فلسطين أون لاين

السلطة تلقي بالقدس إلى الهاوية بعد تراجعها عن دعوى في الجنائية الدولية

...
صورة أرشيفية
رام الله-غزة/ جمال غيث:

ِتكشف الوقائع على الأرض في مدينة القدس المحتلة زيف تصريحات السلطة الفلسطينية حول دعمها المدينة المقدسة، إذ كشفت وثيقة نشرتها محكمة العدل الدولية أن السلطة الفلسطينية طلبت في 12 نيسان 2021، من خلال رسالة وجهتها إلى رئيس قلم المحكمة، بتأجيل المرافعة الشفوية التي كان المقرر إجراؤها في 1 حزيران 2022، بخصوص دعوى تقدمت بها ضد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

جاء في وثيقة المحكمة، التي نشرت على شكل تقرير، أنه بناء على طلب السلطة، ومن أجل إتاحة الفرصة للطرفين لحل النزاع بالتفاوض، تقرر تأجيل جلسات الاستماع في القضية إلى إشعار آخر.

خط أحمر

ويقول المحلل السياسي المقدسي راسم عبيدات: إن تراجع السلطة عن الدعوى الدولية ضد الولايات المتحدة يؤكد خداع وتضليل الشعب الفلسطيني بشأن القدس وأنه لا يعنيها.

ويضيف عبيدات لصحيفة "فلسطين": إن تراجع السلطة يحمل تصعيدًا ومؤشرات خطيرة، ويتنافى مع تصريحاتها التي تطلقها بأن القدس خط أحمر ولا تنازل عنه، ولا دولة دون القدس، وترهن حقوق شعبنا بالعودة إلى المفاوضات والوثوق بالإدارات الأمريكية المتعاقدة.

ويبين أن السلطة تحاول من خلال موقفها العودة إلى المفاوضات مع الاحتلال، والحفاظ على بقائها وعلى مصالحها وليس على مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني، رغم فشل مشروعها التفاوضي الذي استمر 27 عامًا والتي لم تكن نتائجه مرضية وحصلت السلطة خلاله على صفر كبير، وزاد من تغول الاحتلال على حقوق شعبنا، وقضم الأرض ومواصلة الاستيطان.

ويعتبر المحلل السياسي، أن السلطة بذلك كشفت عن وجهها القبيح تجاه القدس وأظهرت موقفها الانهزامي تجاه شعبها وتنازلت عن أهم مرتكز من مرتكزات القضية الفلسطينية.

وحذر عبيدات، من خطورة القرار، مضيفًا: "ربما تتراجع السلطة عن قضايا حساسة ومهمة تخص اللاجئين والحدود والمستوطنات"، مشيرًا إلى أن ذلك يدلل على أن وظيفة السلطة تحولت إلى دور لحماية الاحتلال ومصالحه.

خطوة خطيرة

من جهته، يؤكد الخبير في القانون الدولي د. نافذ المدهون، أن تراجع السلطة عن الدعوى الدولية يحمل آثارًا خطيرة على المستوى القانوني والسياسي والوطني والأخلاقي، وأنه إقرار واضح بشرعية الاحتلال في القدس.

ويقول المدهون لصحيفة "فلسطين": "ليس من الأخلاق أو القانون أو الوطنية أن يتم التراجع وإيقاف دعوى مرفوعة أمام الجنائية الدولية لها علاقة بـعاصمة فلسطين الأبدية".

ويصف الخطوة بالخطيرة التي تحتاج إلى وقفة من المستوى السياسي والعسكري والفصائل كافة لرفض السلطة وقرارها وحث الجنائية الدولية على النظر في الشكوى المقدمة إليها لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

ويرى المدهون أن تراجع السلطة عن الدعوى جاء نتاج اتفاقيات ومفاوضات من تحت الطاولة جرت بين السلطة والاحتلال، مضيفًا: "وهذا أخطر من المفاوضات العلنية والتنسيق الأمني".

وعبر عن خشيته من مواصلة الضغط على السلطة من أجل التنازل عن مزيد من الحقوق والثوابت الفلسطينية على مستوى المؤسسات الأممية، "فالذي يوقف الدعوى من الجنائية الدولية يمكن أن يتنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني في الأمم المتحدة".

ويؤكد أن قرار السلطة ينذر بتفكك النسيج المجتمعي واندثار القضية الفلسطينية ككل والتفريط بحقوق وثوابت شعبنا، داعيًا لوقفة جادة وواضحة من قبل الفصائل الفلسطينية نظرًا لخطورة خطوة السلطة، "ولا تقل عن المطالبة برحيلها لتنازلها عن أهم ثابت من ثوابت القضية الفلسطينية".

وكانت السلطة، قد تقدمت بدعوى إلى الجنائية الدولية في 28 أيلول 2018، وجاء فيها أن الولايات المتحدة الأمريكية انتهكت اتفاقيات فيينا للعلاقات الدبلوماسية المؤرخة في 18 نيسان 1961، من خلال نقل سفارتها إلى القدس، والاعتراف بها كعاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي.

وطلبت السلطة من المحكمة في الدعوى، أن تضع حدًّا لإجراء نقل السفارة والاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال، وأن تحصل على ضمانات وتأكيدات بألَّا يتكرر هذا السلوك مرة أخرى. في حين ردت الولايات المتحدة بأنها غير ملزمة بـعلاقات تعاقدية مع السلطة الفلسطينية بموجب اتفاقية فيينا.