شعور التخمة صعب ومؤلم، ولكنه ليس كما تبادر إلى ذهن الكثيرين، بل تخمته من نوع آخر، إذ إنه متخم بالصور التي تحتوي على قصص ذات أبعاد إنسانية ونضالية، وتظهر مدى تشبث الفلسطيني بأرضه للدفاع عنها وعن مسجد الأقصى، كان ذلك دافعًا ليطلق معرضًا وكتابًا مصورًا يحمل عنوان "صورة وقصتها-القدس".
المقدسي محفوظ أبو ترك واحد من أقدم المصورين الصحفيين في القدس المحتلة، عايش أحداث انتفاضة الحجارة ثم انتفاضة الأقصى وما تلاها من هبات. تجربته امتدت لعقود، تنقل خلالها بين غزة ومدن الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس، مكرسًا حياته بين الميدان ومعمل تحميض الصور لإرسالها إلى الجهات التي يعمل معها، وذلك قبل ظهور الصور الرقمية.
يقول لصحيفة "فلسطين": "أمتلك الكثير من الصور التي تعد ولا تحصى، تحمل جميعها في طياتها رسالة عن القمع الإسرائيلي وممارساته بحق أبناء شعبي، ودفاع الشعب الفلسطيني عن أرضه بشتى أشكال النضال".
ويشير أبو ترك إلى أنه يطلق هذا المعرض والكتاب المصور في ظل استمرار الهجمة على المسجد الأقصى، التي كانت في السابق مناسبة لإطلاق الفعاليات والمعارض والكتب، أما اليوم فقد باتت حدثًا يوميًّا بل حتى يتكرر مرات عديدة في اليوم الواحد، في فعل إجرامي واضح بحق المقدسات الإسلامية يقوم به الاحتلال تحت أعين الجميع ولا حراك.
والكتاب عبارة عن صورة وقصة، يقع في 40 صفحة تضم 20 صورة ذات أبعاد إنسانية ونضالية وغيرها. واختار أبو ترك بعض الصور والقصص البارزة والواضحة التي توصل رسالة مختلفة عن الأخرى، فكل صورة حملت موضوعًا معينًا.
إحدى الصور حملت قصة المرأة الفلسطينية المتمسكة بأرضها والمدافعة عنها وكأنها أحد أبنائها، وسردت معها قصة حقيقية وواقعية، وبعض الصور التي عرضت في الكتاب حملت براءة بعض الشباب الفلسطينيين الذين لولا هذه الصورة لما ثبتت براءتهم أمام محكمة الاحتلال ولفرض عليهم عقوبة بالأسر.
وصورة لشيخ الأمة رائد صلاح الذي يدافع عن الأقصى بروحه وسنوات عمره، وأخرى لمجزرة الأقصى والاقتحامات، ولعنصرية ووحشية جيش الاحتلال الإسرائيلي؛ تظهر أحد الجنود وقد كتب على سترته "ولدت لأقتل".
حروف تدحض رواية العدو
ويضيف أبو ترك لحديثه: "ليس كل صورة فحسب بل كل حرف دون بين صفحات الكتاب هو دحض للرواية الإسرائيلية الكاذبة والمزيفة بشكل واضح وصريح، فالصورة لا تغني فقط عن 1000 كلمة، بل عن كل الكلام، وهي كفيلة بكشف زيفهم".
ويبين أنه من خلال كتابه المصور يوصل رسالة ذات حدين، الأولى يظهر فيها القمع والعنصرية الإسرائيلية التي تستخدم كل أشكال الأسلحة ضد الفلسطينيين، والثانية تظهر الوجه المشرق للشعب الفلسطيني في نضاله وتصديه لعمليات التهويد والتهجير وهدم المنازل وكل الإجراءات القمعية التي يمارسها الاحتلال ضد الشعب.
ويحاول أبو ترك من خلال المعارض والكتاب أن يحشد أكبر قدر ممكن من المؤيدين للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، والذي هو في أمس الحاجة للدعم الدولي من العالم.
ويطمح إلى أن يصدر كتابًا آخر بكل الصور التي التقطتها عينه الثالثة، والتي صُوِّرت من بداية مشواره الصحفي، والتي أجدر ما تكون شهادة على العصر، لكونه وثق كل الاجتياحات الإسرائيلية للمدن الفلسطينية، والاقتحامات للمسجد الأقصى، فالشعب الفلسطيني لا بد أن يحصل يومًا على حريته مهما طالت السنون، "فنحن شعب حي ونمتلك القدرة لأن نصنع لأنفسنا الحياة وهو واضح من خلال الفعاليات التي يشارك فيها الشعب رغم أنه يرزح تحت الاحتلال"، وفق حديثه.