قال رئيس المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج د.أنيس القاسم: إن كل الضغوط والأزمات المفروضة على قطاع غزة، تشكل جزءًا من المخطط الذي تسهِم في بنائه وتنفيذه السلطة؛ لإحباط أبناء شعبنا، ودفعه للقبول بتفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" عبر تجفيف منابع تمويلها، ودفعه للتنازل عن حقوقه، والقبول بدولة "أبارتهايد"، وتقسيم الضفة إلى كنتونات، مؤكدًا في السياق ذاته، أن المقاومة في غزة تستطيع إحباط هذا المخطط.
وأضاف القاسم لصحيفة "فلسطين"، أمس: إن السلطة تنفذ المخطط؛ لأنها "مفلسة إفلاسا شديدا في خلق بدائل عن المفاوضات التي مارستها على مدار 25 عاما دون تحقيق أي شيء، ولم يبق أمامها إلى الرضوخ لمطالب أمريكا والاحتلال".
وتابع: "إنه لم يبق أمام السلطة إلا أن تقدم التنازلات على غرار قيادة أوسلو، حتى تظهر لأمريكا أنها ما زالت تسير بطريق التسوية"، محذرا من موافقة السلطة على الشروط الأمريكية والاعتراف بـ"يهودية الدولة"؛ وهو ما يعني شطب القضية الفلسطينية من أساسها وسيطرة الاحتلال على المياه والسيادة، فضلا عن إقامة حدود آمنة على خط نهر الأردن، وشطب قضية اللاجئين.
تفكيك "أونروا"
وأوضح القاسم أن العنوان الأول للمخطط الذي يحاك ضد القضية هو تفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" وإدماجها بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، مستدركًا: "لو لم تكن هناك أونروا لاندثرت قضية اللاجئين، لأن الوكالة تملك سجلا كاملا فيما يتعلق باللاجئين منذ عام 1948م سواء حول أعدادهم أو أملاكهم".
وأشار القاسم أن محاولة تفكيك "أونروا" كانت قديما تمارس عبر بالونات اختبار، إلا أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يطمح لأن تتبنى سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، نيكي هايلي –المنحازة بشكل كامل للاحتلال- الموضوع والدفع به للأمام تمهيدا لتفكيك الوكالة.
وتابع: "إذا أوقفت أمريكا تبرعها لأونروا باعتبارها أكبر المتبرعين لها سيسبب ذلك ضربة قاضية للوكالة، خاصة أن الدول الأوروبية تخشى معاندة أمريكا"، مشيرا إلى أن دول الخليج المتبرع الثاني الأكبر بعد الولايات المتحدة سوف تلبي المطالب الأمريكية، وبالتالي ستصبح الوكالة من دون مصادر مالية، مبينًا "أن هذا هو الحل الذي سيكون مقبولا لدى الرأي العام الدولي".
ورأى أن عبث السلطة برواتب موظفيها، هو بداية المسلسل الذي تلعبه في إحباط أهالي قطاع غزة، "حتى يقبلوا بأي شيء يفرض عليهم، لتصفية القضية الفلسطينية؛ الذي بدا واضحا منذ القمة الأمريكية الإسلامية الخليجية التي عقدت مؤخرا بالرياض، حتى تصبح القضية غير مهمة، وبالتالي يتفرغ الاحتلال لمواجهة إيران بمساعدة دول الخليج، وتصبح هي العدو وليس الاحتلال الإسرائيلي".
وأكد أن نتائج قمة الرياض دليل على أن دول الخليج أصبحت تأتمر بأوامر الإدارة الأمريكية، لافتا إلى أن مخطط أمريكا "ماض وهي تريد بأن تلحق المدن الفلسطينية بعد أن تصبح كنتونات صغيرة معزولة عن بعضها للأردن.. وغزة لمصر".
قوة المقاومة
وأكد رئيس المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، أن فشل مخطط تصفية القضية الفلسطينية يعتمد على مقاومة الشعب الفلسطيني، خاصة في ظل حالة النهوض الفلسطيني بالضفة، مشيرا إلى أن المقاومة بغزة قادرة على إحباط هذا المسلسل، وأثبتت خلال العدوان الإسرائيلي عام 2014م، أنها قادرة على صنع المعجزات وبإمكانها التصدي لأي عدوان جديد.
فلسطينيو الخارج
وحول دور فلسطينيي الخارج أمام ما تتعرض له القضية الفلسطينية، قال القاسم: "إن فلسطينيي الخارج ما زالوا يواصلون العمل منذ مؤتمر إسطنبول الذي عقد في نهاية فبراير/ شباط الماضي".
وأكد القاسم أن المؤتمر يستطيع إحداث التأثير المطلوب في إعادة البنية الهيكلية لمنظمة التحرير الفلسطينية بإشراك 6 ملايين فلسطيني يعيشون خارج فلسطين فيها، مؤكدا أنه لا يستطيع أي مسؤول فلسطيني تجاهلهم.
واستدرك رئيس مؤتمر فلسطينيي الخارج: "إذا تقدمنا بمشاريع قبلها الشارع والرأي العام الفلسطيني سيحدث تأثيره على القضية الفلسطينية، ويكسب تأييد الشارع الفلسطيني، وستكون السلطة في موقف ستخضع لرغبات الجماهير".
وأضاف القاسم: "لا تستطيع السلطة أن تهمل نصف الشعب الفلسطيني مهما طغت واستكبرت، مشيرا في ذات السياق، إلى أن السلطة ليست معنية بتطوير برنامج للشعب الفلسطيني؛ لأنه لم يبق لها شيء تطرحه، مستسلمة لكل المطالب الأمريكية.
وتابع: "لو كان عندها بدائل لاستقطبت الشعب الفلسطيني وحافظت على هيكلية المنظمة وأعادت هيكلتها، لأن منظمة التحرير إنجاز للشعب الفلسطيني"، منوهًا إلى أن قيادة السلطة تريد أن تنتهي من عبء المنظمة.
ودلل على ذلك، أن قيادة السلطة "ما زالت تسحب الصلاحيات من المنظمة لصالح السلطة"، محذرا من خطورة الأمر؛ لأنها مصدر الصلاحيات القانونية طبقا لاتفاق "أوسلو"، وهذا يعني أن المنظمة ستصبح في جيب الاحتلال.
وبين أن مؤتمر فلسطينيي الخارج لم يقدم للسلطة أية اقتراحات عملية حول ملفات متعلقة بإجراءات انتخابات المجلس الوطني، وإعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية، وطرق إجراء الانتخابات، لافتا إلى أن الموضوع ما زال قيد الدراسة، وأن مؤتمره عقد اجتماعين وسيعقد اجتماعا ثالثا بعد عيد الفطر الذي قد يخرج عنه بعض الشيء في هذا السياق.
وأشار رئيس مؤتمر فلسطينيي الخارج إلى أنه يدرس مقترحات طرق إجراء انتخابات المجلس الوطني وكيفية إجرائها، والتواصل مع قيادة السلطة الحالية من عدمه، مؤكدا أن المؤتمر اجتمع في إسطنبول لسبب واحد وهو إعادة هيكلة منظمة التحرير وفتح الباب المغلق أمام ستة ملايين يعيشون في الشتات، مؤكدا أنهم بقوة الرأي العام الفلسطيني سيجدون تأييدا كاسحا لخطتهم لإجبار السلطة على تلبيتها.
وطالب القاسم بإجراء انتخابات المجلس الوطني وإفراز لجنة تنفيذية جديدة، موضحا أن عقد المجلس الوطني بشكله الحالي لن يغير من الوضع شيئا لأن الكثير منهم تقدموا بالسن، وبعضهم توفوا، ولم يبق إلا القليل منهم الذين يمكن السيطرة عليهم وإخضاعهم من قبل السلطة.

