فلسطين أون لاين

ذكراها الثالثة

تقرير في غزة.. "حد السيف" تبدد وهم "سيرت متكال"

...

مساء الحادي عشر من نوفمبر عام 2018 تسللت قوة إسرائيلية خاصة شرق مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، بهدف زرع منظومة تجسس للتنصت على شبكة اتصالات المقاومة، لكن سرعان ما تحولت هي ومعداتها إلى فريسة في شباك المقاومة.

صيد ثمين، كشف عن سرعة استجابة ويقظة ومهارة أمنية عالية لدى كتائب القسام، وفشل استخباري وأمني كبير لاستخبارات الاحتلال الإسرائيلي.

ويصادف اليوم الذكرى السنوية الثالثة لعملية "حد السيف"، التي حطمت فيها كتائب القسام وحدة "سيرت متكال" إحدى أهم الوحدات الخاصة بجيش الاحتلال، وأمْنتها بفشل كبير.

تفاصيل العملية

اكتشف مجاهدو القسام القوة المتسللة واشتبكوا معها، فأوقعوا قائدها قتيلًا وأصابوا آخرين، قبل أن يفر بقية أفرادها تاركين سلاحهم ومعداتهم في أرض المعركة يجرون ذيول الخيبة والفشل تحت غطاء ناري كثيف جدًا من طائرات الاحتلال، ما أدى إلى استشهاد القائد القسامي نور بركة، وستة مجاهدين آخرين.

حاول الاحتلال وعبر قصفه للمركبة الخاصة بالوحدة إخفاء أي أدلة قد تساعد المقاومة في التعرف على أهداف عملية التسلل، أو الحصول على الأجهزة التقنية والمعدات الخاصة بالعملية، إلا أنه فشل مجددًا.

العملية التي نجحت كتائب القسام في إفشالها، أطلقت عليها اسم "حد السيف"، والتي اعترف الاحتلال رسميًا بفشلها في تحقيق أهدافها ومقتل قائدها.

قرار الرد

وأمام هذا التغول الإسرائيلي، كشفت كتائب القسام آنذاك أنه فور كشف مجاهدي القسام للقوة الخاصة الإسرائيلية شرق خانيونس والتعامل معها، تداعت هيئة أركان القسام لدراسة الموقف العملياتي وأجمعت على الرد على جريمة العدو، وبينت أنه صدر قرار من قائد هيئة الأركان في كتائب القسام محمد الضيف بالرد بما يوازي حجم الاعتداء.

وفي اليوم التالي على جريمة الاحتلال، أعلنت كتائب القسام عن استهداف حافلة تقل جنودًا إسرائيليين بصاروخ موجه (كورنيت) شرقي جباليا شمال قطاع غزة.

في حين أعلنت غرفة العمليات المشتركة للمقاومة الفلسطينية قصف المواقع العسكرية والمستوطنات المتاخمة لقطاع غزة بعشرات الصواريخ، وهو ما أسفر عن مقتل إسرائيلي وإصابة عدد آخر بجروح بالغة الخطورة في مدينة عسقلان.

فك الشيفرة

وخلال عملية إجلاء الاحتلال قوته الخاصة التي حاصرها مجاهدو القسام شرق خانيونس، دمرت طائرات الاحتلال المركبات الخاصة بالوحدة لإخفاء أي أدلة أو معلومات قد تساعد المقاومة الفلسطينية في التوصل لمنفذي عملية التسلل، أو القبض عليهم.

استطاعت كتائب القسام خلال العملية السيطرة على أجهزة تقنية خاصة بالوحدة المتسللة، ومعدات تحتوي على أسرار كبيرة، ظن العدو أنها تدمرت باستهدافه مركبات القوة ومعداتها أثناء انسحابها.

وبسرعة قياسية تمكنت كتائب القسام من كشف تفاصيل عملية حد السيف، والتي استطاعت من خلالها إفشال عملية زرع أجهزة تجسس في قطاع غزة، كما تمكنت من الكشف عن أفراد القوة بأسمائهم وصورهم وطبيعة مهامهم، والوحدة التي يعملون فيها، وأساليب عملها، ونشاطها الاستخباري والتخريبي في العديد من الدول العربية؛ ما دفع رئيس أركان الاحتلال أفيف كوخافي إلى الاعتراف بأن حماس نجحت في السيطرة على وثائق عسكرية ومعدات وأجهزة مهمة تابعة للقوة الخاصة.

فشل كبير

وأجبر الفشل الذريع للوحدة "سيرت متكال" شرق خانيونس وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان على الاستقالة بعد يومين فقط من العملية، كما أجبر قائد قسم العمليات الخاصة بشعبة الاستخبارات العسكرية بجيش الاحتلال والقائد السابق لوحدة سيرت متكال على الاستقالة بعد أسابيع.

وكان محلل الشؤون العسكرية في القناة 14 العبرية، ألون بن ديفيد قد أقر في وقت سابق أن ما كشفته كتائب القسام سيدمر مشاريعَ للاحتلال في غزة ودول عربية، قضى سنين في بنائها عبر أفراد هذه الوحدة.

وأكد بن ديفيد أن ما نشرته كتائب القسام من صور لمنفذي عملية خانيونس السرية يُعد أعلى مستويات الضرر، وهو ضرر استراتيجي لن تقتصر آثاره على حدود قطاع غزة، وإنما على منطقة الشرق الأوسط كلها.

تداعيات مستمرة

ولا تزال ارتدادات وتداعيات عملية "حد السيف" متواصلة سياسيًا وأمنيًا وعسكريًا داخل المؤسسة الإسرائيلية حتى اللحظة، فقد كشف ضابط كبير في جيش الاحتلال في الأول من أكتوبر الماضي عن استنكاف جزء من جنود الوحدة الخاصة المتسللة في خانيونس نتيجة للصدمة التي تعرضوا لها خلال العملية.

وقال قائد شعبة الاستخبارات في جيش الاحتلال "تامير هايمان": نتحدث عن عملية بالغة التعقيد، ولم يعد كل من اشترك في تلك العملية إلى العمليات لأسباب غير طبيعية، حيث تعرض بعضهم لصدمات شخصية بعدها، حيث خرجت القوة من وضع صعب للغاية.

نقطة تحول

وشكلت عملية "حد السيف" انتصارًا أمنيًا وميدانيًا فارقًا مع الاحتلال، وسجلت تحولًا مهمًا في طبيعة المعركة وتثبيت قواعد الاشتباك، وراكمت نقاط قوة جديدة لقدرات المقاومة تمكنها من مواجهة عدوانه وإفشال أهدافه، وكسر هيبته.

كما أظهرت قدرة المقاومة النوعية على مفاجأة العدو ويقظتها العالية، واستعدادها الدائم للدفاع عن أبناء شعبنا، وأثبتت أنها الحامية الحقيقية لشعبنا من أي عدوان أو تغول صهيوني.

الناطق العسكري باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام أبو عبيدة أكد أن ما تحصلت عليه القسام من معلومات ومعطيات مختلفة في العملية يمثل كنزًا استخباريًا حقيقيًا، وضربة غير مسبوقة لاستخبارات العدو وقوات نخبته الخاصة والسرية.

وأضاف أنّ ما بحوزتنا لم يكن للاحتلال في أسوأ كوابيسه أن يتخيل وقوعه بين أيدينا، وأنّ المقاومة توظّف هذا الذخر الأمني والاستخباري لصالحها في معركة العقول وصراع الأدمغة بينها وبين الاحتلال.

وتابع أبو عبيدة: نعد الاحتلال بأنّ ما لدينا سيكون له أثر عملياتي واضح في معاركنا المقبلة معه، وعلى قيادة العدو أن تقلق كثيرًا مما بين أيدينا، وأن تترقب مليًا أثره ونتائجه، مؤكدا أن المقاومة أوصلت رسالتها للعدو بأن اللعب في ساحة غزة هو مغامرة وحماقة، وأنها ستظل لعنة تطارده إلى أن يفنى.

ومن حد السيف وما قبلها إلى سيف القدس وما بعدها، ستبقى المقاومة الفلسطينية وفي طليعتها كتائب القسام، ماضية في سبيل الإعداد والاستعداد لصد ومواجهة كل محاولات العدوان من الاحتلال، ومقاومته حتى دحره عن أرضنا.

المصدر / موقع حركة "حماس" الإلكتروني