تقف سلطات الاحتلال الإسرائيلي حائلًا أمام كل مزارع فلسطيني يحاول إحياء أرضه في قرية "النبي إلياس" كغيرها من قرى محافظة قلقيلية والضفة الغربية المحتلة عمومًا.
فمنذ سنوات تحاول سلطات الاحتلال بشتى الطرق دفع أهالي القرية لترك أراضيهم لصالح الاستيطان والطرق الالتفافية للمستوطنين فيها، وتعمد لأجل ذلك إصدار عشرات الإخطارات بمنع البناء، والتجريف المستمر ومصادرة الآليات الزراعية.
وأقدمت آليات الاحتلال العسكرية، في اليومين الماضيين، على تجريف أرض زراعية للمواطن أكرم نوفل في قرية النبي إلياس، وأتلفت مزروعاتها ودمرت محتويات المزرعة من طاقة شمسية وشبكات ري وغرف تخزين.
هجوم مباغت
وقال نوفل إنه بعد أن التهم جدار الفصل العنصري أرض والده في شمال قلقيلية، لجأ لشراء دونميْن من الأرض في "النبي إلياس" شرق المدينة، وحولتها عائلته على الرغم من الصعوبات الإسرائيلية إلى "جنة صغيرة".
وأشار نوفل لصحيفة "فلسطين" إلى أن والده يمنح أرضه لكل من يريد التنزه أو قضاء وقت لطيف ممن التهم الاستيطان وجدار الفصل العنصري أراضيهم، وهو ما أغاظ الاحتلال لكون عشرات المزارعين ساروا على ذات الدرب.
لكن جرافات الاحتلال، باغتت العائلة دون سابق إنذار بتجريف أرضهم، ليتصل الجيران بالعائلة التي وصل منها "أكرم" فوراً للمنطقة، وطالب قوات الاحتلال بإبراز أمر رسمي بالهدم والتجريف فكان جوابهم: "أوامر عليا".
وأكد نوفل أن تجريف أرضه الزراعية يأتي في سياق الأطماع الاستيطانية في قرية "النبي إلياس"، لافتًا إلى أن الاحتلال يحاول وأد أي محاولات لتعمير الأرض وزراعتها.
وكنتيجة لسياسات الاحتلال، بات المواطن محمود باكير عاطلًا عن العمل بعد مصادرة الاحتلال آليته "باقر" في يوليو الماضي، الذي يساعد فيه المزارعين على بناء أسوار لأراضيهم بالحجارة كي يشرعوا في زراعتها واستصلاحها.
وقال باكير إنه منذ يوليو والاحتلال يمنع أهالي القرية من امتلاك أي آلية زراعية؛ بهدف الحيلولة دون زراعتهم أراضيهم.
وأشار إلى أن الاحتلال يشترط قبل القيام بأي عمل زراعي الحصول على تنسيق بواسطة "الارتباط الفلسطيني"، معتبرًا ذلك خطوة هدفها التضييق على المواطنين والمزارعين على السواء، تمهيدًا لمصادرة أراضيهم لبناء طرق التفافية للمستوطنين.
ووفقًا للباحث في مركز أبحاث الأراضي رائد موقدي، فإن قلقيلية تعتبر من أكثر محافظات الضفة معاناة نتيجة الاستيطان الإسرائيلي، لافتًا إلى أنه يوجد على أراضيها أكثر من 15 مستوطنة تسيطر على مساحات شاسعة من أراضيها.
وقال إن معظم هذه المستوطنات قائمة على حوض الماء الغربي للمحافظة، ما يعني أن المياه شحيحة بالنسبة لأراضي المواطنين التي ينبغي زراعتها، كما أن شبكة الطرق لتلك المستوطنات قسمت القرى بالمحافظة لأكثر من خمسة أقسام ومنعت التواصل الجغرافي فيما بينها.
واستدل على ذلك بما يحدث في "النبي إلياس" التي يوجد فيها 23 إخطار عدم بناء في أراضي المواطنين القريبة من الطريق الاستيطاني الالتفافي الذي يلتهم مساحات واسعة منها، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن هذا الطريق قسم القرية إلى قسمين ومنع تنقل المشاة الفلسطينيين على جانبي الطريق.
وتطرق إلى معاناة قرية "كفر قدوم" التي تعاني إغلاق مدخلها الجنوبي منذ عام 2000م وتعاني سيطرة مستوطنة "قدوميم" والشارع الالتفافي الخاص بها على أراضيها ما عزلها كاملًا عن محيطها الفلسطيني.
وأكد موقدي أن القطاع الزراعي في المحافظة أصبح "شبه مدمر" وهناك مساحات شاسعة من الأراضي في القرى التابعة لها معزولة بالكامل والمزارعون لا يستطيعون الوصول لها بسبب الاستيطان عدا عن تحويلها لـ"مناطق عسكرية إسرائيلية مغلقة".
ونبه إلى أن مستوطنة "ألفي منشيه" المجاورة لقرية "النبي إلياس" يقوم الاحتلال بضخ المياه العادمة منها بكميات كبيرة إلى حقول الجوافة الفلسطينية المجاورة لها، ما ينعكس سلبًا على القطاع الزراعي والثروة الحيوانية بالمنطقة.
وحذر الباحث في شؤون الاستيطان من خطورة مخططات الاحتلال الرامية إلى توسعة مستوطنات "قدوميم" و"شافي شمرون" ما يعني التهام المزيد من أراضي قلقيلية.