فلسطين أون لاين

تقرير الدعوة لاعتماد سياسة وطنية لمقاومة التمويل الغربي المشروط لـ"المجتمع المدني"

...
صورة أرشيفية
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

دعا مختصون لاعتماد سياسة وطنية رسمية وأهلية لمقاومة التمويل الغربي المشروط لمؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، معبرين عن رفضهم للسياسات الغربية التي تربط تمويل هذه المؤسسات بعزل نفسها عن محيطها الوطني.

وأكدوا خلال الجلسة الحوارية التي نظمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية "مسارات" في مقره بمدينة غزة، أول من أمس، لمناقشة ورقة تحليل سياسات بعنوان "نحو سياسات فاعلة لمواجهة التمويل المشروط سياسيًّا لمؤسسات المجتمع المدني" ضرورة بلورة موقف موحّد للوقوف في وجه المحاولات الغربية لـ"تسييج" عمل تلك المؤسسات.

اشتراطات غربية

واستعرض عضو منتدى الشباب للسياسات والتفكير الإستراتيجي في مركز مسارات أحمد الطناني ورقة تحليل السياسات، فأكد أن ملف الدعم الغربي المشروط لمؤسسات المجتمع المدني "حساس" ومؤرق لكل وطني يحرص على أهمية المجتمع المدني الفلسطيني على اعتبار أننا ما زلنا تحت الاحتلال.

وأشار لوجود (3400) مؤسسة مجتمع مدني تعتمد على التمويل الخارجي خاصة الغربي، وتصل قيمته نحو (1.6) مليار دولار سنويًّا، وفق تقديرات هيئة شؤون المنظمات الأهلية.

وبيّن أن التمويل الرئيس لتلك المؤسسات (أمريكي وأوروبي)، مشيرًا أنه منذ أحداث سبتمبر 2001 أحجمت عدة مؤسسات عن تلقي الدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية بسبب ربطها ذلك بالتوقيع على وثيقة ما يسمى "نبذ الإرهاب". وتلا ذلك إضافة الاتحاد الأوروبي في عام 2019 بنودًا تنص على منع وجود مستفيدين من أنشطتها من قائمة التقييدات الأوروبية ما يعني حرمان من ينتمون للفصائل الفلسطينية المشاركة فيها.

ولفت الطناني إلى أن الفارق بين الشروط الأوروبية والأمريكية، بأن أوروبا لا تتعامل مع كيانات (كالتنظيمات) بل يمكن لأشخاص من كيانات محظورة لديها الاستفادة بصورة شخصية من المشاريع الممولة منها.

وانتقد غياب المواجهة الرسمية الفلسطينية الفعلية للاشتراطات الأمريكية والأوروبية في الوقت الذي يزيد فيه التحريض الإسرائيلي بحق مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني وربطها بالفصائل وادعاء أن هذا التمويل يذهب لمقاومة الاحتلال.

وبلغ تصعيد الاحتلال الإسرائيلي ذروته بتصنيف وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي بيني غانتس مؤخرًا، لست مؤسسات حقوقية فلسطينية ناشطة في الضفة على أنها "إرهابية"، في استهداف ممنهج هدفه عزل تلك المؤسسات عن محيطها الوطني.

توحيد الجهود

واقترح الطناني مواجهة تلك الأزمة بتوحيد الجهود الرسمية والمدنية، عبر تعزيز التمويل الداخلي لتلك المؤسسات بما يمنحها شبكة أمان حقيقية، والبحث عن مصادر تمويل بديلة عربية وإسلامية ومن دول صديقة مناصرة للحق الفلسطيني، والضغط باتجاه تحسين شروط التمويل الغربي ورفض أي تمويل مشروط يقوض النضال الوطني الفلسطيني.

بدوره قال الخبير في الدراسات الاستراتيجية عبد الرحمن التميمي: إن التمويل في العلاقات الدولية دائمًا ما يكون مشروطًا، ووفق أجندة سياسية للممول، "لكن تكمن المشكلة في تعارضه مع الأجندة السياسية لشعبنا أحيانًا".

ودلل على ذلك بالشروط الأمريكية التي تستند في منح التمويل من عدمه لتقارير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وقوائم "الإرهاب" التي تنشئها، ما يعني حرمان أي مؤسسة أو شخص تعده "إرهابيًّا" من هذا التمويل.

من جانبها بينت مديرة جمعية اتحاد لجان المرأة تغريد جمعة صعوبة الحصول على أرقام دقيقة للتمويل الغربي لمؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني لغياب المرجعية الرسمية، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن الصعوبات في التمويل بدأت بعد اتفاقية أوسلو.

وتابعت القول:" قبل أوسلو كانت فترة ذهبية في الدعم الغربي لشعبنا، أما بعدها فاختلفت سياسة التمويل وأصبحت تخضع للاشتراطات ويتدخل الممولون بشكل كبير في طريقة توجيه الأموال".

بدوره قال رئيس شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا، إن ثمانينات القرن الماضي شهدت زخماً في التمويل التضامني غير المشروط لشعبنا، لتعزيز صموده، إلى أن حدثت الانتكاسة بالموقف الأمريكي والتحريض الإسرائيلي على تلك المؤسسات.

وذكر الشوا أن الاحتلال استغل الحصار على غزة ووضع الضفة والقدس الصعب، في التضييق على الدعم المقدم لمؤسسات المجتمع المدني.

وأكد على موقف تلك المؤسسات "الثابت" برفض التمويل السياسي المشروط، لأنه يمس الوطن والأخلاق والضمير والقانون.