاصمة المجرية (بودابست) بتجميل منازلهم بزينة الشهر الكريم من فوانيس وأحبال ضوئية متغيرة الألوان؛ يسيطر على رزق الحنين الدائم إلى قضاء رمضان بين الأهل منذ قدومه إلى أوروبا عام 2015م، لاستكمال دراسته في جامعة (Szent istven).

ويبدأ اليوم الرمضاني لدى رزق (19 عامًا) بتناول طعام السحور ثم الذهاب إلى مصلى السكن الطلابي لأداء صلاة الفجر وقراءة ما تيسر من القرآن الكريم، قبل العودة ثانيًا إلى المسكن استعدادًا للذهاب إلى الدراسة، إلى أن يقترب موعد رفع أذان المغرب، فيجتمع الصحب لطهي الطعام.

مائدة واحدة

وبعالم الطبخ استفتحنا حديثنا مع رزق ليخبرنا عن تفاصيل تلك الساعة الشاقة على الشباب في أغلب الأحيان، قائلًا: "الغربة تدفعك إلى تعلم كل شيء كي تسير حياتك اليومية على ما يرام، أما في رمضان فنتعاون مع أصدقائنا العرب على إعداد طعام الإفطار، وفقًا لعادات وتقاليد كل بلد وخبرة كل فرد أيضًا".

ذلك التعاون يمنح رزق شعورًا بالسعادة، فهو يكسبه مهارات جديدة في الطبخ، ويعرفه إلى ثقافات جديدة لم يعهدها من قبل، وعلى ذلك يعلق: "هي أجواء يسودها التعاون والمحبة؛ فالعراقي يبدع في إعداد الدليمية، والسوري بالسلطات والمقبلات، والجزائري والمغربي يتفننان بـ"الحريرة"، والفلسطيني بالمقلوبة".

ويضيف رزق لـ"فلسطين": "عند الانتهاء من تناول طعام الإفطار نتجهز لأداء صلاة التراويح، ثم الجلوس جماعة كي يتحدث كل شاب عن مجريات يومه الرمضاني، ويستذكر مواقف وذكريات جميلة مرتبطة بالوطن قبل أن يغترب عنه لظروف حياتية مختلفة"، مبينًا أن عدد ساعات الصيام قد تصل إلى نحو 19 ساعة.
ولا تخلو جلسات الشبان من الحديث عن الأوضاع الحياتية والميدانية التي تخيم على بلادهم، فإن تحدث الفلسطيني عن الحصار الإسرائيلي وكيف صمدت غزة في وجه ثلاث حروب مدمرة؛ قاطع حديثه صديقه السوري معبرًا عن الآلام التي أصابت بلاده، وكذلك شكى العراقي من ضياع بلاده عقب الغزو الأمريكي.

ونعود في الحديث إلى ظروف استقبال شهر رمضان، واللحظات الأولى لإعلان ثبوت رؤية الهلال، إذ يلتزم مسلمو المجر بالتصريحات التي تصدر من المجمع الإسلامي في العاصمة المجرية، التي يوجد فيها خمسة مساجد.

ويزيد رزق: "تعلق الزينة في البيوت العربية والإسلامية في بودابست وجميع أنحاء المجر والسكنات الطلابية وأماكن اللاجئين، ويبقى الجميع يترقب قدوم شهر رمضان بشوق وحنين كبيرين، فمنذ الساعات الأولى لثبوت الهلال ترى الفرحة والبهجة على جميع الوجوه".

مميزات رمضان

وتستغل بعض المحال التجارية في العاصمة المجرية صيام المسلمين لعرض مستلزمات الشهر من مشروبات خفيفة ومتطلبات وجبات الإفطار بجانب صنوف متعددة من التمور، وكل ذلك يسهل على رزق ورفاقه شؤون حياتهم في الغربة، وتحديدًا خلال نهار شهر الصيام.

"لشهر الخير مميزات جميلة مع مرارة البعد عن الأهل والوطن" هذا ما يقوله رزق عن مميزات رمضان في الغربة، مضيفًا: "بداية نتعرف هنا إلى أصدقاء جدد من بلدان عربية وأوروبية وآسيوية متعددة، ثانيًا تبدأ مرحلة حياتية جديدة عمادها الاعتماد على النفس".

وتترجم خلال أيام الشهر الفضيل عبارات التكافل والمودة التي يدعو لها الدين الإسلامي، دون تفريق بين أبيض وأسود أو عربي وأعجمي، فتتلاشى كل الفوارق ويجلس الجميع جنبًا إلى جنب، على موائد الإفطار والفعاليات الرمضانية المتعددة.

وتلتزم المساجد في المجر بإقامة فعاليات رمضانية طوال أيام شهر الصيام، كموائد الإفطار الجماعية، وحلقات العلم، وأنشطة ثقافية ترفيهية للصائمين، ويقدر عدد المسلمين المقيمين في الدولة الأوروبية بنحو خمسين ألفًا فقط، يتركزون في العاصمة بودابست، ويتوزع الباقي على مدن أخرى، مثل: بيتش وسجد ومشكولتش ودبرتسن وسالقوتتاريان.

وتعد هيئة مسلمي المجر التي أسست عام 2000م وحصلت عام 2012م على اعتراف الدولة بها أبرز المنظمات المسلمة العاملة بالمجر، وهي تتولى تنظيم أوضاع المسلمين، وإقامة الشعائر، والتدريس، وترجمة الكتب الإسلامية وطباعتها، وتنظيم مخيمات وندوات ومعارض للتعريف بالإسلام.

اخبار ذات صلة