دعا مراقبون اقتصاديون، السلطة الفلسطينية وعبر سفاراتها المنتشرة، إلى استثمار مخرجات تقرير الأمم المتحدة للتجارة والتنمية -الذي تحدث عن تردي الاقتصاد الفلسطيني- في دفع المجتمع الدولي، لتقديم تدخلات عاجلة لوقف تدهور ما تبقى من مقومات اقتصادية، والضغط على الاحتلال لرفع قيوده عن الاقتصاد الفلسطيني وحاصره عن قطاع غزة.
وأظهرت نتائج تقرير صادر عن الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" بأن العام 2020 كان أصعب السنوات الاقتصادية على الفلسطينيين منذ تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994 لأسباب مرتبطة بالاحتلال وجائحة كورونا.
وقال الاختصاصي الاقتصادي د. رائد حلس: "إن نتائج التقرير الأممي طبيعية ومنطقية لما شهده الاقتصاد الفلسطيني في ذلك العام من صدمات جعلت الاقتصاد الفلسطيني يعيش عاماً هو الأسوأ منذ ما يزيد عن عقدين من الزمن وتحديدا منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000".
وأضاف حلس لصحيفة "فلسطين":" شكلت الصدمة الأولى التي تعرض لها الاقتصاد الفلسطيني العام المنصرم انتشار وتفشي جائحة كورونا وما رافقها من إجراءات وتدابير احترازية وقائية للحد من انتشارها ما تسبب في خسائر اقتصادية فادحة وصلت الى نحو 2.5 مليار دولار".
وتابع حلس: "فيما شكل تراجع وانخفاض المساعدات الخارجية المقدمة للسلطة الصدمة الثانية الأمر الذي أدى إلى زيادة الأعباء المالية على الحكومة وزيادة الدين العام مما أثر على أدائها ومهامها، وشكلت أزمة إيرادات المقاصة مع الاحتلال التي تصدرت المشهد الاقتصادي في ذلك العام الصدمة الثالثة".
وبين حلس أن الانكماش الاقتصادي أثر على المستويات المعيشة للمواطن الفلسطيني وتسبب في ارتفاع معدلات البطالة التي وصلت إلى معدلات غير مسبوقة واتساع دائرة الفقر وارتفاع وتيرة انعدام الأمن الغذائي وتزايد اعتماد المواطنين على المساعدات الإنسانية الاغاثية.
ودعا المجتمع الدولي لتقديم الدعم المالي ليتعافى الاقتصاد الفلسطيني من الصدمات التي تعرض لها الاقتصاد
وقبل 2020 كان الاقتصاد المحلي يواجه ضعف الإنتاج وتفتتاً جغرافياً وتشظياً في الأسواق المحلية إلى جانب قيود على استيراد المدخلات والتكنولوجيا وفقدان الأراضي والموارد الطبيعية للمستوطنات وتسرب الموارد المالية إلى دولة الاحتلال باستمرار.
بينما في 2020 أشار تقرير أونكتاد إلى فقدان أكثر من( 66) ألف موظف وظائفهم وارتفعت البطالة إلى (26%) بالمئة وفقدت السياحة ( 10) آلاف عامل، ما يعادل( 23 % ) من القوى العاملة في القطاع، وانكمش الاقتصاد الفلسطيني في 2020 بنسبة( 11.5%) وهو ثاني أكبر انكماش له منذ انشاء السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994، بينما الانكماش الأكبر مطلع الألفية الحالية بالتزامن مع انتفاضة الأقصى.
وتابع التقرير" انكمش قطاع المقاولات بنسبة( 36%) العام الماضي وقطاع الخدمات( 18%) والقطاع الصناعي بنسبة( 13%) والقطاع الزراعي بنسبة انكماش (9%).
من جهته اعتبر الاختصاصي الاقتصادي د. وليد الجدي أن أي تقرير أممي أو محلي عن الاقتصاد في فلسطين هو نقل صورة واقعية لحجم المعاناة فقط وليس له أي أثر على التنمية أو الحل، طالما استمرت العوامل الرئيسية التي تتدخل وتؤثر على الحياة الاقتصادية.
وقال الجدي لصحيفة "فلسطين" إن أسباب انهيار الاقتصاد الفلسطيني، تعود للاحتلال، واتفاقية باريس ، ، وتراجع الدعم الدولي، وأن ما سيرسخه التقرير الأممي في هذا الشأن سيكون لحظياً بزيادة الدعم المالي للسلطة للعبور من الأزمة، ولكن سنرجع للمربع الأول وهو تدخل السياسة وعدم وجود رؤية واضحة عند السلطة لتنمية الاقتصاد، وبالتالي يستمر النزيف الاقتصادي طالما القائمين على التنمية الاقتصادية في جانب والمجتمع في جانب آخر".
وأكد الجدي على ضرورة أن تضع السلطة خططاً استراتيجية وواقعية للتخلص من أزماتها الاقتصادية، وخفض معدل الدين العام ، وأن تسعى لتنفيذ برامج تنموية، وتطبق المطالب الداعية إلى الحد النفقات العليا.