أكد مراقبان اقتصاديان أن الفساد سيبقى مستشريًا في مؤسسات السلطة الفلسطينية، إذا بقيت الأخيرة متغوّلة على السلطتين التشريعية والقضائية وتقصي دور مؤسسات المجتمع المدني عن المراقبة والإصلاح.
وطالب المراقبان السلطة بعرض الموازنات السنوية لمعرفة مدى مطابقة الإيرادات للنفقات، وإظهار الحسابات الختامية، وإعادة توزيع المخصصات السنوية للوزارات لتأخذ في الحسبان الأبعاد التنموية والاقتصادية.
يأتي حديث المراقبين في أعقاب تقرير المدونة العالمية لمكافحة الفساد عن تفشي الفساد في السلطة، وتصريحات مماثلة لوزيرة الخارجية السويدية آن ليندي.
ويؤكد الاختصاصي الاقتصادي د. عبد الفتاح أبو شكر أن الفساد سيبقى يضرب بقوته أطناب المؤسسات الرسمية في ظل "غياب الجهات الرقابية".
ويبيّن أبو شكر لصحيفة "فلسطين" أن "قوانين ولوائح تنظيمية عدة أوجدها القانون الفلسطيني لحماية المال العام من الفساد، لكن العمل بها محدود جدًا وعلى نطاق ضيق".
ويشير إلى أن التعامل مع ملفات الفساد المكشوف عنها تبقى طريحة الأدراج ودون محاسبة فاعليها، وهو ما يشجع على التغوُّل في استنزاف المال العام دون أي اعتبار للقوانين.
ويلفت أبو شكر إلى أن التقارير الصادرة عن المؤسسات الأهلية المحلية والمؤسسات الدولية التي تتتبع مسلك السلطة في إدارة المال العام وما تتلقاه من مساعدات دولية، جميعها تدلل على وجود فساد كبير، وأن استمرار ذلك هدر للموارد الفلسطينية.
ويدعو الاقتصادي أبو شكر السلطة إلى عرض الموازنات السنوية لمعرفة مدى مطابقة الإيرادات للنفقات، وإظهار الحسابات الختامية.
وذكرت المدونة العالمية لمكافحة الفساد، أن الفساد في السلطة الفلسطينية مترسّخ بعمق حيث أنه بين عامي 2008 و2012 فقط، اختُلس أكثر من 2.3 مليار دولار من أموال مساعدات التنمية المقدمة من الاتحاد الأوروبي إلى السلطة الفلسطينية.
وأضافت المدونة أن السلطة أنفقت في 2017 مبالغ طائلة على شركات ومشاريع وهمية، بما في ذلك شركة طيران غير موجودة، وبدلًا من تطوير برامج الرعاية الاجتماعية لتوزيع أموال الخدمات الاجتماعية أو مساعدات التنمية على الفلسطينيين، تخصص السلطة الفلسطينية الأموال لمدفوعات رواتب ضباط الأمن والمسؤولين الحكوميين.
من جانبه يؤكد الاختصاصي الاقتصادي د. نائل موسى، أن توجيه الممولين الأوروبيين الاتهام مباشرة إلى شخصيات متنفذه في السلطة الفلسطينية في سرقة المساعدات الموجهة للطبقات الاجتماعية الفقيرة، يضع بلا شك السلطة في حرج دولي.
ويوضح موسى لصحيفة "فلسطين" أن ذلك من شأنه أن يدفع بالجمهور الأوروبي الطلب من دولهم مراقبة أين تذهب الأموال الموجهة للفلسطينيين، خاصة وأن معدلات الفقر والبطالة في الأراضي الفلسطينية في صعود.
ويذكر موسى أن السلطة مطالبة بالبحث عن حلول لخفض معدلات الدين العام، وإعادة النظر في المصروفات العالية التي تنفقها على قطاع الأمن على حساب قطاعات الزراعة والصناعة.
ووفق أرقام الدين العام الصادرة عن وزارة المالية برام الله، بلغ الدين العام (4.6) مليارات دولار، بما لا يشمل المتأخرات المتراكمة على حكومة محمد اشتية.
كما يدعو موسى السلطة إلى التوظيف في مؤسساتها وفق مبدأ تكافؤ الفرص، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وتعيين لجان مختصة بمكافحة الفساد في الدوائر الحكومية، وسنّ تشريعات وعقوبات واضحة للمفسدين، وتفعيل دور الإعلام في حملات توعوية لمكافحة الفساد.
ويؤكد أهمية البحث عن توسيع العلاقات التجارية مع العالم العربي للخروج من هيمنة الاحتلال الإسرائيلي على السوق الفلسطيني.