تحاول (إسرائيل) الهروب للأمام من خلال الإعلان عن تشكيل لجان تحقيق أو إعادة التحقيق في جرائمها بحق الفلسطينيين في محاولة منها لذر الرماد في العيون ولتغييب الحقيقة عن المجتمع الدولي، وتجنب المثول أمام الجنائية الدولية على اعتبار أن المساءلة المحلية والداخلية تعفي من المساءلة الدولية.
وكانت قناة "الجزيرة" القطرية، كشفت في برنامج "ما خفي أعظم" أن سلطات الاحتلال أعادت فتح التحقيق في قمع وتعذيب أسرى فلسطينيين في سجن "النقب" الصحراوي عام 2019، وشرعت بأخذ شهادات من الأسرى الذين تعرضوا للتعذيب.
ويأتي التحقيق بعد تسريب لقطات وشهادات من سجن "النقب" ركزت على عملية القمع التي تمت في ذات السجن عام 2019، ونشر لقطات وشهادة مسربة من داخله.
وقال مدير جمعية واعد للأسرى والمحررين عبد الله قنديل: إن ادعاءات الاحتلال بإعادة فتح التحقيق في الاعتداءات التي تعرّض لها الأسرى في "النقب" تهدف لذر الرماد في العيون ولن تخرج بقرارات مرضية.
وأضاف قنديل لصحيفة "فلسطين" أن قرارات لجان التحقيق الإسرائيلي ستبقى مجرد حبر على ورق ولن تنصف أسرانا، مؤكدًا أن جميع لجان التحقيق التي شكلت خلال السنوات الماضية انحازت جميعها للسجان وللمحققين على حساب أسرانا.
وبين أن فتح التحقيق يعد محاولة إسرائيلية جديدة للضغط على الأسرى وزيادة الجرائم الممارسة بحقهم، مضيفًا: "الأولى أن تشكل لجان التحقيق من المؤسسات الحقوقية والإنسانية الدولية فالاحتلال لا يؤتمن على أسرانا".
وحث السلطة لأن يتعدى دورها عبارات الشجب والتنديد والاستنكار، والتوجه إلى المحافل الدولية ومجلس الأمن ومحكمة الجنايات الدولية لمحاسبة الاحتلال على جرائمه.
بدوره، أكد مدير الإعلام في وزارة الأسرى والمحررين إسلام عبده، أن الاحتلال يحاول الالتفاف على القانون الدولي وملاحقته من الجنائية الدولية لارتكابه جرائم موثقة بحق الأسرى.
ورأى عبده، عبر صحيفة "فلسطين" أن إعادة فتح التحقيق، محاولة لامتصاص غضب الرأي العالمي وإظهار أن كيان الاحتلال دولة قانونية تحاسب مرتكبي الجرائم وخشية من ردة فعل العالم ولتجنب المثول أمام القضاء الدولي.
وقال: "يتبع الاحتلال أسلوب تشكيل لجان تحقيق داخلية في جرائمه لإيماء العالم بأنه دولة قانونية وتحاسب جنودها وقادتها، كي تتجنب المثول أمام محكمة الجنايات الدولية على اعتبار أن المساءلة المحلية والداخلية تعفي من المسائلة الدولية.
وعن دور السلطة قال عبده، يقع على السلطة العبء الأكبر على اعتبار أن الجرائم المرتكبة بحق الأسرى موثقة بالصوت والصورة ومدعمة بإفادة الشهود من محررين عاشوا تلك الفترة وتعرضوا لإجرام السجان، داعيًا إياها لحمل الملف لكل المؤسسات الدولية والحقوقية لإدانة الاحتلال ووقف جرائمه بحق أسرانا.
من جانبه، قال مسؤول دائرة الأسرى في حركة المجاهدين وليد مقداد: إن أي لجان تحقق تشكلها سلطات الاحتلال بمثابة ذر الرماد في العيون والخشية من ردة فعل العالم ضدها.
وأضاف مقداد لصحيفة "فلسطين": "إن إعادة فتح التحقيق بما تعرض له الأسرى من قمع في سجن "النقب" عام 2019، صوريًا؛ فالاحتلال لا يؤمن بالحرية أو الاستقلال، ويقلب الحقائق بشكل مستمر حتى لا ينكشف أمره".
وذكر مقداد، وهو أسير محرر، أن ما نقلته قناة الجزيرة، من اعتداءات على الأسرى شيء يسير لما يتعرضون له، مؤكدًا أن الاحتلال لا يأبه بالقرارات والقوانين الدولية التي تكفل توفير الحماية لهم.
وحث المؤسسات الدولية والحقوقية والإنسانية لتشكيل لجان مختصة يشارك فيها محررين للتحقيق في الجرائم التي يتعرض لها المعتقلين خلف أسوار السجون، وتخرج بقرارات فاعلة تنفذ على أرض الواقع لحماية الأسرى.
من جهته، وصف مسؤول ملف الأسرى في الجبهة الديمقراطية إبراهيم منصور، إعادة فتح التحقيق، بالإجراء الروتيني المكرر، وجاء بعد انفضاح أمرها أمام العالم بما تمارسه من جرائم بحق أسرانا.
وأكد منصور عبر صحيفة "فلسطين" غياب الدور الرسمي الفلسطيني تجاه ما يتعرض له الأسرى ونقل ملفهم إلى الجنائية الدولية لمحاسبة قادة وجنود الاحتلال عن الجرائم التي يمارسونها.
ودعا وزارة الخارجية لنقل ملف الأسرى لكل المحافل الدولية وإطلاع العالم على الجرائم الممارسة بحق المعتقلين في مقدمة لتقديم قادة وجنود الاحتلال للقضاء الدولي ومحاسبتهم.
بينما أكد ممثل حركة الجهاد الإسلامي في لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية، ياسر مزهر، أن إعادة التحقيق "لا يسمن ولا يغني من جوع، فاللجان الإسرائيلية اعتدنا عليها بانحيازها الواضح والصريح لجنودها وضباطها".
وطالب مزهر عبر صحيفة "فلسطين" كل المنظمات الحقوقية والدولية وأحرار وشرفاء العالم لتشكيل موقف موحد لإدانة الاحتلال، وملاحقة مجرمي الحرب وتقديمهم إلى المحاكم الدولية بسبب الجرائم العقابية التي ارتكبت بحق أسرانا، ولمنع الالتفاف على القانون الدولي بإجراء محاسبات ومحاكمة داخلية.