توافق اليوم، 29 أكتوبر/ تشرين الأول، الذكرى الـ65 لارتكاب الاحتلال الإسرائيلي مجزرة بشعة بحق أهالي قرية "كفر قاسم" داخل الأراضي المحتلة عام 1948، لإحداث نكبة تشرد جديدة، إلا أنه باء بالفشل.
ففي ذلك اليوم من عام 1956، ارتكبت سريّة من جيش الاحتلال المجزرة التي راح ضحيتها 51 شهيدًا بينهم نساء إحداهن كانت حاملًا في الشهر الثامن.
تزامن ذلك مع أول يوم من العدوان الثلاثي على مصر، وقد كشف الباحث اليهودي آدم راز، عن مخطط إسرائيلي لترحيل سكان 27 قرية في منطقة المثلث شمال فلسطين المحتلة إلى الأردن إذا ما شارك الأخير في الحرب.
وبعد نحو ساعة من بدء المجزرة أصدرت قيادة الاحتلال أوامر بوقف إطلاق النار على الأهالي، وفرضت عليهم بعد عام ونيّف "صلحة" عبرت عن استخفافها بالمواطنين وأرواحهم، وقدّمت "تعويضات" هزيلة لأهالي الشهداء والجرحى أكدت نهجها الإجرامي في تعاملها مع الفلسطينيين.
وما أراده الاحتلال من تهجير الأهالي وإحداث نكبة تشريد شديدة لم يحدث، وقد بقي سكان "كفر قاسم" والقرى المحيطة وفلسطينيو الداخل المحتل متمسكين بهويتهم وعروبتهم وانتمائهم لفلسطين، ووصل عددهم إلى مليون ونصف المليون شخص في الداخل المحتل.
وبشأن الظروف السياسية التي سبقت المجزرة، فإن زعيم المشروع الصهيوني منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتى وفاته في السبعينيات دافيد بن غريون، الذي كان رئيسًا للوزراء ووزيرًا لجيش الاحتلال إبان الجريمة، أسس المشروع على عقيدتين: الأولى إقناع اليهود أن فلسطين لهم، والثانية تفريع الأرض من أصحابها.
وأدرك بن غريون بعد نكبة 1948 أن من تبقى من الفلسطينيين يشكلون خطرًا كبيرًا على مشروعه، وخاصة من هم في المنطقة ما بين الخضيرة وعسقلان، التي كانت بالنسبة له صلب المشروع الصهيوني، فحرص أن تكون خالية من العرب خاصة القرى المحيطة بمدينة يافا واللد والرملة.
كما شكل المثلث الجنوبي لكفر قاسم خنجرًا في خاصرة الاحتلال، وكان لا بد من التخلص من تلك القرى بإذاعة الخوف وتهجير أهلها، فارتكب المجزرة عام 1956، معتقدًا أن انتشار خبر المجزرة بين القرى المجاورة سيؤدي إلى هروب وهجرة الفلسطينيين.
لكن المجزرة بالنسبة للفلسطينيين في الداخل المحتل شكلت نقطة تحول مركزية في تعاطيهم مع المحتل، وقد أعطى عدم خروجهم من بيوتهم إلى مناطق بالضفة الغربية وقطاع غزة مؤشرًا للمجتمع الإسرائيلي أن العرب لن يكرروا نكبة 1948.