قائمة الموقع

أكرم زعيتر.. المثقف والسياسي والشاهد على الكفاح الفلسطيني

2021-11-29T14:41:00+02:00
صورة أرشيفية

على الجانب الآخر من الفكر والبحث والكفاح يقف الخطيب المفوه الأديب والسياسي القومي العربي أكرم زعيتر، الذي تأثر أدبه بالجاحظ وأبي حيان التوحيدي وابن حزم، ومحمد إسعاف النشاشيبي وشكيب أرسلان، وخليل السكاكيني الذي ارتبط به أكرم بوثاق شديد، وظل طوال عمره يباهي بتتلمذه على يد هذا الأديب الكبير، وبلغ من تأثره بعلمه وشخصه أن أطلق اسم "سري" على بكر أبنائه؛ تشبها بأستاذه السكاكيني "أبي سري".

أكرم زعيتر المولود عام 1909 في مدينة نابلس، كان والده الشيخ عمر زعيتر من كبار رجالات نابلس، وترأس بلديتها في أوائل القرن العشرين، أما شقيقه فهو شيخ المترجمين العرب عادل زعيتر.

أكمل أكرم زعيتر دراسته الثانوية في كلية النجاح، ثم انتسب إلى "الجامعة الأمريكية" في بيروت، والتحق بعدها بكلية الحقوق في القدس.

زاول زعيتر في بداية حياته مهنة التعليم، وعلى أثر ثورة عام 1929 في فلسطين وحملة المندوب البريطاني على الثوار العرب، استقال من مهنة التدريس ليتفرغ للعمل الوطني، فتولى رئاسة تحرير صحيفة "مرآة الشرق" في القدس، وبعد ثلاثة أشهر من عمله في الصحافة، قبض عليه وأودع السجن نتيجة لانخراطه في العمل الوطني، وحوكم بالإبعاد مدة سنة إلى نابلس، وهناك قاد المظاهرات الوطنية، خاصة يوم إعدام الشهداء الثلاثة: فؤاد حجازي ومحمد جمجوم وعطا الزير في مدينة عكا.

عودة إلى القدس

لدى عودته إلى القدس مرة أخرى، تولى تحرير صحيفة "الحياة" التي قامت بدور مهم في تحريك أحداث عام 1931، ومرة أخرى جرى اعتقال زعيتر وأُغلقت الصحيفة، وأبعد من جديد إلى مدينة نابلس حيث تولى التدريس في "كلية النجاح"، وألف مع نخبة من رفاقه "جمعية العناية بالمساجين العرب".

وفي تلك الفترة أسس مع عدد من رفاقه حزب "الاستقلال العربي" في فلسطين. وكان ينشر مقالاته الوطنية على صفحات صحيفتي "الدفاع" و"الجامعة الإسلامية" في يافا.

اشترك زعيتر في تأسيس "عصبة العمل القومي" في سوريا، كما ساهم بتأسيس "نادي المثنى" و"الجوال القومي" في العراق. وبعد عودته إلى فلسطين، شرع في عقد الاجتماعات الشعبية في جميع أنحاء فلسطين؛ داعيا للمقاومة ولمجابهة الانتداب البريطاني.

مع اندلاع ثورة عام 1936، اعتقل وأدخل سجن صرفند، ثم لجأ إلى دمشق ومنها اتجه إلى العراق، حيث عمل مفتشا في وزارة المعارف وأستاذا في دار المعلمين العراقية، إلى أن نشبت ثورة الكيلاني عام 1941 فشارك فيها، وحين أخفقت الثورة لجأ وصحبه إلى بادية الشام واختفوا مدة فيها، ثم لجأ إلى حلب ومنها إلى تركيا ليقضي ثلاثة أعوام لاجئا سياسيا في الأناضول.

بعد إعلان استقلال سوريا عام 1945 عاد إلى دمشق، وأصبح مقربا من رئيسها شكري القوتلي، كما مثل سوريا في كثير من النشاطات القومية، وكان مستشارا لوفدها لدى جامعة الدول العربية، وعضوا في لجنة فلسطين الدائمة في الجامعة العربية.

واصل زعيتر رئاسة الوفود العربية؛ ففي عام 1947 ترأس وفدا عربيا إلى أمريكا اللاتينية لشرح قضية فلسطين والدفاع عنها، واشترك في معظم المؤتمرات الوطنية والإسلامية المنعقدة في المشرق العربي، وتولى أمانة سر "الندوة الإسلامية" في القدس عام 1959، ومثل الأردن في الأمم المتحدة.

وفي عام 1963 عين سفيرا للأردن لدى سوريا، ثم سفيرا للأردن لدى إيران وأفغانستان، وفي عام 1966 عين وزيرا للخارجية الأردنية، وفي العام التالي أصبح عضوا في مجلس "الأعيان" الأردني، ثم وزيرا للبلاط الملكي الأردني.

عاد زعيتر إلى السلك الدبلوماسي عام 1971 سفيرا للأردن لدى لبنان واليونان حتى عام 1975، ثم عاد ثانية إلى عضوية مجلس "الأعيان" لأربع دورات متتالية.

إثراء الحركة الثقافية

في أثناء إقامة أكرم زعيتر في لبنان في الثمانينيات، القرن الماضي، ساهم في الحركة الثقافية، وكان رئيسا لـ"المركز الثقافي الإسلامي" لسنوات طويلة، كما شارك الشعب اللبناني معاناته في أثناء الحصار الإسرائيلي لبيروت عام 1982، فقد أصيب منزله كما احترقت مكتبته التي تضم رسائل من كبار الشعراء والأدباء العرب في الوطن والمهجر، مما سبب له حزنا عميقا، فغادر بيروت إلى عمان، حيث تولى رئاسة "اللجنة الملكية لشؤون القدس".

كما عين عضوا في "مجمع اللغة العربية الأردني"، وعضوا في "المجمع الملكي لبحوث الحضارات الإسلامية" في "مؤسسة آل البيت".

احتلت مؤلفات زعيتر مكانة مرموقة في المكتبة العربية، وقد انفرد بتسجيل أدق تفاصيل الكفاح الفلسطيني لحظة حدوثها بأمانة وموضوعية، ومن أهم المؤلفات: "تاريخنا" مع درويش المقدادي، "المطالعة العربية "مع محمد ناصر، "التاريخ للصفوف الابتدائية" مع علي الشريقي وصدقي حمدي، "التاريخ الحديث" مع مجيد خدوري، "رسالة في الاتحاد" مع ساطع الحصري وكامل مروة، "مهمة في قارة"، "القضية الفلسطينية" نقله موسى خوري إلى الإنكليزية، كما نقله أكبر هاشمي رفسنجاني إلى الفارسية، ونقله د. شمس إلى الأردية.

ومن مؤلفاته أيضا: "وثائق الحركة الوطنية الفلسطينية 1918 ـ 1939"، "الحكم أمانة"، "بدوي الجبل وإخاء أربعين عاما"، "بواكير النضال، من مذكرات أكرم زعيتر 1909 ـ 1939"، "من أجل أمتي من مذكرات أكرم زعيتر 1939 ـ 1946"، "صفحات ثائرة من مقالات أكرم زعيتر"، "أوراق أكرم زعيتر، وثائق القضية الفلسطينية 1918 ـ 1940"، "يوميات الثورة الكبرى والإضراب العظيم 1936 ـ 1939"، "يوميات أكرم زعيتر: وثائق الحركة الوطنية الفلسطينية 1935 ـ 1939".

توفي أكرم زعيتر بمنزله في عمان إثر إصابته بسكتة قلبية عام 1996، ووري الثرى في المقبرة الإسلامية في سحاب جنوب عمان، بعيدا عن مسقط رأسه نابلس.

اخبار ذات صلة