رأى المختص في الشأن الإسرائيلي د. صالح النعامي، أن اعتراف جنرال سابق في جيش الاحتلال، بأن تدمير برج الجلاء في مدينة غزة خطأ جسيم، "لا يُضفي أخلاقية على الجانب الإسرائيلي الذي اعتاد العنصرية".
وأوضح النعامي خلال حديث مع "فلسطين"، أن هذه التصريحات لا تدل على ندم جيش الاحتلال على قصف البرج، إنما لكونه تسبب بمشكلات دبلوماسية لدولة الاحتلال.
وكان الجنرال في جيش الاحتلال السابق "نيتسان ألون" وصف استهداف برج الجلاء خلال العدوان الإسرائيلي مايو/ أيار الماضي، بأنه عملية ذاتية التدمير، لافتاً إلى أن الضرر الدعائي من الاستهداف فاق بأضعاف الفائدة العملياتية.
وقال الجنرال الذي شغل سابقاً عدة مناصب قيادية من بينها قائد المنطقة الوسطى ورئيس شعبة التخطيط في الجيش، بأن استهداف البرج الذي توجد فيه وسائل إعلام عالمية ومن بينها وكالة AP، كان عمليةً أضرّت كثيرًا بـ(إسرائيل)، منبهاً إلى أن الضرر الدعائي في العالم من الاستهداف فاق بأضعاف فوائد الاستهداف.
وبيّن النعامي أن قصف البرج مسَّ بصورة (إسرائيل) على الصعيد الدولي، خاصة أنه يضم مقارّ لوكالات إعلامية عالمية، مشيراً إلى أن هذا الهدف "ذاتي" سجلته (إسرائيل) في مرماها.
وأشار إلى أن التصريح أظهر أن الفائدة من قصف البرج أقل بكثير من الضرر الذي لحق بصورة (إسرائيل) وردة فعل المجتمع الدولي.
وبحسب النعامي، فإن هذه التصريحات لم تلقَ تأييداً من كل قادة جيش الاحتلال، "لذلك لن يكون تأثيره كبيراً، لأن المجتمع الإسرائيلي مريض بالعنصرية".
واستبعد أن يتوقف الاحتلال عن استهدافه الأبراج والأهداف المدنية، قائلاً: "عندما لا يستطيعون صد الفعل المقاوم في غزة يلجؤون إلى استهداف المقار المدنية".
ودعا النعامي المؤسسات الفلسطينية المختصة إلى ضرورة التركيز على تجريم قصف البرج، بغض النظر عن تصريحات الاحتلال.
وفي 15 مايو/ أيار الماضي أطلقت طائرات الاحتلال خلال معركة "سيف القدس" 4 صواريخ على برج الجلاء في حي الرمال بمدينة غزة؛ ما أدى إلى تدميره بالكامل.
ضرورة المحاسبة
عبّر منتدى الإعلاميين الفلسطينيين عن أسفه البالغ لعدم تحرك الاتحاد الدولي للصحفيين والمنظمات الدولية المعنية بحماية الصحفيين والمدافعة عن حقوق الإنسان لمحاسبة جيش الاحتلال على جرائمه باستهداف مقار أكثر من 50 مؤسسة إعلامية فلسطينية ودولية خلال عدوانه على غزة خلال مايو الماضي.
وأكد منتدى الإعلاميين في بيان صحفي أمس، أن تصريحات الجنرال "ألون" دليل إدانة جديد ضد جيش الاحتلال، يستدعي ضرورة الاستدراك والتحرك العاجل والفوري لمحاسبة جيش الاحتلال في مختلف المحافل الدولية على جرائمه ضد المؤسسات الإعلامية والصحفيين الفلسطينيين.
واعتبر أن التقاعس عن ذلك طوال الأشهر الماضية منذ توقف العدوان على قطاع غزة يغري جيش الاحتلال بتكرار جريمته، وليس أدل على ذلك من تبجح القناة العبرية مؤخرًا وإشارتها لإضافة هدف جديد لبنك أهداف الاحتلال في إثر افتتاح قناة الأقصى مقرها الجديد.
ودعا إلى ترجمة القوانين والمواثيق الدولية والإنسانية المؤكدة لحماية الصحفيين والمؤسسات الصحفية على أرض الواقع، وألا تبقى مجرد حبر على ورق في ظل استمرار مسلسل الاستهداف الإسرائيلي المتعمد للصحفيين ووسائل الإعلام في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأشار في السياق ذاته، إلى قرار 1738 لمجلس الأمن الدولي الذي نص على إدانة الهجمات المتعمدة ضد الصحفيين وموظفي وسائل الإعلام والأفراد المرتبطين بهم في أثناء النزاعات المسلحة، وأكد مساواة سلامة وأمن الصحفيين ووسائل الإعلام والأطقم المساعدة في مناطق النزاعات المسلحة بحماية المدنيين هناك، وضرورة اعتبار المنشآت والمعدات الخاصة بوسائل الإعلام أعيانًا مدنية لا يجوز أن تكون هدفاً لأي هجمات أو أعمال انتقامية.
وعبر منتدى الإعلاميين عن فخره واعتزازه بدور فرسان الإعلام الفلسطيني، إذ أقر الجنرال الإسرائيلي خلال كلمته بأن "نجاح الجيش على المستوى الدعائي العام كان جزئيًا إلى حد كبير، وأعتقد بأننا ضعفاء جدًا في القدرة على التأثير في الرأي العام بغزة خلال القتال".
ورأى المنتدى في ذلك إقرارًا بنجاح الإعلام الفلسطيني في حماية الجبهة الداخلية ومجابهة رواية الاحتلال على المستوى الدولي.