فلسطين أون لاين

تقرير "بسمة" تحيك السعادة على وجوه الأطفال بدمى الـ"كروشيه"

...
غزة/ يحيى اليعقوبي:

تمسك خيط صوف وصنارة معقوفة الرأس تغرزها برفق من أسفل القطعة القماشية المحاطة بهيكل معدني ومحشوة بالقطن تاركة منفذًا لمرور الخيط خلفها بهدوء ودون عائق للحاق بها، ثم تعيد الإبرة والخيط من الأعلى وتعاود الكرة مرات لا حصر لها في حركات متناسقة، حيث تضع بسمة محمود (33 عامًا) بصمتها في صناعة دمى "إميجورومي".

تستغرق صناعة الدمية الواحدة عدة أيام، في عملية مليئة بالتعقيد وتتطلب نفسًا طويلًا ودقة في صناعة الدمى الصوفية، وبعد أن تخيط هيكل الدمية تتوقف كثيرًا عند تشكيل ملامح الوجه والعيون والأنف والفم، والشعر، لتكمل أخيرًا بتصميم ملابس الدمية.

فن حياكة الدمى على شكل حيوانات أو شخصيات كرتونية محشوة بالقطن وصلت فيه ريادية الأعمال بسمة إلى مستوى عالٍ، على طريق احتراف فن "الكروشيه" الذي اشتهرت به اليابان قبل آلاف السنين، واستحدث في الوطن العربي في السنوات العشر الأخيرة.

تفاصيل متشابهة

على متجر "بسمة ستور" الإلكتروني تنشر بسمة مجموعة من مشغولاتها على تطبيق "إنستغرام"، وقد لا تختلف التفاصيل كثيرًا بين دمية صنعتها وشخصية بطلة الكرتون "مارينت ميراكيلس" بشعرها الأزرق الذي يشبه لون عينيها، وثوبها الأحمر المرقع بدوائر سمراء، ومثل لون الثوب ترتدي قناعًا تنكريًّا، كما صنعت دمى لشخصيات كرتونية محببة إلى الأطفال كـ(فانيليانا، وماشا والدب، وسنووايت، وروبانزيل، وفنانيس، حتى فتاة "اليونيكورن" بشعرها المتطاير).

تقول بسمة: "لا أزعم أني أصنع شخصيات تشبه الإنسان، لكن يمكنني صناعة دمية تحاكي شخصية آدمية على شكل لعبة أطفال، كلون وتفاصيل الشعر أو العيون واللباس، وشكل الجسم نحيفًا أو سمينًا مثل محاكاة الكاريكاتير للشخصيات".

تلك التفاصيل تصنعها في زاوية بغرفة أطفالها اتسعت لموهبتها، وكانت المساحة الوحيدة التي استطاعت فيها إخراج موهبتها للعالم.

بدأت مشروعها عام 2016م هواية تهادي صديقاتها وعائلتها الذين شجعوها على الانطلاق في مشروع "الكروشيه"، فأنشأت صفحة في مواقع التواصل الاجتماعي، ولاقت الدمى استحسان الكثير من روادها.

طورت بسمة موهبتها بتلقي دورات عبر الإنترنت مدفوعة الأجر من مدربين مصريين ودول أوروبية، وتطمح إلى الوصول لأعلى مستويات الاحترافية في حياكة الدمى من خيوط الصوف، كما تقول.

أخذت استراحة من عملها على صناعة دمية، مشيرة في حديثها لـ"فلسطين" إلى أن صناعة الدمية تختلف من واحدة إلى أخرى، إذ تبدأ أولى مراحل الإنتاج من الخيط وإبرة الصوف، وقد تحتاج الدمية لهيكل معدني كسلك ليمنحها ثباتًا، ولتكون أكثر متانة، ولا يخلو الأمر من بعض الاكسسوارات لتبدو أجمل.

أما الأدوات التي تستخدمها فتتشكل من خيط إكريلك، وصنارة، وإبرة تنظيف، والفيبر، والقطن، وأقمشة ستان، وأزرار، وشعر مستعار، وألوان لإضافة تفاصيل إلى كل قطعة، وبعض الإكسسوارات.

ابتسامتها هنا ممزوجة بصعوبة الجهد المبذول: "قد تستغرق صناعة ميدالية على شكل دمية ساعة، وقد تستغرق أخرى بطول نصف متر عشرين يومًا، وذلك حسب التفاصيل المطلوبة في كل قطعة".

عقبات حاضرة 

ولما كان "الكروشيه" فن مشغولات يدويًّا؛ فلا يخلو الأمر من عقبات، لعل أهمها عدم تقبل أهالي قطاع غزة "الأسعار العالية" في نظرتهم إلى هذا النوع من المشغولات، إلا فئات معينة "تقدر هذا الدمى وتطلبها"، فصعب على المواطن الذي يشتري ميدالية على شكل دمية بسعر لا يتجاوز ثلاثة شواقل اشتراؤها بعشرة شواكل أو أكثر، وكذلك الدمية البلاستيكية أو القماشية التجارية التي تباع في الأسواق بسعر يراوح بين 20 و30 شيقلًا، مقابل 80 شيقلًا لدمية "إميجرومي".

وتشير إلى أن عدم توافر كل الخامات اللازمة يكون أحيانًا عائق أمام إتمام الدمى، وتلجأ إلى شحن تلك المستلزمات عبر مواقع البيع الإلكتروني، وهنا تعقيد آخر يتمثل في الشروط التي يضعها الاحتلال الإسرائيلي على الشحن الفردي، تقول: "ففي بعض الأحيان يكون الأمر مجازفة، فقد يحجز الطرد أو يمنع إدخاله، الصعوبة الأخرى أني أخشى إنجاز مشروع كامل وألا تباع الدمى، لذلك أصنع الدمى بناء على الطلب، وحتى الآن ليس لدي أي قطعة غير مبيعة، والحجز يكون قبل موعد التسلم بشهر".

عن مستوى الطلب على الدمى؛ تفلت منها ابتسامة رضا: "الحمد لله، الطلب على المنتج متوازن مع المدة التي أستغرقها في صنع القطعة، فما إن أنتهي من قطعة حتى يصل إلي طلب لصناعة أخرى، وفي المناسبات والأعياد ومواسم التخرج أستعين ببعض الصديقات اللواتي يتقن هذا الفن (...) هناك استفسار عن الأسعار بشكل كبير، لكن السعر يقف عائقًا".

"ما يميز دمية "إميجرومي" أنها آمنة على الأطفال وصديقة للبيئة، كذلك عمرها أطول من أي دمية، وممكن للطفلة توريثها لأبنائها حينما تصبح أمًّا، كذلك نسبة تلفها ضعيفة بسبب متانة الحياكة، صنعت خصيصى لطفل، وهذا يا يزيد قيمتها" تختم بسمة.

 

المصدر / فلسطين اون لاين