فلسطين أون لاين

حوار "صالح": سياسات السلطة أحبطت الفلسطينيين وجعلتها خادمة للاحتلال

...
المدير العام لمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، د. محسن صالح (أرشيف)
بيروت- غزة/ نور الدين صالح:

قال المدير العام لمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، د. محسن صالح: إن سياسات السلطة في رام الله، تسببت بإحباط الشعب الفلسطيني وفقدانه بشعور الثقة والمصداقية تجاهها، حتى "أصبحت حجر عثرة أمام الفلسطينيين".

وانتقد صالح خلال حوار خاص مع صحيفة "فلسطين"، سياسات السلطة وأداءها في الضفة الغربية وقطاع غزة، إذ إن قيادتها رهنت نفسها لمسار التسوية الذي أثبت فشله على مدار السنوات الماضية.

وأضاف أن "السلطة ما زالت تجري وراء السراب، والمؤسف أنها أصبحت تجبر الشعب الفلسطيني على ذلك المسار، رغم أن الشعب بصفة عامة وفق استطلاعات الرأي هو مع خط المقاومة".

وأوضح أنه جرى تقزيم المشروع الوطني تحت القيادة الحالية في إطار السلطة التي تخدم أغراض الاحتلال أكثر من الشعب الفلسطيني، وتنسق معه وتعطّل المؤسسات الكبرى وخاصة منظمة التحرير وأفرغتها من محتواها واحتكرت صناعة القرار.

وتابع: "نحن أمام حالة تقزيم لقيادة السلطة من حركة تحرر إلى حالة خدماتية تصب في مصلحة الاحتلال من خلال التنسيق الأمني وتعطل مسار الوحدة الوطنية وإصلاح البيت الفلسطيني".

وشدد على أن "القيادة فقدت حالة الثقة والمصداقية، وهي شرط أساس وضروري لممارسة أي عمل قيادي فلسطيني، الأمر الذي دفع الشعب إلى البحث عن بدائل تدفع باتجاه استئناف العمل الوطني على أسس سليمة".

وبيّن أن سياسات رئيس السلطة محمود عباس قائمة على التفرد بالقرار، إذ أصدر قبل ذلك مراسيم بعد أن أنهى المجلس التشريعي وعطّله، وسطر على المؤسسات وجعل صناعة قرار المؤسسات مرتبط بشخصه، وصولاً لإفشال مسار المصالحة.

وبحسب صالح، فإنه يجب على قيادة السلطة التنحي وإعادة الاعتبار للشعب الفلسطيني، بدلاً من الإصرار على المضي بنفس السياسات والتنسيق الأمني وتكريس حالة الانقسام.

واستهجن استمرار الملاحقات الأمنية والاعتقالات السياسية التي تمارسها أجهزة أمن السلطة، وخنق العمل الوطني الحر، قائلاً: "بدلاً من أن تفسح المجال للحريات وخلق بيئة أفضل لإعادة الثقة للحالة الفلسطينية ذهبت للملاحقات وقتل الناشط السياسي نزار بنات، وهو ما أوصل الحالة لطريق مسدود".

وانتقد الدور السلبي للسلطة بفك الحصار عن قطاع غزة وإعادة الإعمار وتثبيت الموظفين في أماكنهم، وعشرات الملفات الأخرى، معتبراً ذلك "السبب الذي دفع المقاومة إلى أن تنادي بقيادة انتقالية تستطيع نقل الشعب من هذه الحالة لأخرى ترتب لأوضاع قادمة بشكل أفضل".

حالات شعاراتية

وفي موضوع ذي صلة، انتقد مدير مركز الزيتونة، تكرار اجتماعات منظمة التحرير بقيادة عباس، ولا سيما أن نتائجها تبقى "حبيسة الأدراج"، ولا تُنفَّذ على أرض الواقع.

ونبه صالح إلى أن السلطة هددت أكثر من مرة بوقف التنسيق الأمني وسحب الاعتراف بالاحتلال وتفعيل المقاومة الشعبية، "لكنها لم تفعل شيئاً"، مضيفاً: "نحن أمام تكرار حالات شعاراتية لم تعد تنطلي على الشعب الفلسطيني الذي يتطلع لبدائل حقيقية".

ولفت إلى أن استطلاعات الرأي أثبتت تراجع تأييد عباس بسبب سياساته تجاه الشعب الفلسطيني، في حين تتقدم حركات المقاومة بذلك.

وجدد التأكيد أن الحالة الفلسطينية أصبحت معوقاً في إطارها القيادي عن تطوير المشروع الوطني الفلسطيني والانتقال لمراحل متقدمة في إعادة ترتيب البيت أو السير في النضال والتحرير والعودة.

وحول محاولات السلطة العودة للمفاوضات، قال إن السياسة الأمريكية معروفة في جوهرها تجاه القضية الفلسطينية سواء في عهد الديمقراطيين أو الجمهوريين، ولا يزال الفلسطينيون حجر الزاوية في سياستها.

واستهجن تعويل السلطة على الرئيس الأمريكي جو بايدن برعاية المفاوضات مع الاحتلال، مضيفاً: "بايدن لم يفعل شيئاً تجاه قرارات ترامب السابقة، ولا في السياسات الأخرى، وكل ما يجري مجرد إعلانات واستهلاك للوقت وتوفير غطاء للاحتلال للاستمرار في تهويد الأرض والإنسان ومحاولة تقديم سراب للحالة الفلسطينية".

واستطرد: "يفترض على قيادة السلطة أن تكف عن هذا الفعل لكونها تعرف الحقائق، فإذا لم تستطع هي التقدم للأمام، فعليها إفساح الطريق لمن يستطيعون التقدم للأمام في إطار قيادة الشعب الفلسطيني".

وبشأن حالة الاستياء الدولي واتهام السلطة بالفساد، قال صالح: إن ملفات الفساد التي تمارسها السلطة لم تعد مقتصرة على الشعب الفلسطيني، بل أصبحت مكشوفة على المستوى الدولي، ولا سيّما الدول المانحة.

وبيّن أن هذا الأمر يحشر السلطة في الزاوية، ويجعلها غير قادرة على تسويق نفسها على الصعيد الدولي، متابعاً: "المشكلة أصبحت مُركّبة ومضاعفة لدى السلطة، وهو إطار يعوق قدرات وإمكانات الشعب الفلسطيني وحتى الراغبين بمساعدته ينفضون بهذه الطرق لهذه الأسباب".

بلفور وضعف السلطة

وفي سياق الحديث عن وعد بلفور الذي تمر ذكراه الـ 104، عزا صالح إصرار بريطانيا على عدم الاعتذار للشعب الفلسطيني، إلى ضعف أداء قيادة السلطة على المستوى العربي والإقليمي والدولي، إضافة إلى ضعف البيئة العربية والإسلامية الداعمة للشعب الفلسطيني.

وأوضح أن البيئة العربية والإسلامية من الناحية الرسمية، أصبحت لا تشكل رافعة قوية في قضايا الشعب الفلسطيني، "وهذا يضعف حالتنا في الضغط على بريطانيا"، حسب رأيه.

وأشار إلى أن العقلية البريطانية الاستعمارية لا ترى في ممارساتها ضد الفلسطينيين من احتلال وتنكيل وإقامة كيان غاصب "جريمة تستوجب الاعتذار"، إضافة إلى أنها تخشى من مترتبات الاعتذار وتحملها مسؤولية تعويض الشعب الفلسطيني.

واستبعد إقدام الحكومة البريطانية على الاعتذار للشعب الفلسطيني، "لذلك نحتاج إلى ضغوط كبيرة ووحدة قيادة فلسطينية كبيرة وعربية وإسلامية قوية تغير في الرأي العام البريطاني"، وفق قوله.

التطبيع العربي

في سياق منفصل، استهجن صالح، إقدام دول عربية على تطبيع علاقاتها مع الاحتلال، على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه، معتبراً ذلك "يضعف القوة الفلسطينية والبيئة الإستراتيجية".

ووصف تطبيع الأنظمة العربية، بأنه "قشرة سطحية" ولا تعكس إرادة الشعوب، لافتاً إلى أن التطبيع قائم منذ أكثر من 40 سنة، وهناك دول لها علاقات "من تحت الطاولة".

وبيّن أن مسار التطبيع أثبت فشله منذ ظهور الربيع العربي وكان يسقط مع كل انتفاضة فلسطينية، مضيفاً: "عندما تزول القشرة وتأتي فرص التعبير للشعوب، فإنها ستُعبر عن إرادتها وأصالتها".

وختم صالح حديثه: "نحن غير قلقين على الأمة ومستقبل المنطقة، لأن إرادتها ستغلب وستفرض نفسها، رغم ظن بعض الأنظمة أنها تجد الحماية الأمريكية من التطبيع".